أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرالضفة وغزةومضات

خربة “تبنة”.. حفريات أثرية تبحث عن تاريخ مزور

تأكل الحسرة قلب الفلسطيني فوزي التميمي وهو ينظر لأرضه في خربة “تبنة” من بعيد وقوات الاحتلال تعيث فيها فساداً دون أن يتمكن من الوصول إليها، ليبقى وغيره من أصحاب الأراضي يكابدون هاجس المصادرة.

ومنذ التاسع والعشرين من يوليو/ تموز الماضي تجري سلطات الاحتلال أعمال حفر وتنقيب عن الآثار في “تبنة” الواقعة على أراضي قريتي النبي صالح ودير نظام شمال غرب رام الله، ضمن حملة تنفذها جامعة “بار إيلان” الإسرائيلية بزعم أن الموقع الأثري في الخربة كان مأهولًا بالسكان في العصر البرونزي.

منع عسكري

معاناة التميمي لم تبدأ في هذا الشهر، بل تعود إلى عام 2000 إبان اندلاع انتفاضة الأقصى، فكلما ذهب لأرضه الممتدة على مساحة 13 دونماً ليزرعها بالمحاصيل الحقلية يطرده منها جيش الاحتلال والمستوطنون.

لجأ التميمي لزراعة الزيتون لكونه لا يحتاج للكثير من العناية، لكن دون فائدة، لم يتركه المستوطنون في حاله وصادروا الجرار الزراعي “تراكتور” بحجة أنها منطقة أثرية، وصولاً لمنعه من دخول الأرض بشكل نهائي عام 2017م.

وعلى جانب الأرض، أنشأت قوات الاحتلال نقطة عسكرية، ومنذ ذلك الحين يعجز عن بلوغ ترابها.

ويبين أن الاحتلال منعه أيضاً من “تسييج” أرضه، لذلك كلما زرعها فإن خنازير المستوطنين التي يطلقونها في العراء تلتهم الأشتال، وذلك ما حدث معه في آخر مرة زرع فيها أرضه عام 2019م.

وتأكل الحسرة قلب التميمي منذ أن شاهد قوات الاحتلال وهي تنقب عن الآثار في أرضه والأراضي المجاورة منذ التاسع والعشرين من يوليو، “ذهبنا أنا ومجموعة من ملاك تلك الأراضي لنرى ما يحدث هناك فصادروا هوياتنا الشخصية وضربونا وطلبوا منا عدم العودة للأرض”. ويخشى التميمي أن تكون تلك الحفريات مقدمة لمصادرة الأرض بشكل نهائي، “لذلك لم يكن أمامنا سوى اللجوء للقضاء الإسرائيلي رغم أننا لا نعول عليه بتاتاً لكن لا يوجد أي خيارات أخرى لدينا”.

ويشير إلى أن أراضي الخربة محاطة بالأبراج العسكرية والمستوطنات ونخشى أن تكون تلك الحفريات نواة لبؤرة استيطانية جديدة.

حفريات سياسية

الوضع البائس في الخربة لا ينفصل عن الوضع العام السيئ في قرية دير النظام التي تتبع لها الخربة كما يبين عضو مجلس بلدي القرية منجد التميمي، فالقرية بأكملها محاصرة بالمستوطنات فمن الشرق مستوطنة “حلميش” والشرق معسكر لجيش الاحتلال، وتحيط بها الشوارع الالتفافية الاستيطانية من كل جانب.

ويضيف: “نحن محاصرون أمنياً واقتصادياً، وسرطان الاستيطان يلتهم أراضي القرية، وليس آخر ذلك ما يحدث في “خربة تبنة” حالياً من تنقيب عن الآثار في منطقة معروفة بأنها مليئة بالآثار الرومانية والإسلامية”.

ويتابع: “نخشى أن يكون التنقيب عن الآثار مقدمة للامتداد الاستيطاني في المنطقة للربط بين المستوطنات القائمة، كتتويج للمضايقات التي يمارسها الاحتلال بحقنا بوصفنا أصحاب أراضٍ في الخربة منذ عام 2000م”.

ومنجد هو الآخر لديه أرض في الخربة يمنع من فلاحتها، وبمجرد أن يصل إليها يجد الجيش يحيط بالمكان ويصادر الآليات الزراعية، كما حدث معه الأسبوع الماضي حيث تعرض للاعتقال والضرب وفرض عليه غرامات مالية بعشرات الشواقل.

ويؤكد أن الحفريات التي تجري بزعم البحث عن آثار، هي حفريات سياسية بالمعنى السياسي لا علاقة لها بالآثار بمعناها الحقيقي، “والحفريات متناقضة مع القوانين الإسرائيلية والقانون الدولي، حيث لا توجد سيادة لسلطات الاحتلال على المنطقة، وممنوع على علماء الآثار التنقيب بمثل هذه المناطق المحتلة”.

ويصف منجد ما يجري بأنها محاولة تزوير للتاريخ الأصلي وربط القضية بالتاريخ الإسرائيلي والبحث عن قبر “يوشع بن نون”، رغم أن الخربة يعود تاريخها إلى أيام المماليك.

ويعتقد أن تلك الحفريات تمهد لمصادرة مئات الدونمات ضمن محاولات ربط عدة مستوطنات في المنطقة، وبالتالي السيطرة على أكثر من 150 ألف دونم.

ويفيد بأن سلطات الاحتلال أبلغتهم بأن المنطقة كانت معسكرًا أيام الحكم الأردني، وأن الأرض لم تزرع، “وكأن ذلك يعطيهم الحق بالتنقيب، فالأرض لم تزرع لأسباب أردنية أمنية، لكنها بملكية خاصة تؤكده الوثائق الأردنية، باستثناء نبع مياه في المنطقة تقع على أراضي دولة”.

حياة تحت الدرون

ويشير إلى أن حياة أهالي قرية النبي صالح مرصودة لحظة بلحظة من كاميرات المستوطنات وطائرات “الدرون”، ولا يقف الأمر عند ذلك، “فالخروج والدخول للقرية مقيد وفق مزاج جنود الاحتلال الموجودين على الحواجز التي تحيط بها، فيتعرض المواطنون للإذلال وقد يعيدونهم ولا يسمحون لهم بالخروج منها”.

يؤكد الأهالي في بيت ريما والنبي صالح ودير نظام شمال غرب رام الله، أن أراضيهم فيها الكثير من الآثار التي تعود إلى العهد الروماني والبيزنطي، وفيها آثار إسلامية ومسجد منذ أيام المماليك والعثمانيين وبعضها تمت السيطرة عليه ويوجد داخل مستوطنة “حلاميش” المقامة على أراضيهم منذ عام 1978.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى