أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتمحلياتومضات

في الحلقة الثالثة من “هذه شهادتي”.. الشيخ كمال خطيب يواصل “نبش الذاكرة”

مستدعيا محطات من: دراسته الجامعية وزواجه وانتقاله إلى كفر كنا إماما لمسجد عمر ابن الخطاب

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

واصل الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا ونائب رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا، الإدلاء بشهادته في الحلقة الثالثة من برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، وذلك عبر شاشة “موطني 48”.

لماذا كلية الشريعة؟!

عن توجهه لدارسة الشريعة، يقول الشيخ كمال خطيب، إنه لطالما سأل نفسه في المراحل الأولى عن أسباب توجهه لدراسة الشريعة، في حين لم تكن لديه خلفيات بالمفهوم الفكري الإسلامي، “كان هناك ميل نحو العبادة والصلاة المتقطعة ونشأت في بيت ككل البيوت يحافظ فيه الوالدان- رحمها الله- على الصلاة، دون اهتمام بالفكر الإسلامي ومشروعه”. هذا فضلا عن تخرجه من مدرسة أهلية تبشيرية (التراسنطة- الناصرة)، وأفاد “لم أجد جوابا لأسباب توجهي لدراسة الشريعة سوى أنها مشيئة الله”.

قبل الاستقرار على دراسة الشريعة في الخليل، كانت مصر وجامعة الأزهر هي المحطة الأولى التي أراد الأب لابنه الالتحاق فيها، غير أن الجواب من الجهات الرسمية التي توجه إليها الوالد، كان سلبيا لأن العلاقات المصرية الإسرائيلية كانت في بداياتها ولم تكن الدراسة في مصر متاحة بعد. بدأ الطالب كمال خطيب دراسته في كلية الشريعة بعد ثلاثة أشهر فقط على تخرجه من الثانوية وكان ذلك في العام 1980، وفي هذه السنة تعرف-خطيب- على الشيخ رائد صلاح حين زار الكلية بعد تخرجه منها لتفقد أحوالها والسلام على اساتذته، ولمّا سمع بوجود طلاب من الداخل حرص على لقائهم والتعرف عليهم، وكان هذا اللقاء الأول الذي جمعهما، كما يقول الشيخ كمال.

في ذهابه إلى الخليل وإيابه إلى قريته العزير “لم تكن رحلة عادية، التنقل في الحافلات أو سيارات الأجرة من العزير إلى الناصرة، جنين، نابلس، القدس ثمّ الخليل، خاصة في ظل وجود الاحتلال وحواجزه، لكن وجود الجو الدافئ في الخليل وداخل الكلية على الرغم من جوها (الخليل) القارس في الشتاء، خفف من أعباء السفر. كنت أمكث في الجامعة شهرا كاملا قبل العودة مرة أخرى إلى العزير لقضاء الإجازة”.

قطع والداه المسافات لزيارته في الخليل مرات عديده، ويروي-خطيب- أن والده خلال إحدى الزيارات في فصل الشتاء سقط على الأرض خلال توجههما لصلاة الفجر “لا أنسى صرخة ألمه إلى الآن ولعل تحمله والوالدة لمشقات السفر من أجل زيارتي والاطمئنان عليّ، كان دافعا للنجاح في المهمة التي قصدت الخليل من أجلها”.

يتابع “العائلة التي سكنت في بيتها (عائلة الزّغيّر) والأهل في الخليل تعاملوا معنا كأبنائهم، كما لا أنسى اساتذتي ومن عرفتهم من المشايخ والطلبة الذين تخرجوا من الجامعة الأردنية حيث كان لهم الفضل في تكويني الفكري بمفهومة الحركي”.

الطالب المعلم والخطيب

جمع الطالب الجامعي كمال خطيب- كلما عاد إلى العزير- حوله أبناء جيله والأصغر وبدأ بتعليمهم الصلاة والوضوء في مسجد القرية وهو الأمر الذي لم يرق حينها لكبار السن بسبب “حركة” الأطفال وأصواتهم. معتبرا أن تلك المرحلة جعلته يقترب من الشباب ويعمل على غرس القيم فيهم.

حول دور أئمة المساجد في تلك الفترة، يقول خطيب “بعد النكبة وحتى سنوات لاحقة كان هناك فراغ حتى في أئمة المساجد، فمن يُتوفى من الأئمة لم يكن من السهل أن تجد له بديلا، فضلا على أن الأئمة عموما لم يكونوا دعاة لنشر الفكر الإسلامي إلا ما ندر منهم، وأنا أؤمن أن إمام المسجد هو عنصر رئيس في مسجده وبلده وعليه أن يكون المربي والشيخ والمستشار والمرشد للناس، لا أن يؤدي وظيفته ويعو إلى بيته”.

استذكر الشيخ كمال خطيب، خطبة الجمعة الأولى في حياته والتي ألقاها وهو طالب في كلية الشريعة وكانت في مسجد “الحرس” القريب من الجامعة “كان حرجي كبيرا لأن عددا من أساتذتي كانوا يصلّون في هذا المسجد”.

ماذا يعني انتمائي للإسلام؟

شكّلت مكتبة “دنديس” المعروفة في مدينة الخليل، المصدر الأول لمطالعات الشيخ كمال خطيب الأولى في الفكر الإسلامي، ومنها اقتنى الكتب الأولى وهي: ماذا يعني انتمائي للإسلام للمفكر الإسلامي اللبناني فتحي يكن، وإحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي وكتاب معالم في الطريق للشهيد سيد قطب. يكمل “شكّلت هذه الكتب ملامح فكري الإسلامي وحركيته ومفهوم شمولية الإسلام لكل مناحي الحياة”، مشيرا إلى أن مكتبة “دنديس” ساهمت كذلك بإثراء مكتبته في المنزل كما كانت مصدرا مهما للكتب التي ضمتها رفوف المكتبة الإسلامية في كفر كنا.

نائبا لرئيس مجلس الطلبة

انخرط الشيخ كمال خطيب في العمل الطلابي في جامعة الخليل في العام 1982 وجرى ترشيحه على قائمة “الكتلة الإسلامية”- قبل ظهور حركة حماس. عن هذه التجربة يقول “فازت الكتلة الإسلامية على كتلة الشبيبة التي تمثل حركة فتح، ولم تقبل فتح بالنتيجة وقام طلاب “الشبيبة” بالاعتداء على طلاب الكتلة الإسلامية، في مشهد يذكرنا بما جرى قبل مدة في جامعة بير زيت وفي جامعة النجاح. شكّلت الكتلة الإسلامية بعد فوزها مجلس الطلبة وكنت نائبا لرئيس المجلس”.

ويرى خطيب أن رفض كتلة الشبيبة لنتائج الانتخابات أيام دراسته الجامعية هو ذات النهج الاقصائي بعد 40 عاما، داعيا إلى ضرورة الإيمان بالحوار والتعددية بدل اللجوء إلى البلطجة وقال “آمل أن تخرج قيادات من حركة فتح وفيها الكثير من الشرفاء والمخلصين لتغيير هذه العقلية الاقصائية”.

الاعتقال الأول

اعتقل الشيخ كمال خطيب عدة أيام وتعرض لاعتداء على يد سلطات الاحتلال خلال دراسته الجامعية في الخليل، وكان ذلك- كما يروي- “بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا بتاريخ 16/9/1982. خرجنا في مظاهرات طلابية منددة بالمجزرة، ووقعت مواجهات مع قوات الاحتلال التي حاصرتنا داخل الجامعة ثمّ بعد ساعات من الحصار خرجنا وجرى اعتقال العشرات من الطلبة والاعتداء عليهم بوحشية، وأخذت نصيبي من التنكيل والاعتداء والاعتقال وأدخلت إلى مستشفى “هداسا” ومكثت هناك 7 أيام ثم بعد خروجي من المستشفى أعيد اعتقالي لمدة أسبوع. لكن هذه التجربة كانت جزءا من صقل شخصيتي وبغضي للاحتلال يومها واليوم وإلى أن يتوفاني الله”.

 وقال إن والده ووالدته بدل أن يعاتباه بعد اعتقاله لأنه طالب وفي مهمة دراسة، آزراه كما كانا دائما العون والسند طول حياتهما.

وأكد أن الجامعات في بلادنا والعالم هي المحاضن التي تخرج قيادات الشعوب والأمم، داعيا الطلبة إلى الموازنة بين دراستهم والانخراط في هموم شعبهم “على طلابنا التعلم والتفوق، ولكن ليس على حساب عدم تمثيل نبض شعبهم حيث يكونون، لا يمكن عزل ذلك عن المسار الأكاديمي، عليهم ان يعيشوا هذا الشعور بين ان يمثلوا قضية شعبهم والتحصيل العلمي”.

