أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةعرب ودوليومضات

28 عاما على اتفاقية وادي عربة.. هل أثرت إسرائيل في الصناعة الأردنية؟

يدخل الأردن عامه الـ28 على توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية المعروفة بـ”معاهدة وادي عربة”، مع توسع في المشاريع الاقتصادية الإستراتيجية بين جانبي المعاهدة. ويبدو أن إيصال أنابيب الغاز الطبيعي القادم من إسرائيل إلى المدن والتجمعات الصناعية الأردنية، ليس آخر تلك المشاريع، بحسب مختصين.

وتبدو فكرة اعتماد المنشآت الاقتصادية -خاصة الصناعية منها- على الغاز الطبيعي بديلا عن الكهرباء والوقود الثقيل والغاز البترولي، مقبولة لدى قطاعات صناعية وفق معنيين، خاصة أنها تخفض من كلفة الطاقة التي تصل لدى بعض الصناعات إلى 40% من تكاليف الإنتاج، وهو ما من شأنه أن يرفع القدرة التنافسية للصناعات الأردنية مع الصناعات العربية والدولية.

وكانت شركة الكهرباء الوطنية (حكومية) وشركة نوبل إنيرجي الأميركية وقّعتا خلال عام 2016 اتفاقية لاستيراد 40% من حاجة الشركة من الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء من إسرائيل، علما بأن الشركة تنتج 85% من حاجة المملكة من الكهرباء بالاعتماد على الغاز المستورد.

وتضمنت نصوص اتفاقية السلام وبنودها تنظيما للعلاقات الاقتصادية وتبادلا للمشاريع الإستراتيجية، وملحقا حول تمديد أنابيب الغاز الطبيعي.

وتنص الاتفاقية على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الإسرائيلي، بقيمة 10 مليارات دولار على مدى 15 عاما، اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني 2020.

غاز إسرائيلي بغلاف مصري؟

صناعيا، يبدو الموقف في غالبه مرحبا بخطة الحكومة لتزويد المدن والتجمعات الصناعية بالغاز الطبيعي، لما في ذلك من تخفيض في كلف الإنتاج المرتفعة على القطاع الصناعي، وزيادة في الإنتاجية والصادرات، وبما يعود بشكل إيجابي على الاقتصاد الأردني، بحسب حديث رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير للجزيرة نت.

بينما يرفض ممثلون للقطاع الصناعي أي “توريد أو تعامل بالغاز الإسرائيلي في القطاعات الصناعية”، لأن ذلك “يشكل دعما اقتصاديا للكيان الصهوني، ومزيدا من القتل والتدمير والانتهاك للمقدسات”.

ويتساءل البعض عن مصدر الغاز الوارد إلى القطاع الصناعي من خلال شركة “الفجر” الأردنية المصرية، إذ يقول الخبير في مجال الطاقة عامر الشوبكي إن الغاز الموجود في أنابيب شركة “الفجر” مستورد من الجانب الإسرائيلي، وإن خط الغاز العربي يعمل بشكل عكسي، بحيث يتم نقل الغاز من إسرائيل، مرورا بالأردن، ثم إلى محطتي دمياط وإيبكو المصريتين، لتتم عملية “تسييله” وتصديره لأوروبا.

وبشأن الغاز الأردني، قال الشوبكي، إن الغاز الطبيعي الأردني المستخرج من حقل الريشة لا توجد آلية لإيصاله إلى المدن والمنشآت الصناعية، إضافة إلى أن “الكميات المستخرجة لا تكفي حاجة القطاعات الصناعية، وتستخدم في توليد الكهرباء”.

وبحسب الشوبكي، فإن الاعتماد على الغاز الإسرائيلي مصدرا للطاقة يمثل “رهنا لقدرات القطاعات الاقتصادية والصناعية خاصة للقرار الإسرائيلي، في حال أي انقطاع أو خلاف مستقبلي، خاصة أن القطاع الكهربائي مرهون للغاز الإسرائيلي”.

ويستورد الأردن 350 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، بينما تحتاج البلاد إلى 250 مليون قدم مكعب لإنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي، والسبب في ذلك وجود مصادر الطاقة المتجددة، مما أوجد 100 مليون قدم مكعب فائض، وفق مختصين.

وجود الفائض دعا السلطات الأردنية لتصريف تلك الكميات للقطاع الصناعي، خاصة أنها تأتي بأسعار تعاقدية منخفضة حاليا مقارنة مع الأسعار العالمية، بحسب الخبراء، وتشكل قيمة تنافسية عالية للصناعات الأردنية بانخفاض تكلفة الطاقة، إضافة إلى أن تلك الخطوة تجنب الأردن دفع غرامات للجانب الإسرائيلي حال عدم استيراد كميات الغاز المتعاقد عليها.

 

تخفيض لفاتورة الطاقة وزيادة بالتنافسية

من جانبها، تشدد السلطات الرسمية في وزارة الطاقة الأردنية على أن الغاز الواصل إلى القطاع الصناعي هو غاز مصري، وأكد مصدر رسمي في الوزارة للجزيرة أن استخدام المنشآت الصناعية للغاز الطبيعي المصري “يخفض من فاتورة الطاقة بنسب تتراوح بين 30% و50%، تبعا لنوعية الصناعة وكميات الغاز المستخدمة”، مؤكدا أن ذلك يشكل “قيمة تنافسية عالية للصناعات المحلية بانخفاض تكاليف الطاقة”.

