نظام الأسد يرفع الدعم عن الأسمدة.. تحذيرات من تداعيات كارثية
أوقفت حكومة النظام السوري بيع الأسمدة الزراعية للفلاحين بالسعر المدعوم، مؤكدة أن المصارف الزراعية ستواصل بيع الأسمدة وفق الأسعار الرائجة (السوق السوداء)، وسط تحذيرات من تداعيات “كارثية” على القطاع الزراعي الذي يئن تحت ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح الأمطار وحالة عدم الاستقرار.
وفي الوقت الذي لم تقدم فيه حكومة النظام تبريرات للقرار، فقد أرجع اقتصاديون ذلك إلى محاولة النظام تقليص عجز الموازنة المالية، من خلال التخلص من “أعباء” الدعم الحكومي بشكل تدريجي.
وحدد المصرف الزراعي التابع للنظام السوري، سعر طن اليوريا بنحو 2.5 مليون ليرة سورية، مرتفعاً من 1.3 مليون ليرة سورية، أما طن سعر سماد نترات الأمونيوم فارتفع من 800 ألف ليرة إلى نحو 1.5 مليون ليرة سورية.
ويتحدث النظام السوري عن تسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه في صعوبة تأمين المواد، لكن العقوبات لا تشمل استيراد الأسمدة والأغذية.
الفوسفات السورية بيد روسيا وإيران
والمفارقة في قرار النظام رفع سعر الأسمدة، أن سوريا تمتلك احتياطيا “ضخما” من الفوسفات، ما يثير تساؤلات عن مصيرها والجهات التي تتحكم بها.
وقبل شهرين، كشفت تقارير إخبارية عن تصدير كميات كبيرة من الفوسفات السوري إلى أوروبا، لصالح شركة روسية.
وذكر تقرير صادر عن مجموعة من الصحافيين الاستقصائيين بقيادة “لايتهاوس ريبورتس” ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، أن إيطاليا وبلغاريا وإسبانيا وبولندا في عداد دول من الاتحاد الأوروبي تتلقى الفوسفات السوري، إلى جانب صربيا وأوكرانيا وهما من الزبائن الرئيسيين.
وكان النظام السوري في عام 2018، قد منح استثمار معمل الأسمدة في حمص لشركة “ستروي ترانس غاز” الروسية، حيث يحصل النظام وفق العقد بمدة 40 عاماً قابلة للتجديد، على نسبة 35 في المئة من الأرباح مقابل 65 في المئة للشركة الروسية.
ويقول الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، إن “النظام سلّم فوسفات سوريا لروسيا، مقابل حصة 35 في المئة من الإنتاج والأرباح، وحتى النسبة هذه (35 في المئة) تذهب لإيران لسداد أجزاء من ثمن الخط الائتماني الإيراني”.
الأمن الغذائي في خطر
ومن شأن رفع سعر الأسمدة بعد إزالتها من قوائم المواد المدعومة زيادة أزمة نقص إنتاج الغذاء في سوريا، كما يؤكد الدبس، مضيفا أن “التداعيات ستكون في غاية السلبية، إذ يُنتظر أن تشهد أسعار المنتجات الزراعية المحلية زيادة بنسب كبيرة، بسبب ارتفاع سعر التكلفة”.
كذلك، فإنه بحسب الباحث، قد يؤدي قرار رفع سعر الأسمدة إلى توقف عدد كبير من المزارعين -على قلتهم- عن الزراعة، بسبب الكلفة العالية والخشية من الخسائر، ويعلّق بقوله: “أساسا يعاني الفلاح السوري من ارتفاع أسعار المحروقات والأدوية والمبيدات، وضعف المحاصيل، ورفع سعر الأسمدة يتوج كل ذلك”.
من جانبه، حذّر مدير الرقابة الداخلية في المؤسسة العامة للحبوب التابعة للحكومة المؤقتة المعارضة، المهندس الزراعي محمد عرفان داديخي، من زيادة أزمة الأمن الغذائي في سوريا، نتيجة قرار رفع سعر الأسمدة وغيرها من القرارات “العشوائية”.
ويوضح داديخي، أن الأسمدة الزراعية تعد من أهم مستلزمات الإنتاج الزراعي، مضيفا أنه “يبدو أن التضييق المعيشي على جميع مناحي الحياة وشح المواد وانخفاض الأجور للموظفين، يأتي دور المزارعين برفع تكاليف الإنتاج عليهم وتضييق فرص تحقيق وفرة من المحاصيل”.
جنون أسعار
وقبل رفع سعر الأسمدة، تشهد أسعار المواد والسلع وخاصة الخضروات والفواكه ارتفاعات جنونية في الأسواق السورية، وذلك بسبب شح المعروض منها، وانخفاض قيمة العملة السورية مقابل الدولار (كل دولار يساوي نحو 4500 ليرة).
وأدى ذلك إلى زيادة ضعف القوة الشرائية لدى الشريحة الواسعة من السوريين، وزيادة نسبة الفقر التي تعدت حاجز الـ90 في المئة، بحسب تصريحات صادرة عن النظام السوري.
يشار إلى أن أكثر ما يخشاه السوريون أن يرتفع سعر رغيف الخبز، بسبب صعوبة استيراد القمح وتعثر إنتاج كميات كافية منه محليا.