الارتباط بالصحوة الإسلامية.. وإمامة المسجد

حول انخراطه في العمل الإسلامي بالداخل الفلسطيني، يقول الشيخ كمال خطيب إن البدايات كانت عام 1984، بالرغم من وجود صحوة إسلامية قبل هذا التاريخ، ولكن لم تكن له معها علاقة.

نهاية عام 1982 وخلال دراسته في الجامعة، زار بيتهم في العزير الأخ نبيل السعيد من قرية كفر كنا، وعرض على والده أن يكون كمال إماما لمسجد يبنى في كفر كنا (عمر ابن الخطاب)، يقول عن تلك الفترة “لم تكن عندي صورة لدور كمال المستقبلي بعد الدراسة، إن كان يريد أن يكون اماما أو معلما. فوجئت بزيارة الأخ نبيل، وقد سمع انني ادرس في الخليل عرض على والدي ان أكون اماما لمسجد يبنى في كفر كنا، في البداية أبديت تحفظا على الأمر،  لأنني لا زلت أدرس في الجامعة، وبإلحاح منه وافقت مطلع عام 83، بعد انهاء السنة الثالثة في كلية الشريعة على أن أكمل الدراسة السنة الجامعية الرابعة من خلال الانتساب عن بعد”.

البحث عن زوجة واعظة

حرص الشيخ كمال خطيب قبيل توليه إمامة المسجد في كفر كنا، على الارتباط والزواج، مضيفا “كان عمري 21 عاما، بدأت بالتفكير الجدي بالارتباط، وهذا كما يبدو يعود لشخصيتي تخيلت نفسي الشاب وأنا اتحدث للناس واعظا، فلم استسغ ذلك وعزمت على الارتباط وأن تكون الزوجة واعظة وخريجة كلية شريعة، ورغم أنني كنت في الخليل وكان فيها طالبات لكنني وجدتها صعبة أن يقال كمال ارتبط بإحدى الطالبات في جامعته. ذهبت الى الأخ ناجح بكيرات- عرفته من زياراتي للقدس والمسجد الأقصى- وأوصلني الى المقترح وكان يعرف العائلة. ثمّ كانت الزوجة أم معاذ، درست في كلية الدعوة واصول الدين في القدس وخريجة مدرسة الأقصى الشرعية. تزوجت بتاريخ 21/8/1983، وبعدها بثلاثة أسابيع انتقلت إلى كفر كنا إماما لمسجد عمر أبن الخطاب”.

وأضاف: “كنت أؤمن أن المجتمع لا يمكن ترشيده وفق المنظور الشرعي عبر مخاطبة الرجال فقط، وكان لا بد من توجيه خطاب للنصف الثاني من المجتمع، لذلك كان بحثي عن رفيقة دربي وحرصت أن تكون زوجة واعظة، والحمد لله كان لأم معاذ الدور الكبير والمؤثر في نشر الفكر الإسلامي من خلال الدروس والعظات التي اعطتها في كفر كنا وخارجها. كنا في العديد من المرات نذهب معا لإلقاء محاضرات في البلدات المحيطة”.

ونصح الشيخ كمال خطيب، الشباب في إقبالهم على الزواج بوضع معايير الدين والخلق والقيم في البحث عن الزوجة فعليها تبنى أركان الأسرة. كمال قال.

رسالة العيد

في ختام الحلقة الثالثة من برنامج “هذه شهادتي” توجه الشيخ كمال خطيب برسالة إلى شعبنا وأمتنا لمناسبة عيد الأضحى المبارك، وقال “نسأله سبحانه وتعالى أن يجعل العيد عيد حق وخير، وأن يفرج عن امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. الأضحى يذكرنا دائما بالعطاء والفداء، لكن واضح أنّ الامة تعيش ظرفا عصيبا وأنا مقتنع ويغمرني الأمل أنّ هذا الحال لن يدوم، وحتما الأمة ستتجاوز هذا المخاض ويكون الميلاد. العيد ليس بلبس الجديد، ولكنه إرساء لقيم ومعاني التواصل وصلة الرحم ونبذ المظاهر السلبية، وهذا ما يجب أن تكون عليه اعيادنا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى