أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

أمّة الجسد الواحد..

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

رغم كل الظروف الصعبة، ورغم كل الأزمات التي تعصف بأبناء مجتمعنا الفلسطيني على امتداد تواجده في فلسطين التاريخية، وعلى الرغم مما يواجه هذا الشعب من تحديات تتمثل بنهب وسلب الأراضي وهدم البيوت، والمضايقات الاقتصادية والسياسية، يأبى أبناء هذا الشعب المجاهد، الصامد الذي أثكلته الجراح بكافة أطيافه وشرائحه، إلا أن يساهم في إغاثة إخواننا اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء، ويقف معهم ويؤازرهم في محنتهم هذه، تطبيقا لتعاليم ديننا الحنيف وتصديقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). لذلك فقد هبّ أهلنا في الداخل الفلسطيني هبّة أحرار، فاجأت العالم بجمع مبالغ خيالية لصالح إخوتنا في مخيمات اللجوء السوري، ما يثبت أننا جسد واحد إن تأذى أي عضو منه في أي بلد تأذى باقي الجسد وشعر بذات الألم ولسان حالنا يقول: أبكي على الشام أم أرثيك يا وطني… والجرح في مصر والأوجاع في اليمن. دموع بغداد في عيني دامية… تسيل بالقدس والأحداق في عدن.

 

لن أبقى متفرجا

نعم هذه أمة الجسد الواحد، التي تطبطب على جراحات بعضها البعض وتواسي بعضها البعض وتدعم بعضها البعض ولو بأقل الإمكانيات، وكل عضو في هذا الجسد (جسد الأمة الإسلامية) لسان حاله يقول: لن أبقى متفرجا على مآسي إخوتي أينما كانوا سواء في كشمير أو بورما أو اليمن أو ليبيا أو سوريا أو مصر أو في فلسطين أو في أي مكان. لن أبقى سلبيا أتنصل من مسؤوليتي الدينية والعروبية والوطنية اتجاههم. كيف ذلك والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا، ويدعم بعضه بعضا. وهنا أودّ أن أنوّه وأقول بأن أبواب الخير والمنافسة على فعله متاحة أمام الجميع، فلا يمكن احتكار فعل الخير على شخص بعينه أو مجموعة بعينها، والتعطيل على مشاركة الآخرين لحجج دنيوية متناسين قول الله عز وجل (فاستبقوا الخيرات) فإن كان الله عز وجل قد فتح لنا مضمار السباق في عمل الخيرات هل يُعقل أن يغلقه أحد من البشر لمصالح شخصية أو حزبية. علينا أن نتخطى مرحلة التخبط الإيماني حتى نسمح ونستوعب التعدد والاختلاف في سبيل عمل الخيرات، ما دمنا نشرب من نفس النبع، نبع القرآن الكريم والسنة النبوية.

نعم أيها الأخوة، إنها البشرى المحمدية بديمومة الخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة، مهما تباعدت الأمكنة واختلفت الأزمنة، فالخير قائم في هذه الأمة يترجمه أصحاب الأيادي البيضاء في كل موقف، فتراهم يسطّرون أنبل وأروع صور التلاحم والرحمة مع إخوتهم المسلمين أينما تواجدوا ويجبرون خواطرهم المكسورة، فها هي الأيادي البيضاء في داخلنا الفلسطيني تسطر من جديد أروع صور التكافل والتراحم مع إخوتنا السوريين وتقدم لهم ما تجود به الأنفس الزكية الطاهرة طمعا بمرضاة الله تعالى والفوز بالجنة، وها هم الشباب الذين يعملون في هذا المضمار، يصلون الليل بالنهار في سبيل إيصال التبرعات لمستحقيها، وتقديم المساعدات لأصحابها على جناح السرعة. والملفت للنظر أن العاملين في هذا الميدان وعلى اختلاف توجهاتهم ومشاربهم السياسية تجدهم قد تعالوا عما يفرقهم واجتمعوا على قلب رجل واحد لإيصال أكبر قدر من المساعدات. فطوبى لكل من تبرع وقدّم من حر ماله وطوبى لمن جمع وأوصل هذا التبرع إلى مستحقيه وجعل الله أعمالكم هذه خالصة لوجهه الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى