تقرير: الرفع المستمر لأسعار الفائدة.. هل ينجح في كبح التضخم؟
تضمنت شهادة رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، قبل أيام أمام مجلسي الشيوخ والنواب، تحذيرات من اللجوء لرفع أسعار الفائدة بأسرع مما كان متوقعا في السابق من أجل استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم.
وتحدث رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي -أول أمس- أمام لجنة الشؤون المصرفية والإسكان في مجلس الشيوخ، وعاد ليكرر ما قاله أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب يوم الأربعاء.
وخلال العام الماضي، رفع بنك الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة القياسي 8 مرات إلى مستواه المستهدف الحالي بين 4.5% و4.75%، وتحدد هذه النسبة سعر الفائدة على الأموال التي تفرضها البنوك على بعضها البعض، لكنه يؤثر بصورة كبيرة في منتجات الديون الاستهلاكية الأخرى مثل الرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.
نسبة رفع سعر الفائدة القادم
حذر باول من أن أسعار الفائدة من المرجح أن تتجه أعلى مما توقعه صانعو السياسة في البنك المركزي، وقال إن التقارير الحكومية بشأن التوظيف والتضخم خلال فبراير/شباط المنتهي، والمقرر صدورها خلال الأسبوع المقبل، ستؤثر بقوة على قرار سعر الفائدة باجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي يومي 21 و22 مارس/آذار.
وأوضح أن بنك الاحتياطي الفدرالي سينظر في رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية، في وقت لاحق من هذا الشهر، وكان العديد من المحللين يتوقعون زيادة أخرى بنسبة ربع نقطة مئوية فقط.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي “إذا جاءت أحدث البيانات الاقتصادية أقوى من المتوقع، فهذا يشير إلى أن المستوى النهائي لأسعار الفائدة من المرجح أن يكون أعلى مما كان متوقعا في السابق”.
وأضاف “إذا كانت البيانات الإجمالية تشير إلى أن هناك ما يبرر تشديدا أسرع، فسنكون مستعدين لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة”.
وتشير بيانات اقتصادية أعلنت خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن “المستوى النهائي لأسعار الفائدة من المرجح أن يكون أعلى مما كان متوقعا بالسابق، والنتيجة هي أن أسعار الفائدة لن ترتفع أعلى مما توقعنا سابقا فقط، ولكن هناك مجال أقل بكثير لخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام مما كنا نعتقد في الأصل” كما قال باول.
وعلى مدار العام الماضي، رفع بنك الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة القياسي إلى أكثر من 4.5% -وهو أعلى معدل منذ عام 2007- استجابة لارتفاع الأسعار (التضخم) بأسرع وتيرة منذ عقود، وبلغ معدل التضخم في البلاد 6.4% في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي حين أن هذا أقل مما كان عليه خلال الأشهر السابقة، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من معدل 2% الذي يعتبر صحيا للاقتصاد الأميركي، وسيعني رفع أسعار الفائدة لتصل إلى 5% تلقائيا رفع تكاليف الاقتراض الذي يعد إحدى أهم الآليات لإبطاء ارتفاع الأسعار في الاقتصاد بصفة عامة.
ومن خلال اتباع سياسة رفع تكاليف الاقتراض، يأمل مسؤولو الاحتياطي الفدرالي تقليل الطلب على القروض لتوسيع الأعمال والمنازل والمشتريات الأخرى، مما يؤدي في النهاية لتهدئة الاقتصاد وتخفيف الضغوط التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وقد أدت هذه التحركات بالفعل إلى تباطؤ حاد في المجالات الحساسة لأسعار الفائدة في الاقتصاد، مثل سوق الإسكان.
وختم رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي حديثه بالقول إنه تمت “تغطية الكثير من المجالات، ولم يتم الشعور بالآثار الكاملة لتشددنا حتى الآن. ومع ذلك، لدينا المزيد من العمل للقيام به، الطريق قد يكون وعرا”.
سوق الأسهم
ودفعت تصريحات باول المتشددة إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية بشكل حاد، الثلاثاء والأربعاء، وأدت هذه الأخبار إلى صدمة للمستثمرين، حيث انخفضت جميع المؤشرات الرئيسية بشكل حاد، وارتفعت توقعات السوق لرفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة.
كما ارتفعت عوائد سندات الخزانة، ووصلت السندات لأجل عامين إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2007، وانخفض العائد على سندات الخزانة لأجل عامين إلى ما دون عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، وهي علامة على أن المستثمرين قلقون بشأن المستقبل الاقتصادي القريب.
وفي التعاملات المبكرة بالبورصة الأميركية، انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 1.6%، في حين انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز” 500 بنحو 1.4%، وانخفض مؤشر ناسداك بنسبة 1% تقريبا.
المقامرة بحياة الناس
أثارت شهادة باول الكثير من المعارضة بين المشرعين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى التيار اليساري بالحزب الديمقراطي، وقالوا إن هذه التحركات لن تفعل الكثير لمعالجة أسباب مشكلة التضخم، مثل الحرب في أوكرانيا وقضايا سلسلة التوريد، بينما تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي سيؤدي لطرد ملايين الأشخاص من العمل.
وقد ألقت السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارين، من ولاية ماساتشوستس، باللوم أيضا في مشكلة التضخم على التلاعب بالأسعار من قبل الشركات، ورد رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي بأن الاقتصاد سيكون في وضع أسوأ إذا لم يتحرك البنك المركزي، لكن وارين اتهمته بالتشخيص الخاطئ لسبب التضخم وتعريض سبل عيش ملايين الأميركيين للخطر دون داع، ووصفت الزيادات الثماني التي قام بها “الاحتياطي الفدرالي” على مدى الأشهر الـ 12 الماضية بأنها “دورة رفع أسعار الفائدة الأكثر تطرفا منذ 40 عاما”.
من ناحية أخرى، برزت مخاوف بعض الأعضاء من قرب موعد تخلف واشنطن عن سداد ديونها منتصف الصيف المقبل إذا لم يعالج الكونغرس قانون سقف الديون، لكن الجمهوريين طالبوا بأن تكون أي خطوة من هذا القبيل مصحوبة بتخفيضات حادة في الإنفاق.
ومن جانبه سأل السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، من ولاية نيو جيرسي، وقال “أليس حتى هذا القتال المستمر الذي يشكك في احتمال أن الولايات المتحدة لن تحترم إيمانها الكامل وائتمانها له عواقب داخل الاقتصاد؟”.
ورد رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي بثقة، وقال “من حيث المبدأ، يمكن ذلك، لكن أعتقد أن الأسواق والمراقبين يميلون إلى أن ذلك قد نجح في الماضي، لذلك يجب أن ينجح هذه المرة”.