أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

تقرير| حر وفقر يضاعفان معاناة الفلسطينيين في غزة

تفاقم موجة الحر التي تضرب الأراضي الفلسطينية معاناة مئات العائلات التي ترزح تحت وطأة الفقر والمرض في قطاع غزة.

تترافق موجة الحر هذه مع عجز في إمدادات الكهرباء التي تعود بحسب شركة توزيع الطاقة إلى زيادة الطلب عليها.

وقال مدير العلاقات العامة في شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت، في حديث للأناضول، “يزداد الطلب على الطاقة في ذروة فصلي الشتاء والصيف، لكن المتوفر محدود ما يسبب عجزا في الإمدادات”.

وأوضح أن “إمدادات الكهرباء اليومية الواصلة للمواطنين تبلغ في أحسن ظروفها 8 ساعات وصل (الحصة الواحدة)، مع وجود عجز حالي يصل إلى ساعتين في كل حصة كهربائية”.

ويحتاج قطاع غزة، بحسب ثابت، إلى “670 ميغاوات في ذروة فصلي الشتاء والصيف”، فيما يصل مقدار ما تتسلمه شركة توزيع الكهرباء من مصادرها الأساسية (محطة توليد الكهرباء بغزة، وشركة الكهرباء الإسرائيلية) إلى “200 ميغاوات”.

ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ يونيو/ حزيران 2007، أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية.

وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، في مايو/ أيار الماضي، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 47 بالمئة.

الفقر يزيد معاناة الحر

في منطقة “الحيّ الثالث” بالقرية البدوية شمالي قطاع غزة، يهرب الأطفال من حرارة منازلهم المصنوعة من ألواح الصفيح وقطع النايلون والقماش، إلى مناطق تُظلّلها الأشجار.

وتدفع حالة الفقر التي تعانيها مئات العائلات من سكان هذه المنطقة، الأطفال إلى المشي حفاة على الرمال الملتهبة من شدة الحر.

الفلسطينية شيرين ضيف الله (37 عاما)، تحاول التخفيف من حدة الحرارة التي لسعت أجساد أطفالها داخل المنزل، من خلال السماح لهم بالاغتسال بمياه (غير نظيفة)، كانت قد جمعتها داخل برميل بلاستيكي في إحدى زوايا منزلها.

وتقول، إن المياه الواصلة إلى منزلهم مالحة وتحوي نسبة واضحة من الكلور، كما أنها تنقطع لأيام، ما يضطرها إلى الاحتفاظ ببعض المياه داخل هذا البرميل الذي يتلوث مع الاستخدام والتخزين.

وتضيف أن حالة الفقر ألقت بظلالها السلبية على الأوضاع الصحية لأطفالها التسعة، حيث يعاني بعضهم من “أمراض لها علاقة بالتلوّث وعدم ملائمة المسكن للحياة الآدمية”.

ورغم عمل زوجها في مهنة جمع الحجارة وبيعها، فإن هذه المهنة بالكاد توفر احتياجاتهم الأساسية، ما دفع عددا من أطفالها أيضا للعمل في جمع الزجاجات البلاستيكية والمعدنية الفارغة، للاستفادة من ثمنها كمصروف خاص.

وتوضح ضيف الله أنها تساند أطفالها أحيانًا في هذه المهنة، حيث تعكف على جمع ما تجده في طريقها من زجاجات فارغة، عند خروجها من المنزل.

ورغم ارتفاع حرارة الطقس، تضطر لإشعال النار داخل المنزل لتسخين طعام أطفالها، وذلك لعدم توفّر الغاز لديها بسبب عدم القدرة على شرائه.

وتعبّر عن تخوفها من اندلاع حريق داخل المنزل جرّاء إشعال النار، حيث تغطي أكياس من النايلون الجدران والسقف.

حياة معدومة

بدورها، تصف حنان أبو دية (33 عامًا) وهي أم لـ5 أطفال، الحياة في هذه المنطقة بالمعدومة من الناحية الصحية والاقتصادية والمعيشية وتوفّر البنى التحتية.

وتقول، إن المياه الملوثة الواصلة إلى المنازل والظروف غير الصحية التي يعيش بها الأطفال، تتسبب بأمراض كثيرة كـ “الحمّى الشوكية، والنزلات المعوية، والأمراض الجلدية”.

وأوضحت أن المياه الصالحة للشرب غير متوفّرة في منطقتهم، وللحصول على بعض منها يحتاجون إلى مواصلات تقلّهم حيث تتوفر.

وأكملت: “نحن في منطقة معدومة حتّى لا توجد مواصلات ولا دواب لتقلّنا من منطقة إلى منطقة”.