ويتابع المصدر أن تزويد القطاعات والمدن والتجمعات الصناعية بـ”الغاز الطبيعي المصري جاء بالتوافق مع الغرف الصناعية وممثلي القطاعات المعنية”، ولطالما شكل ذلك مطلبا لهم لتخفيض كلف الإنتاج المعتمدة على الطاقة الكهربائية والوقود الثقيل والغاز البترولي.

وكانت وزارة الطاقة أعلنت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2022 الحالي عن آليات واضحة ومحددة لإيصال الغاز الطبيعي إلى المدن والتجمعات الصناعية، أو لأي مصنع يرغب في توريد الغاز إليه، وذلك بشكل مباشر بين المصنع والمقاول المحدد لغايات توصيل الأنابيب.

وبحسب المصدر، فقد منحت السلطات تخفيضات ضريبية على الضريبة الخاصة المفروضة على الغاز الطبيعي المستخدم في الصناعات، وإعفاءات للأجهزة والمعدات المتعلقة بتمديدات خطوط الغاز.

وحددت وزارة الطاقة سعر بيع الغاز الطبيعي للصناعة خلال الشهر الحالي بـ5.17 دنانير لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (7.2 دولارات)، ويتم تعديل التسعيرة الشهرية وفقا لأسعار الغاز والنفط عالميا.

“اختراق تطبيعي ورهن للصناعة الوطنية”

في المقابل، تتهم المعارضة الأردنية السلطات بتنفيذ خطة لـ”صهينة قطاع الطاقة في الأردن، بدءا من اتفاقية استيراد الغاز الصهيوني لتوليد الكهرباء، ثم اتفاقية توريد الكهرباء للصهاينة مقابل الماء، وتحويل الأردن ليكون ممرا لتمدد قطاع الطاقة في الكيان الصهيوني إقليميا ودوليا، وليس أخيرا ربط القطاع الصناعي بشبكة الغاز الفلسطيني المسروق والمستورد من الصهاينة”.

ويرى منسق حملة “غاز العدو احتلال” هشام البستاني أن قرار إيصال الغاز للصناعات الوطنية من شأنه أن “يعمق تبعية الصناعة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي، ويشكل دعما مباشرا للإرهاب الصهيوني، ويشكل اختراقا تطبيعا لقطاعات مهنية لطالما قاومت التطبيع خلال السنوات الـ28 من عمر المعاهدة”.

وعلى مدى ربع قرن من عمر اتفاقية السلام، لاحقت نقابات مهنية ولجان مقاومة التطبيع أعضاء في تلك النقابات لتعاملهم مع شركات إسرائيلية وتمت معاقبتهم، وفق نقباء، إلا أن الوضع في النقابات المهنية تغير بـ”تغير المجالس المهنية لتلك النقابات، وغابت قضية مقاومة التطبيع عن حساباتهم، في ظل زيادة وتيرة التطبيع وبرعاية ودعم رسمي”، على حد قول نقباء سابقين.

ثبات في أسعار الغاز

في المقابل، حققت اتفاقية الغاز الموقعة مع إسرائيل ثباتا في الأسعار مقارنة مع الارتفاعات العالمية، مما وفّر على الأردن -بحسب خبراء- ملايين الدولارات، وولد اعتقادا بجدوى تزويد الصناعات المحلية بالغاز، مما يخلق تنافسية أمام المنتجات المحلية، وزيادة بالصادرات، ويعزز من العملة الأجنبية، ويحقق زيادة في معدل النمو الاقتصادي الداخلي.

لكن الأمر لا يخلو من المخاطر، حيث يقول الخبير في القطاع الصناعي حسام عايش إن اعتماد الصناعة الوطنية على الغاز الإسرائيلي مصدرا أساسيا ووحيدا، يخلق حالة من الضرر والإرباك في حال انقطاعه أو تغيير أسعاره.

ويضيف عايش للجزيرة نت أن أكبر المخاطر المستقبلية هي عدم استمرار إسرائيل في العمل ببنود بالاتفاقية في ظل الارتفاعات العالمية في أسعار الغاز، وزيادة الطلب العالمي عليه مع استمرار أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، “وليس مستغربا ولا غريبا أن تُخلَّ إسرائيل ببنود الاتفاقية الموقعة مع الأردن، حتى مع وجود شروط جزائية، إذ من الممكن أن تتحايل على الاتفاقية لزيادة الأسعار، أو تقليل الكميات المزودة للأردن، وهناك تجارب سابقة للاحتلال الإسرائيلي بعدم الوفاء بالاتفاقيات”.

ودعا عايش سلطات بلاده للتعامل بحذر كبير مع تلك القضية، خاصة أن أزمة الغاز العالمية قد تستمر 5 أعوام قادمة، مع ضرورة فتح مصادر أخرى للغاز مثل الغاز القطري أو الجزائري، وتجهيز بديل في حال توقف الغاز الإسرائيلي.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى