أخبار رئيسية إضافيةمقالات

في مواجهة التحديات..

ساهر غزاوي

مرّ علينا أسبوع مزدحم ومليء بالتحديات والأحداث الجسام، بدءًا من تحديات قضية أعمال العنف والجريمة في البلدات العربية التي تصاعدت واستفحلت في الأيام الأخيرة وراح ضحيتها ثمانية أشخاص قتلوا في جرائم مختلفة على مسمع ومرأى من قوات الشرطة التي تدّعي أنها من أجل تنفيذ خطط حكومية- غير جدية ولا مُجدية- كثفت تواجدها وعززت من نشر عناصرها وفتحت المزيد من المحطات والمراكز في البلدات العربية، ومرورًا بتحديات ملاحقات النشطاء والقيادات والفاعلين من مختلف الأسماء والمناصب والأدوار التي يؤديها كل واحد منهم في نصرة مسيرة شعبنا الفلسطيني، ومنهم من فرضت عليه الأحكام الجائرة ومنهم من لا يزال إلى اليوم تحت الإقامة الجبرية، ومنهم من لا يزال ملفه يتداول في أروقة المحاكم الإسرائيلية، ومنهم من لا يزال يلاحق ويطارد سياسيًا وأمنيًا وتعد له السلطات الإسرائيلية أنفاسه وتحركاته.

هذا إلى جانب التصريحات الإسرائيلية المجنونة التي لا تتوقف والتي تحمل لغة التهديد والوعيد والتلويح بارتكاب جريمة تطهير عرقي جديدة (نكبة) بحقنا نحن أهل هذه البلاد الأصلانيين والتي كان آخرها (كبسة الزر) ما تفوه به متان كاهانا نائب وزير الأديان من حزب “يمينا” الذي يقوده رئيس الحكومة نفتالي بينيت، الذي قال: “لو كان هناك زر يخرج العرب من هنا إلى سويسرا، لضغطت عليه”.

هذه التحديات والأحداث الجسام تفرض نفسها فرضًا على مجتمعنا الفلسطيني في الداخل وتجعله عرضة للاعتداءات وللمزيد من إمعان الظلم والملاحقات وممارسة التمييز العنصري ضده، وتضعه أمام تحديات راهنة ومستقبلية.. فهل هذه التحديات والأحداث تنتظر منا كمجتمع فلسطيني يعيش في وطنه وعلى أرضه وينتصر لقضاياه العادلة ومقدساته وكرامته ويناضل من أجل حقوقه الجماعية والفردية، أن تمرّ عليه مرور الكرام أو أن تبقى فقط مادة إعلامية استهلاكية لعناوين الصحف والمواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها!! وبعدها عفا الله عما سلف؟ أم أن التفاعل مع مثل هذه التحديات والأحداث الجسام يبقى رهينًا لردّات الفعل التي غالبًا لا ترقى للمستوى المطلوب بسبب غياب التخطيط والعمل الوحدوي الممنهج للتفاعل مع كافة القضايا والأحداث الساخنة؟

من المهم الإشارة إليه في هذا المكان، أن هناك بعضًا من السياسيين يمارسون من خلال تصريحاتهم وخطاباتهم وتغريداتهم، أسلوب “الوعظ والتنظير السياسي”، مع التأكيد أن ذلك مرتبطًا مع النضال الميداني والعمل السياسي وليس منفصلًا ولا مقطوعًا عنهما، لكن السؤال: هل فقط وظيفة العامل في المجال السياسي والاجتماعي والشعبي تشخيص المشاكل وأمراض المجتمع وقراءة الأحداث ووضعها في إطار التحليل والتنظير السياسي؟؟ لا وأيضًا هناك منهم من يقترح على غيره، بل ويطالبه بالعمل على تطبيق طروحاته وأفكاره لمعالجة القضايا والمشاكل ومواجه التحديات؟؟ وأليس النزول إلى ساحة العمل والمبادرة إلى ترجمة الأقوال والأفكار والمقترحات إلى أعمال ومشاريع ميدانية وتفعيل وتنشيط الشارع والقاعدة الجماهيرية الشعبية هي وظيفة ودور السياسيين المحسوبين على الطبقة النخبوية التي تجلس على رأس الهرم السياسي والاجتماعي؟؟

نعم، قد يصيب العامل في المجال السياسي من الطبقة النخبوية في توصيف وتشخيص الحالة، وقد يصيب أيضًا في قراءة الأحداث ووضعها في إطار التحليل والتنظير السياسي، لكن دوره لا يقتصر على هذا وفقط، مع العلم أن هذا الدور يستطيع أن يؤديه مثقفو الطبقة الوسطى من أكاديميين وباحثين ومفكرين وإعلاميين في قاعات المحاضرات وصالات المكتبات ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي.. غير أن الدور المتوخّى من العامل في المجال السياسي في مجتمعه إطلاق المبادرات والمشاريع وإيجاد الأدوات العملية لتفعيل النشاطات وإداراتها وتحريك الشارع والقاعدة الجماهيرية والشعبية حتى ترقى مواجهة الأحداث الساخنة إلى المستوى المطلوب من خلال العمل على التخطيط والعمل الوحدوي الممنهج للتفاعل مع كافة القضايا، وهذا لا يأتي إلا إذا تضافرت جهود العاملين في المجال السياسي من الطبقة النخبوية مع جهود مثقفو الطبقة الوسطى مع جهود القاعدة الجماهيرية الشعبية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى