الأردن وإسرائيل.. هل تضع مواقف بايدن حداً لجمود العلاقات؟
– أكاديمي: تطور علاقتها بشكل إيجابي مع إسرائيل، خدمة للقضية الفلسطينية.
– خبير: لا يوجد أي مؤشر أن إسرائيل ستوافق على حل الدولتين، لعدم وجود ما يجبرها على ذلك.
– محلل سياسي: الإدارة الأمريكية تسعى إلى التسريع في إنجاز مشاريع مشتركة ذات طابع اقتصادي ولوجستي بين البلدين.
– أكاديمي: مستقبل العلاقات بين عمان وتل أبيب يجب أن يراعي وصاية المملكة على المقدسات الإسلامية بالقدس.
تلوح في الأفق تقاربات محتملة بين الأردن وإسرائيل، بعد سنوات عجاف على مستوى العلاقات الثنائية، دفعت بها انتهاكات تل أبيب وتعدّيها على دور المملكة تجاه مقدسات فلسطين، وتجاهل واضح لدور عمان بالوصاية عليها.
بعد مغادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، عقب إجراء زيارته الأولى لها، في يوليو/تموز الماضي، وتأكيد موقفه الداعم لحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، رغم اعتباره بأنه “هدف بعيد جداً الآن”، التقى ملك الأردن عبد الله الثاني برئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد بالعاصمة عمان.
لقاء جاء بعد بضعة أيام من لقاء الملك عبد الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يراه مراقبون بأنه مقدمة لحلحلة العلاقات بين البلدين، ومؤشر واضح على تناغم المواقف، ولو بشكل نسبي، تجاه تصريحات بايدن، ما يعني في المحصلة التزام الطرفين (الأردني والإسرائيلي) بمضمون ما جاء بها، باعتبارهما حليفين رئيسيين وأساسيين لواشنطن بالمنطقة.
ويعزز احتمالية عودة الدفء إلى أجواء العلاقات، قناعة الجانبين بضرورة التهدئة، في ظل ارتفاع وتيرة الأزمات الإقليمية والعالمية، والتي تتطلب من جميع الأطراف مزيداً من ضبط النفس، خشية الوقوع في مشاحنات الفائز فيها خاسر لا محالة.
حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، أخيراً، عن الإسراع في تنفيذ مشروع منطقة صناعية مشتركة مع الأردن، وما تبعه من تعليق المملكة أن الفكرة تعود لعام 1998، لا يدعُ مجالاً للشك أن العلاقات تسير نحو التعزيز، بحثاً من كليهما عن فرصٍ تنهض باقتصاديهما، في ظل تداعيات الأزمات العالمية.
التوجهات الأمريكية
وليد العويمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “مؤتة” الأردنية (حكومية)، اعتبر أنه “لا شك أن لقاء الملك عبدالله الثاني برئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد يمثل بداية انفراجه حقيقية في علاقات البلدين، والتي تأثرت وتراجعت بشكل واضح خلال الفترة الماضية”.
وأضاف: “بالتالي، سوف يُبنى على هذا اللقاء مزيد من التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي بين عمان وتل أبيب، خصوصاً أن الولايات المتحدة تسعى لإعادة ترتيب قضايا المنطقة العربية في المرحلة المقبلة، لمواجهة التمدد والتهديد الإيراني لعدد من الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي”.
وأردف: “بما أن الأردن وإسرائيل يعتبران حليفان رئيسيان للولايات المتحدة راعية عملية التغيير في المنطقة، فلا بد أن تكون العلاقة متينة وقوية بين كل من عمان وتل أبيب بشكل كبير حتى يستطيعان التناغم والتعاطي بشكل إيجابي مع التوجهات الأمريكية”.
وتابع: “من مصلحة الأردن، كما أعتقد، أن تطور علاقتها بشكل إيجابي مع إسرائيل، خدمة للقضية الفلسطينية، كون الأردن يعتبر منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 هو الرئة والمساند الحقيقي لحل الدولتين ومختلف القضايا الفلسطينية الأخرى من خلال الضغط الدبلوماسي على إسرائيل”.
واستطرد: “تمثل المنطقة الاقتصادية الحرة بين الأردن وإسرائيل خطوة مهمة لمزيد من التنسيق والاعتماد المتبادل بين الجانبين، والذي بلا شك سيسهل حل كثير من القضايا الشائكة لوجود منافع اقتصادية متبادلة”.
مناورات لن تطور العلاقات
عاصم برقان، رئيس قسم العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية بالجامعة “الهاشمية” (حكومية)، أفاد بأن “القضية ليست سهلة بصورة تدفع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل، وصولاً إلى ما تنادي به واشنطن من حل للدولتين”.
وتابع، “نحن نعلم أن الولايات المتحدة لو كانت تريد هذا الحل لنفذته قبل سنوات وليس الآن، وكل ما تقوم به مجرد مناورات لن تقود إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”.
وزاد، “نحن العرب الذين نبحث ونلهث تجاه التصريحات الأمريكية، وهي مضيعة للوقت، ولا يوجد أي مؤشر يلوح بالأفق أن إسرائيل ستوافق على حل الدولتين، لعدم وجود ما يجبرها على ذلك”.
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان، والإفراج عن معتقلين قدامى، وتنصلها من خيار حل الدولتين.
ولفت المتحدث، أن “الموقف الأردني تجاه إسرائيل يستند إلى موقف الأخيرة من القضية الفلسطينية، وكان واضحاً منذ عقود أن موقف المملكة من إسرائيل يعتمد على تعاطي تل أبيب من متطلبات الجانب الفلسطيني”.
واستبعد الأكاديمي الأردني، حدوث أي تقارب بين المملكة وإسرائيل، واصفاً ما يجري بأنه “مجرد مناورات لن تؤدي إلى تطور العلاقات”.
مشاريع ترسخ المصالح
عامر السبايلة، الكاتب والمحلل السياسي، لم يستبعد في حديث للأناضول، أثر الدور الأمريكي في تحريك جمود العلاقات بين الأردن وإسرائيل.
وأوضح أن “تحريك العلاقة الأردنية مع إسرائيل مرتبط برغبة إدارة بايدن بضرورة أن تتبنى المملكة سياسة انفتاح تجاه إسرائيل، خصوصاً أن الذريعة الأردنية التي استمرت على مدار السنوات الماضية، هو وجود بنيامين نتنياهو قد انتهت”.
وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاءً واضحا في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نتنياهو (2009-2021)، لدرجة دفعت عاهل الأردن، الملك عبد الله، إلى وصفها خلال جلسة حوارية بالولايات المتحدة، في سبتمبر/ أيلول 2019، بأنها “في أسوأ حالاتها”.
وأضاف السبايلة: “لهذا تشكلت فرصة لدفع العلاقة الأردنية الإسرائيلية في هذه المرحلة، والتي ظهرت لأول مرة بإصرار الأردن في الإعلان الرسمي عن زيارات المسؤولين الإسرائيليين المتعددة إلى المملكة”.
وزاد: “إن كان يمكن لهذه العلاقة أن تدوم مع عدم وجود قدرة أردنية تؤثر على اليمين الإسرائيلي من جهة، أو التعاطي مع مخرجات الانتخابات القادمة، والتي قد تجلب رؤية سياسية إسرائيلية مختلفة، تقلل من أهمية العلاقة مع الأردن”.
وشدد أن “الإدارة الأمريكية تسعى إلى التسريع في إنجاز مشاريع مشتركة ذات طابع اقتصادي ولوجستي بين البلدين، بحيث تبقى كمصالح مشتركة تحول دون سوء العلاقة في حال تغيرت القيادات السياسية الإسرائيلية”.
مستقبل الدور الأردني بالقدس
حسن الدعجة، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة “الحسين بن طلال” (حكومية)، تناول مستقبل الأردن تجاه القدس والمقدسات الإسلامية، في ظل وصاية أردنية، معتبراً بأن أي “تطور في العلاقات بين عمان وتل أبيب يجب أن يراعي هذا الدور”.
وأرجع ذلك إلى عدة أبعاد، هي “البعد الديني السياسي التاريخي للأسرة الهاشمية، وما يمثله المسجد الأقصى من رمزية دينية، باعتباره مسرى الرسول الكريم، وأولى القبلتين”.
وبحسب المتحدث، يتجلى البعد الثاني، في أن “القدس كانت تحت السيادة الأردنية منذ احتلالها عام 1967، والقانون الدولي يعتبر أن السيادة أردنية، ولكنها معطلة بسبب الاحتلال، ويلزم القائم بالاحتلال بعدم تغيير الوضع القانوني والسياسي والديني”.
واستدرك: “الاعتماد على اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، ثبتت الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية”، وهذا هو البعد الثالث وفق الدعجة.
وأكد الأكاديمي الأردني، بأن “أي تقارب محتمل ومتوقع بين الأردن وإسرائيل، لا بد له من أن يضع الوصاية في الحسبان وعدم التعدي على دور المملكة، وإلا فإن أي إخلال سيؤدي بالتالي إلى تدني مستوى العلاقات وعدم تطورها، كما كانت في عهد نتنياهو”.
واختتم قائلا: “كل ذلك واحتمالية أي مقاربة يعتمد على نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وماهية الحزب الذي سيتولى زمام الحكم لدى الكيان الإسرائيلي”.
واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية “وادي عربة” للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.
وفي مارس/ آذار 2013، وقع العاهل الأردني عبد الله، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.