في ظل تحذير أممي.. المنافسة تحتدم بين الشركات لابتكار أدوات ذكاء صناعي
أعلنت شركات التكنولوجيا الكبيرة في الولايات المتحدة والصين، أنها تعمل على ابتكار أدوات ذكاء اصطناعي مشابهة لـ”ChatGPT”، أطلقتها شركة OpenAI في تشرين الثاني/ نوفمبر، بالتزامن مع تحذير أممي من أن التقدم الذي أحرز مؤخرا في مجال الذكاء الاصطناعي يمثل خطرا بالغا على حقوق الإنسان.
واستثمرت شركة مايكروسوفت مليارات الدولارات في OpenAI، بهدف تجديد محرك بحث Bing قليل الاستخدام الخاص بها باستخدام تقنية OpenAI في محاولة للتنافس مع Google. لكن مستخدمي “Bing AI” أبلغوا عن عدم دقة المحادثات.
وأعلنت شركة غوغل عن أداة البحث Bard التي تستند على الذكاء الاصطناعي، عقب منافسة مايكروسوفت، لكن التطبيق الجديد تعرض لبعض الانتقادات بسبب بعض العيوب من خلال الإجابات الخاطئة.
وبدأت قاعدة البيانات PingCap الأمريكية الصينية، بتشغيل منتج قائم على ChatGPT في السوق، وأطلقت Chat2Query للعملاء خارج الصين في كانون الثاني/ يناير.
ومن المرتقب أن تعلن شركة علي بابا، الصينية، عن تقنية على غرار ChatGPT، لكنها لم تقدم جدولا زمنيا لإطلاق التطبيق، وذلك ما فعلته شركة التجارة الإلكترونية الصينية JD.com، حيث لم تحدد تاريخ إطلاق مشروع الذكاء الاصطناعي الخاص بها، لكنها قالت إن ChatJD سيركز على البيع بالتجزئة والتمويل، وسيساعد في مهام مثل إنشاء ملخصات المنتجات في مواقع التسوق والتحليل المالي، حسب شبكة “سي أن بي سي”.
ورأى محللون أن الرقابة في الصين ولوائح البيانات قد تؤثر على كيفية تطور التكنولوجيا المماثلة لـ”ChatGPT”، إذ دخل عمالقة التكنولوجيا في الصين بحذر لسباق تطبيقات الذكاء الإلكتروني، وما يعيق دخولهم إلى ميدان التطوير والابتكار في هذا المجال “بشراسة”، هو التنظيمات والرقابة على المحتوى في البلاد.
وأعلن بعض من عمالقة التكنولوجيا في الصين مثل علي بابا وبيدو عن نيتهم إطلاق تطبيقات على غرار تشات “ChatGPT”، إلا أنه وفق الإعلانات الصادرة عن الشركات فإن التطبيقات الصينية لن تكون متاحة للجميع لأن هذه الخطوة قد تقلق بكين التي تفرض رقابة شديدة على محتوى الإنترنت. وبدلا من ذلك، فقد تحدثت الشركات عن أن التكنولوجيا ستكون محصورة ومحددة، فاتخذت نهجا حذرا، بحسب شبكة سي أن بي سي.
وقال الخبير في مجال السياسات التكنولوجية أولبرايت ستونبريدج، إنه جراء التنظيمات المحلية الصينية التي تركز على منصات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، خصوصا خلال العام الماضي من قبل بعض الهيئات الحكومية الصينية، فإن منصات التكنولوجيا الكبيرة في البلاد تفضل عدم لفت الانتباه من خلال طرح أداة الذكاء الاصطناعي فتصبح تحت الرقابة أكثر.
وطور “ChatGPT” بواسطة شركة OpenAI الأمريكية، ويتيح المنتج للأشخاص كتابة الأسئلة وتلقي الإجابات على مجموعة كبيرة من الموضوعات، وهو مثال على الذكاء الاصطناعي الذي يدرب على كميات هائلة من البيانات.
إلا أن السلطات الصينية تمتلك سيطرة شديدة على محتوى الإنترنت، وغالبا ما تحجب المواقع أو تفرض رقابة على المحتوى الذي لا يتوافق مع سياستها. ولم يحظر “ChatGPT” رسميا في الصين، ولكن شركة OpenAI لا تسمح للمستخدمين في الدولة باستخدام المنصة.
وربما تكون استجابة تشات جي بي تي عن أسئلة حول مواضيع حساسة في الصين مصدرا للقلق لدى سلطات بكين. ويطرح التطبيق بعض التحديات لبكين.
تحذير أممي
وفي وقت سابق، أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، عن “قلقه الكبير إزاء قدرة التقدم الأخير في مجال الذكاء الاصطناعي على إلحاق الضرر”، بحسب فرانس برس.
وأضاف: “كرامة الإنسان وكل حقوق الإنسان في خطر كبير”، ووجه تورك “دعوة عاجلة إلى الشركات والحكومات من أجل أن تطور سريعا محاذير فعالة”.
وأكد: “نتابع هذا الملف عن كثب، سنقدم خبرتنا في مجالات محددة وسنسهر على أن يبقى بُعد حقوق الإنسان محوريا في تطور هذا الملف”.
وحضت عشرات الدول بينها الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي على وضع تنظيمات لتطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه في المجال العسكري، محذرة من “عواقب غير مرغوب فيها”، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعرب النص الذي وقعته أكثر من ستين دولة، عن مخاوف متعلقة بـ”مسألة الانخراط البشري” إضافة إلى “انعدام الوضوح على صعيد المسؤولية” و”العواقب غير المقصودة المحتملة”.
غير أن الذكاء الاصطناعي بات حاضرا في كل مجالات الحياة اليومية من الهواتف الذكية إلى الصحة والأمن، وبات ساحة المعركة الجديدة لعمالقة الإنترنت، مع تصدر “مايكروسوفت” التي تقدمت على كل الشركات المنافسة باستثمار المليارات في تطوير ChatGPT.
ويعد الذكاء الاصطناعي بثورة حقيقية في عمليات البحث على الإنترنت واستخدامات كثيرة أخرى ما زال يتحتم استكشافها. غير أن الخبراء يحذرون من أنه يطرح كذلك أخطارا مثل انتهاك الحياة الخاصة وخلل في الخوارزميات وغيرها، تستدعي تنظيم هذا القطاع، وهو ما يصعب القيام به في ضوء التطور السريع لهذه التقنيات، وفق فرانس برس.
وفي الوقت الحالي، يحتل الاتحاد الأوروبي موقعا مركزيا في جهود تنظيم هذه التقنيات الجديدة مع العمل على مشروع قانون يعرف بـ”إيه آي أكت” أو “قانون الذكاء الاصطناعي” قد تنتهي صياغته نهاية العام الحالي أو مطلع 2024، على أن يدخل حيز التنفيذ بعد بضع سنوات.