صحف عبرية تتحدث عن إحباط إسرائيلي من فشل العدوان على غزة
بينما يواصل جيش الاحتلال اغتيالاته ضد النشطاء الفلسطينيين، ويزعم قدرته على الوصول لكل قائد عسكري، فإنه في الوقت ذاته لا يتردد في الاعتراف بالفشل في منع استمرار عمليات إطلاق الصواريخ، بدليل استمرار المقاومة في إطلاقها، ما يسبب إرباكا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث تقوم المقاومة بتجهيز منصات إطلاق صواريخ تحت الأرض، وتفعيلها عن بعد، وهي لا تزال تشكل خطرا على العمق الإسرائيلي.
دان بيري الرئيس السابق لنقابة الصحفيين الأجانب في إسرائيل، أعرب عن إحباطه من “عدم وجود حلّ جذري للجولات العسكرية أمام غزة، رغم أنه لا توجد دولة تستطيع استيعاب الهجمات الصاروخية، ولكن ربما، بعد 16 عامًا من القتال المتكرر، فقد حان الوقت للنظر في سياسة مختلفة، ورغم أن الوضع سيئ، فليس مستغربا أن يدعو الشعبويون الإسرائيليون لحرب شاملة تشمل دخول غزة، وتفكيك حماس والجهاد، ونزع سلاحهما، وإعادتها للسلطة الفلسطينية، رغم أنه سيكلف أرواحا من آلاف الفلسطينيين، ومئات الإسرائيليين”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن “القراءة الإسرائيلية للعلاقة مع غزة تضمنت تطبيق “قوانين الغاب”، وتضمن أن أي هدنة ستكون مؤقتة فقط، رغم أنها حالة ليست أخلاقية للغاية، وقد دأبت إسرائيل على الزعم دائما أن أهداف الاغتيالات تكمن في أنها تستهدف “قنابل موقوتة”، واليوم فإن هدف تحقيق “الردع” من حرب غزة، يبدو أنه لم يتم إثباته بالفعل، لكن من الواضح أنه بدلاً ممن تمت تصفيتهم، فإنه يتم تعيين “مسؤولين” جدد قريبًا”، وبالتالي فإننا أمام فشل أخلاقي، وسلوك ضارّ، وغير ضروري”.
بن كاسبيت المحلل السياسي لموقع “واللا” أكد أن “العملية العسكرية الجارية في غزة بدل أن تعمّها أجواء الانتصار، فقد استبدلت الأجواء بالإحراج الخفيف بسبب عدم توقف وابل النيران من التساقط على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهذا يعني أن الانتصار الإسرائيلي حدث بعيد المنال ويصعب تحقيقه، ويكاد يكون خياليًا، لأن هذا ما يسمى الصراع غير المتكافئ، لأنه إذا لم تكن لدى الاحتلال نية لاجتياح غزة، وإخراج جميع المسلحين من أماكنهم، فإنها مطالبة بجعل المواجهة أقصر ما يمكن، والسعي لإنهاء الحملة بأسرع وقت ممكن”.
وأضاف في مقال، أن “عدم تصدر حماس للواجهة هذه المرة، لا يجب أن ينسينا أن نتنياهو وعد بإسقاطها أكثر من مرة، دون جدوى، وقد استعرضت قائمة العمليات العسكرية للجيش ضد حماس في غزة منذ عام 2004، وهي: “قوس قزح”، و”أمطار الصيف”، و”السماء الزرقاء”، و”ضربة البرق”، و”السهم الجنوبي”، و”نبيذ صافٍ”، و”شتاء دافئ”، و”الرصاص المصبوب”، و”عمود السحاب”، و”الجرف الصامد”، و”الحزام الأسود”، و”حارس الأسوار”.
وتابع: “النتيجة أن ما حدث لحماس طوال 17 عدوانا إسرائيليا هو تحولها من منظمة صغيرة وضعيفة وغير آمنة، فها هي تقف اليوم بثقة على قدميها، مع ترسانة من آلاف الصواريخ، وقدرات جوية وبحرية، وقوة قتالية مدربة ومجهزة، وتطوير قدرات سيبرانية، حماس تزداد قوة، ولا ترتدع، ولا تنثني، ولا تخاف، بل تصدّر المقاومة إلى الضفة الغربية، وتكتسب شعبية بين جميع الفلسطينيين، وتزداد حدّتها اليوم، ما يجعل أي قرار بحرق “عش الدبابير” في غزة ينتهي بثمن دموي من آلاف القتلى الإسرائيليين”.
وأشار إلى أن “كل عام يمرّ يزيد من قوة حماس، وقدرتها على إيذائنا، صحيح أنه لم يتم تعريفها بأنها تهديد وجودي على إسرائيل، لكننا سنستيقظ ذات يوم، ونعثر على شبيه لحزب الله على أسوار عسقلان، وستكون كارثة استراتيجية لا يمكن تصوّرها، وحينها لن يكون لدينا وقت لتشكيل لجنة تحقيق، لأنه سيكون الكثير من القبور، لأن إسرائيل تركت حماس قنبلة موقوتة تستمر في “التكتكة”، لكنها في النهاية ستنفجر، لأن الحكومة الحالية ليس لديها سياسة أمنية جديرة، حيث يفتقر جزء كبير من وزرائها لأي خبرة، والبعض الآخر لم يخدم في الجيش”.
تكشف هذه الاعترافات الإسرائيلية عن إحباط من تطورات العدوان على غزة، صحيح أن الاحتلال أوقع العديد من الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين، لكن النتيجة الإجمالية لهذا العدوان لا تضمن توقف تنامي قدرات المقاومة، وهو ما تكشفه كل جولة من الجولات العسكرية القتالية في غزة، بين حين وآخر، وفي المحصلة فإننا أمام استنزاف إسرائيلي من قبل المقاومة التي ترمم قدراتها عقب كل عدوان.