وتذكر أن زوجها عاطل من العمل بسبب إصابته بـ “تضخم في القلب”، الأمر الذي يجعله عاجزًا عن القيام بأي جهد.

وتلفت إلى أنها توفّر طعام أطفالها من خلال اللجوء إلى المزارع التي تم حصاد محصولها فهي تبحث عن البواقي من هذا المحصول لتجنيه.

وتشير إلى أن عائلتها منذ أكثر من عام لم تتقاضَ مخصصاتها المالية ضمن برنامج الشؤون الاجتماعية الذي تصرفه السلطة الفلسطينية.

وبحسب السلطة، يعود تأخر صرف هذه المستحقات لعدم توفير التمويل اللازم لذلك.

ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من مخصصات “الشؤون الاجتماعية” في غزة نحو 80 ألف أسرة، يزيد عدد أفرادها على نصف مليون.

المرض والضغط النفسي

في ساحة منزلها المسقوف بصفائح الزينكو (ألواح معدنية) تجلس الفلسطينية فيفيان العريني (32 عامًا) أمام أطفالها، وتحاول تحريك الهواء حولهم باستخدام صينية بلاستيكية للتخفيف من شدة الحرّ.

تقول العريني إن أطفالها الثلاثة أصيبوا بأمراض جلدية خلال فصل الصيف بسبب الحرارة الشديدة.

وتشكو العريني من صعوبة الأوضاع المعيشية في منزلها وسط انعدام أي مصدر دخل لعائلتها.

وتوضح أنها تعتمد في حياتها على السلة الغذائية التي توزّعها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” مرة كل 3 شهور.

وتذكر أن طبيعة المنزل تسمح للحشرات والقوارض والزواحف بالتسلل إليه والتسبب بأذى للأطفال.

وتستكمل: “حصلنا قبل فترة على مروحة كهربائية من أهل الخير، لكن تشغيلها مرتبط بتوفر التيار، وهي ضرورية بالنسبة لزوجي المصاب بسرطان الكبد والدم”.

وتضيف: “عام 2018 اكتشف زوجي إصابته بسرطان الدم، وقبل نحو شهر تم اكتشاف إصابته بسرطان الكبد أيضًا”.

ويُفاقم المرض من صعوبة الأوضاع المعيشية في منزل العريني الذي أنهكه الفقر والعوز، بحيث يعجز زوجها حسين عن العمل بسبب وضعه الصحي.

وتعجز العريني هي الأُخرى عن العمل في أي مهنة لانشغالها برعاية زوجها الذي يحتاج إلى مساعدة دائمة بسبب أمراضه.

وتشير إلى أن عائلتها مع اقتراب موسم المدارس عاجزة عن توفير المستلزمات المدرسية للأطفال.

كما أن منزلها يخلو من المياه الصالحة للشرب التي تعدّ أساسية لزوجها المريض، وفق قولها.

ويقول زوجها، إنه يعاني من نزيف يستمر لوقت طويل من فتحات الوجه، في حالة الحر والبرد الشديدين، كما أنه يُصاب بهذا النزيف في حال بذل أي مجهود مهما كان صغيرًا.

ويردف “أحيانًا أصاب بنزيف في المعدة دون أن أشعر، ما يتسبّب بتدهور حالتي الصحية”.

ويوضح أنه يعجز عن تلقّي العلاج اللازم لحالته الصحية لمنع النزيف بسبب الفقر وتراكم الديون عليه، ما يدفعه للاكتفاء بتناول جزء بسيط من العقاقير.

هذه الظروف الصحية وحالة الفقر التي تمرّ بها عائلة العريني، تسبب حالةً من الضغط النفسي خاصة للزوج حسين، الذي بات غير قادر على تحمّل هذه المعاناة.

ويكمل: “حالة القهر التي تصيبني عندما يطلب مني أحد الأطفال شراء شيء ما لا أملك ثمنه، وعدم توفّر الطعام والحاجات الأساسية في المنزل، يصيبني بنوع من الضغط النفسي الذي يؤثر على استقرار المنزل”.

 من أكثر المناطق تأثرا بالحروب

بدوره، يقول رامي أبو قيلق، وهو أحد المتطوعين في تقديم المساعدات للعائلات المذكورة، إن هذه المنطقة الحدودية التي تبعد أقل من كيلومتر واحد عن السياج الأمني الفاصل، من أكثر المناطق تأثرا خلال الحروب.

ويضيف، “يطول هذه المنطقة خلال الحروب القصف وهدم المنازل، الأمر الذي يفاقم من معاناة السكان الذين يضطرون للنزوح إلى مناطق أُخرى”.

ويوضح أن الكهرباء الواصلة إلى هذه المنازل عشوائية، تسببت في إحدى السنوات الماضية باندلاع حريق في أحد المنازل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى