الجزائر وإسبانيا.. أزمة اقتصادية متصاعدة وقودها الغاز
– إقليم الصحراء مركز هذه الخلافات بين الجزائر ومدريد
– أكثر من 8 مليارات متر مكعب سنويا واردات إسبانيا من غاز الجزائر
أصدرت الجزائر أولى تهديداتها تجاه إسبانيا، بفسخ عقود إمدادها بالغاز إذا تم تحويل أية كميات منه إلى المغرب، في تجلّ واضح لتبعات إغلاق خط أنابيب “المغرب العربي أوروبا” الخريف الماضي.
يأتي ذلك، في ظل تصعيد دبلوماسي بين البلدين بسبب قضية إقليم الصحراء، وهي أحداث تزامنت مع أزمة غاز عالمية زادت من حدتها الحرب في أوكرانيا.
وفي وقت سابق، الأربعاء، قالت وزارة الطاقة الجزائرية في بيان، إن أية كمية من الغاز المصدر إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد.
وجاء في البيان أن وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب “تلقى اليوم بريدا إلكترونيا من نظيرته الإسبانية، تيريزا ريبيرا تبلغه فيه بقرار إسبانيا القاضي بترخيص التدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي.
وحسب الوزيرة الاسبانية فإن الشروع في هذه العملية سيتم اليوم أو غدا (الخميس أو الجمعة).
هذه التطورات، سبقها إعلان المغرب أنه سيحصل على حاجته من الغاز الطبيعي عبر الأنبوب الممتد من الجزائر إلى المغرب، ومنه إلى إسبانيا، لكن الأنبوب سيعمل بشكل عكسي لنقل الغاز من إسبانيا وصولا إلى المغرب.
تبعات وقف الأنبوب
ويعتبر هذا التطور بمثابة أولى تبعات إغلاق السلطات الجزائرية أنبوب المغرب العربي أوروبا،، الذي كان يزود إسبانيا بالغاز عبر المغرب، وكان الأخير يستفيد من كميات من هذه المادة في إطار حقوق العبور لإنتاج الكهرباء.
وجاء وقف العمل بهذا الخط، على خلفية أزمة دبلوماسية بين الجزائر والمغرب، سبقها إعلان الجزائر قطع علاقاتها مع الجار الغربي في أغسطس/آب الماضي، على خلفية “أعمال عدائية من الرباط ضدها” بحسب الجزائر.
وسبق للسلطات الجزائرية أن أطلقت تحذيرات خلال الخريف الماضي، مفادها أن الغاز المورد إلى إسبانيا عبر خط ميدغاز المباشر الذي يصلها بإسبانيا، موجهة حصريا للسوق الإسبانية، بموجب البنود التعاقدية.
وكان الأنبوب يزود إسبانيا بعدة مليارات متر مكعب سنويا من الغاز، إضافة لكميات أخرى يقتطعها المغرب تصل حتى 1 مليار متر مكعب سنويا، موجهة لإنتاج الكهرباء عبر محطتين تشتغلان بالغاز.
وينطلق هذا الأنبوب من حقل “حاسي الرمل” الضخم جنوبي الجزائر وصولا إلى جنوبي إسبانيا، مرورا بالأراضي المغربية، ويمكنه نقل كميات غاز سنوية تصل 12 مليار متر مكعب.
مدريد والصحراء
كما يعتبر هذا التطور، بمثابة نتيجة لموقف مدريد الجديد بشأن النزاع في إقليم الصحراء ودعمها مقترح الحكم الذاتي، الذي وصفته الجزائر بأنه “انقلاب” وغير مقبول لا تاريخيا ولا أخلاقيا.
وتشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية توترا في الفترة الأخيرة، على خلفية موقف الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز، الذي أعلن دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء، الذي طرحته الرباط قبل سنوات.
وفي 18 مارس/ آذار الماضي وصفت الحكومة الإسبانية، في رسالة بعث بها رئيسها بيدرو سانشيز، إلى العاهل المغربي محمد السادس، مبادرة الرباط للحكم الذاتي في إقليم الصحراء، بـ “الأكثر جدية” للتسوية في الإقليم المتنازع عليه، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.
وفي 19 مارس/ آذار، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور على خلفية الموقف الجديد لمدريد بشأن قضية الصحراء.
مراجعة الأسعار
مطلع الشهر الجاري، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك الجزائرية توفيق حكار، أن بلاده تعتزم مراجعة أسعار توريد الغاز الطبيعي إلى إسبانيا دون سواها من الزبائن الأوروبيين.
كانت سوناطراك راجعت أسعار الغاز المورد لصالح شركة “ناتورجي” الإسبانية عام 2020، في ظل جائحة كورونا، وحسب وسائل إعلام إسبانية، فقد تم تخفيضها دون الكشف عن تفاصيلها.
وتزود الجزائر إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب “ميدغاز” يربط بين البلدين مباشرة عبر المتوسط، بطاقة 8 مليارات متر مكعب سنويا.
وتجري أشغال توسعة حاليا على الخط لرفع طاقته السنوية إلى 10.6 مليارات متر مكعب سنويا.
وكان من المقرر أن تزيد سوناطراك قدرات ضخ الغاز عبر “ميدغاز” نهاية العام الماضي، تم تأجلت إلى فبراير/ شباط، وبعدها تأجلت مرة أخرى إلى أجل غير مسمى.
وأكد مصدر بشركة “سوناطراك”، للأناضول، فضل عدم كشف هويته، كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن الخلاف الدبلوماسي يمكن أن يؤخر عملية تشغيل القدرات الإضافية لنقل الغاز عبر أنبوب “ميدغاز”.
ووفق المصدر ذاته فإن هذه التطورات تعزز إمكانية عدم تشغيل قدرات نقل خط “ميدغاز” الإضافية إطلاقا حتى لو لم تقدم مدريد على ضخ الغاز الجزائري عكسيا نحو المغرب عبر أنبوب المغرب العربي أوروبا.