أخبار رئيسيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

أيها المسلم لا تكن سبهللًا

الشيخ كمال خطيب

ما أكثر نعم الله سبحانه وتعالى على الناس كل الناس {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} آية 34 سورة إبراهيم، سواء كانت هذه النعم مما أعطى الله الإنسان كنعمة السمع والبصر وباقي الجوارح أو كانت هي نعمة العقل، ونعمة الأولاد، ونعمة السيرة الحسنة، ونعمة الصحة وغيرها الكثير من النعم التي لا يدرك الإنسان أنها نعمة وعطية منه سبحانه إلا عندما يفقدها.

وإن الزمن هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى. وقد عرف قيمة الزمن أصناف كثيرة من الناس، فقد عرف قيمة الزمن التجار والزرّاع، وعرفها الشباب والشيوخ والسياسيون وطلبة العلم وغيرهم من الذين أدركوا أنه بتضييع الوقت والزمن وإن كان قليلًا، فإنه ضياع شيء كثير وخسارة أمر عظيم. ولقد أشار القرآن الكريم في كثير من الآيات إلى قيمة الزمن ورفيع قدره وكبير أثره، فقال سبحانه: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ*وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} آية 33-34 سورة إبراهيم. وقال سبحانه: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} آية 12 سورة الإسراء.

ولقد شهدت آيات القرآن الكريم مشاهد فيها يخاطب الله سبحانه وتعالى الكفار ومن أضاعوا أعمارهم عبثًا وعاشوا في الدنيا من غير الهدف الذي خلقهم الله لأجله لما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} آية 56 سورة الذاريات، بينما أولئك العصاة والكفار قد عاشوا في هذه الدنيا على غير ما أراد لهم الله سبحانه، فقال مؤنبًا إياهم: {أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ} آية 115 سورة المؤمنون. لا بل إنه سبحانه يعاقب ويلوم من أعطاهم ووهبهم العمر المديد لكنهم لم يستغلوه وخرجوا من الدنيا ورحلوا دون أن يكون معهم زاد، فقال سبحانه: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} آية 37 سورة فاطر. وفي نفس المعنى قال النبي ﷺ مبينًا أنه لا عذر لمن آتاه الله تعالى عمرًا مديدًا فلم يحسن استغلاله في طاعة الله وإنما ضيّعه في عبث ولهو، فقال ﷺ: “أعذر الله عز وجل إلى امرئ أخر عمره حتى بلّغه ستين سنة”. وفي رواية أخرى، قال ﷺ: “من عمّره الله تعالى ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر” أي أنه سبحانه قد أمهله حتى أنه لم يعد له عذر يبرر فيه تقصيره ومعصيته. ومن نفس هذا المنهج كان معنى الأثر الذي روي أنه ما من يوم إلا ومناد من السماء ينادي فيقول: “يا أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده، يا أبناء الخمسين ماذا قدمتم وماذا أخرتم، يا أبناء الستين لا عذر لكم”.

 

لا يقسم إلا بعظيم

إنه ولعظيم قيمة الزمن عند الله تعالى، فإن القرآن الكريم يزخر بالآيات التي يقسم الله سبحانه وتعالى بالزمن على اختلاف أقسامه وأوقاته. فقد أقسم سبحانه بالليل والنهار {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} آية 1-2 سورة الليل. وأقسم سبحانه بالصبح {وَٱلَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} آية 33-34 سورة المدثر. وأقسم بالغروب وظهور الشفق {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} آية 16-17 سورة الانشقاق. وأقسم بوقت الضحى {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} آية 1-2 سورة الضحى. وأقسم بالعصر {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} آية 1-2 سورة العصر. لا بل إنه سبحانه قد جعل ميزان السعادة والشقاوة يوم القيامة هو بمقدار استغلال الزمان والأيام والسنوات التي وهبها الله تعالى للإنسان وهي مع بعضها البعض اسمها العمر. فيقال للسعداء يوم القيامة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} آية 34 سورة الحاقة. ويقال للأشقياء أهل النار :{ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} آية 75 سورة غافر. وفي هذا المعنى قال النبي ﷺ: “لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه”. ومن نفس المعاني كانت كلمات الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما قال: “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي”. ومثل ذلك قال الحسن البصري: “يا ابن آدم، إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك”.

 

ابن الجوزي وابن النفيس وتعظيم الزمن

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في بيان قيمة الزمن عند المسلم: “ولقد رأيت عموم الناس يدفعون الزمان دفعًا عجيبًا، إن طال الليل فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب فيه الغزل والسمر، وإن طال النهار فبالنوم. ولقد شاهدت خلقًا كثيرًا لا يعرفون معنى الحياة، فمنهم من يخلو بلعب الشطرنج، ومنهم من يقطع الزمان بحكاية الحوادث والأساطير عن الفرسان والسلاطين أو الغلاء والرخص، فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر إلا من وفّقه وألهمه اغتنام ذلك {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} آية 35 سورة فصلت.

وعلينا أن نتذكر ولا ننسى أن الزمان أشرف وأكرم من أن يضيع منه لحظة في غير شيء نافع يقرّبه إلى الله تعالى، فقد ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال: “من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة”. فكم هي اللحظات والساعات والأيام التي يضيّعها الإنسان فيفوته فيها الخير الكثير.

وها هو الإمام الجليل أبو الفرج ابن الجوزي يغتنم من الوقت ويستفيد منه فلا يضيّعه، وكان يقرأ أو يكتب ويؤلف أو يعظ ويدرّس ويرشد ويعلم، وهو الذي قال: “كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلد”، وقيل أن الكراريس التي كتبها قد جمعت وحسبت مدّة عمره وقسّمت فكان كل يوم قد كتب تسعة كراريس رحمه الله. إنه ابن الجوزي الذي كان يبري أقلامه التي كان يكتب بها وكانت من الخشب، فكان يجمع براية الأقلام ويضعها في كيس فإذا سئل قال: إذا أنا متّ فضعوا براية أقلامي هذه تحت القدر الذي يسخّن به الماء الذي تغسلونني فيه، وهذا ما كان وقد جعلوا براية الأقلام وقود النار التي أشعلوها تحت قدر ماء غسّلوه به. إنه يطمع أن تكون براية الأقلام هذه وقد كتب بها علمًا كثيرًا نفع به الناس من هدي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ أن تكون هي وقود نار غسله لعلها ترد عنه نار يوم القيامة.

وها هو العالم الجليل علاء الدين ابن النفيس وهو من اكتشف الدورة الدموية الصغرى في جسم الإنسان قبل أن يكتشف علماء العصر الحديث الدورة الدموية الكبرى بسبعة قرون، أنه ولشدة حرصه على استغلال الوقت والانتفاع به وعدم تضييعه، فكان إذا دخل الحمام مرة ليغتسل وفجأة وإذا به يخرج ويلبس ثيابه ويأخذ قلمًا وورقًا وراح يكتب، فلمّا سئل عن هذا الفعل الغريب قال: لقد تبين لي شيء في النبض خلال الاستحمام فأردت أن أكتبه وأدونه حتى لا يضيع، فلما انتهى رجع إلى حمّامه وأكمل غسله.

 

لا يكون المسلم سبهللًا

السبهللة في اللغه تعني العبثي والفارغ، ومن يعيش بلا هدف. وليس المسلم كذلك، فالمسلم يعلم أن الفائت من الزمان لا يعود أبدًا، وأنه يجب أن يحرص على الانتفاع بوقته وعلى ألّا يضيع الوقت هدرًا وسدى، فالزمان عابر لا يتجدد لذلك لا بد من الاستفادة منه بتنظيم الوقت والنفس والأعمال، وأنه ظلم الانسان لنفسه إذا قتل الوقت وبدّد الساعات من غير فائدة في دينه أو دنياه.

وإن مما يساعد على اغتنام الوقت وتنظيم الأعمال والابتعاد عن المجالس الفارغة ومجالس اللهو العبثية وترك الفضول في كل شيء ومصاحبة أصحاب العزائم المجدّين المتيقظين للأوقات والدقائق، وهذه كانت وصية الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله لما قال: “من عرف حق الوقت فقد أدرك الحياة،  فالوقت هو الحياة”. وقال في وصية ثانية: “الواجبات أكثر من الأوقات فساعد غيرك على الانتفاع بوقته، وإن كانت لك مهمة فأوجز في قضائها”. وفي هذا قال أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله:

دقات قلب المرء قائلة له     إن الحياة دقائق وثواني

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها   فالذكر للإنسان عمر ثاني

يظن بعض الناس أنه سيعوّض تقصير الشباب عند المشيب، وأن في قادم الأيام سيكون عنده من الفراغ من الشواغل ما يرمم به ما فات في سالف الأيام وتصفو له أيام المستقبل من المكدرات، ولذلك تجده يسوّف ويقول سوف وسوف، وإذا كبرت سوف أصلي، إذا كبرت سأتوب، إذا كبرت……. ليجد نفسه إذا كبر أن العكس هو الصحيح، فكلما كبر في السن كبرت المسؤوليات وزادت العلاقات، وضاقت الأوقات، ونقصت الطاقات، فالوقت في الكبر أضيق والجسم أضعف والهمة أقل، والنشاط أدنى والواجبات أكثر وأشد كما يقول المرحوم شيخنا الشيخ يوسف القرضاوي. وهكذا كان حال الجاحظ لما أدركته الشيخوخة ونزلت به الأمراض، فكان ينشد هذين البيتين من الشعر متحسرًا متألمًا من ضعفه وكبره ومرضه وقلة حيلته فكان يقول:

أترجو أن تكون وأنت شيخ   كما قد كنت أيام الشباب

لقد كذبتك نفسك   ليس ثوب دريس كالجديد من الثياب

فالعاقل هو من يملأ كل لحظة وكل ثانية من عمره ووقته بفائدة أو عمل صالح، وقد لخّص ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رفضه ومقته وذمّه للعبثي ولمن يضيّع وقته ويهدر الفرص ويعيش من غير هدف ولا غاية كما قال رضي الله عنه: “إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللًا أي -فارغًا- لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة”.

 

ولا تكن مثل إيليا

إن كثيرين ممن يعيشون في هذه الدنيا من غير هدف ولا غاية وأنهم عبثيون، هم أولئك الملحدون الذين لا يؤمنون بالدار الآخرة بعد الدنيا، ولا يؤمنون بيوم الحساب ولا بالجنة ولا بالنار، ولذلك فإنك تجد أمثال هؤلاء يخبطون في الدنيا خبط عشواء وتضيع أعمارهم ويفنى شبابهم وشيخوختهم من غير فائدة.

إنها الأسئلة تبادرت على ألسنة هؤلاء ماذا أنا ومن أنا وإلى أين ولماذا؟ كثيرون هم الذين سألوا أنفسهم هذه الأسئلة، لكن أشهرهم كان الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي صاحب قصيدة الطلاسم التي يقول فيها:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت

وسأبقى ماشيًا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت، كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري.

وختمها بقوله:

إنني جئت وأمضي وأنا لا أعلم

أنا لغز وذهابي كمجيئي طلسم

والذي أوجد هذا اللغز لغز أعظم

لا تجادل ذا الحجا من قال إني…لست أدري.

يقول فضيلة المرحوم الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه الرائع والذي أنصح بقراءته – القضايا المبدئية والمصيرية الكبرى للإنسان ماذا أنا، ومن أين، وإلى أين ولم؟ – حيث في قوله في صفحه 45 وقد ردّ على إيليا أبو ماضي وأمثاله: “هذه هي قصة الحياة والإنسان عند هؤلاء كما عبّروا عنها، أرحام تدفع وأرض تبلع ولا خلود ولا جزاء، يستوي في ذلك من عاش عمره للناس على حساب شهواته، ومن عاش عمره لشهواته على حساب الناس، يستوي في ذلك من ضحّى بحياته في سبيل الحق، ومن اعتدى على حياة الآخرين في سبيل الباطل. أما المؤمنون فهم يعرفون إلى أين يسيرون، ويعرفون أنهم لم يخلقوا لهذه الدنيا وإنما خلقت هذه الدنيا لهم، يعرفون أنهم خلقوا لحياة الخلود ودار البقاء وهم في هذه الحياة إنما يستصلحون ويعُدون للدار الأخرى ويتزودون منها هنا ما ينفعهم هناك ويترقوّن في مدارج الكمال الروحي والنفسي حتى يكونون أهلًا لدخول تلك الدار الطيبة التي لا يدخلها هنا إلا الطيبون، وهناك يقول لهم خزنتها: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} آية 73 سورة الزمر

ولقد أبدع الشاعر والبروفيسور ربيع سعيد عبد الحليم في معارضة والردّ على طلاسم إيليا أبي ماضي الذي يقول: “لست أدري”، حيث جواب الدكتور ربيع “ليت شعري”:

جئت دنياي وأدري عن يقين كيف جئت

جئت دنياي لأمر من هدي الآي جلوت

ولقد أبصرت قدامي دليلًا فاهتديت

ليت شعري كيف ضلّ القوم عنه

ليت شعري

ليس سرًا ذا خفاء أمر ذيّاك الوجود

كل ما في الكون إبداع إلى الله يقود

 كائنات البرّ والبحر على الخلق شهود

ليت شعري: كيف ضلّ القوم رشدا

ليت شعري.

إنه المسلم إذن يعرف من أين وإلى أين {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} اية 156 سورة البقرة. ويعرف لماذا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} آية 56 سورة الذاريات.

إنه يعرف مهمته في هذه الحياة يحمل في قلبه وعلى كتفيه دعوة الناس إلى الخير والهداية، يسير على خطى الأنبياء عليهم السلام. إنه ليس عبثيًا ولا عشوائيًا ولا سبهللًا. فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا..

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى