الشباب أمل المستقبل…
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
لطالما كان الشباب عماد الأمة ورأس مالها، ففيهم سر نهضة الأمم، كيف لا، وقد امتلك الشباب في مرحلتهم العمرية هذه الكثير من الثقة، والقوة، والتفاؤل، والطموح، والهمة. كيف لا وفي مرحلة الشباب يكون العقل منفتحا ومتطلعا لمعارف جديدة، حيث يعيش الشباب زمانهم بكفاءة عالية لما لديهم من طاقات وتطلعات وتفاعل مع الأحداث المحيطة بهم. لذلك فقد أولى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أهمية كبرى لجيل الشباب، لأنّه عرف قيمة هذا الجيل، ولو نظرنا إلى أصحاب رسولنا الهادي لوجدنا أن الكمّ الأكبر منهم كانوا من الشباب، وهم من بنوا لنا حضارة الإسلام، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه، لم يتجاوز الـ 20 عاما من عمره، وأمَّره الرسول على جيش المسلمين، وانتصر بالمعارك كلها وكان سببا من أسباب بناء حضارة الإسلام. وهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، كان يلقب بحبر الأمة (عالم الأمة) ولم يتجاوز بعد الـ 15 عاما من عمره، وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، كان يافعا عندما طلب منه النبي المختار أن يتعلم لغة اليهود وقد كانت لغة معقدة، خوفا من تحريفاتهم لرسائل النبي صلوات الله عليه، لهم، فتعلم لغتهم خلال 15 يوما في سبيل طاعة الله ورسوله، وجميعنا يعلم أن من جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، هو الصحابي الشاب زيد بن ثابت رضي الله عنه. هذه عيّنات من صحابة رسول الله الشباب الذين كان لهم الفضل في إرساء دعوة الله وبناء حضارة الإسلام، ولو أردتُ أن أعدد إرث الصحابة الشباب للأمة لكتبت المجلدات، ولكني أكتفي بهذه الأمثلة.
مما يتّضح أعلاه، نوقن أن مرحلة الشباب ليست مجرد مرحلة عمرية وتمضي، بل هي أهم مراحل الحياة، وعليها يُرسم ما تبقى من العمر، فإمّا زيادة في الطاعة وإعلاء للذكر، أو زيادة في المعاصي والذنوب والانصهار في معترك الحياة دون أدنى ذكر أو ترك أي بصمة. ومن هنا نصل إلى أن الشباب هم قادة المستقبل، فإذا أردت أن تنظر إلى أمة، وإلى ما وصلت إليه من تطور ورقي ونماء، فانظر إلى شبابها، وانظر إلى دورهم في بناء الأمة. ومن هذا المنطلق، فإنني أتوجه إلى أبنائي من الشباب وأقول لهم يا معشر الشباب، أنتم أملنا الوحيد في استرجاع حضارتنا المنهكة التي أعيتها سهام الأعداء ومخططات الحاقدين. فيا أيها الشباب، عودوا لتوجيهات القرآن والسنة لكم، واجعلوا من فتية الكهف مثلًا لكم (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)، اجعلوا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إستراتيجية لحياتكم حين قال: (لا تزولُ قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ….)، وحين قال في حديث آخر: (اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك). إذن من خلال هذه الأحاديث يتضح لنا أهمية مرحلة الشباب في بناء الأمم والحضارات وكيف تم توجيههم من خلال الكتاب والسنة التوجيه السليم، نحو البذل والعطاء والبناء، فخرج لنا القادة العظام والعلماء الأفذاذ من شباب الأمة، لكن وللأسف الشديد، لو نظرنا اليوم بنظرة شمولية للشباب، نجدهم في الطرقات والمقاهي يقتلهم الفراغ أو نجدهم قد أدمنوا المخدرات وأدمنوا النت بكل أنواعه فأصبحوا تائهين غرقى في الذنوب والمعاصي والابتعاد عن الدين، وسط تراشق الاتهامات عن مسؤولية عما وصل إليه شبابنا. ولكن لم يفت الأوان بعد، فأمة محمد بن عبد الله لا تزال ولاّدة حتى قيام الساعة ورحمها فيه الخير الكثير لهذه الأمة وشبابها، فكل ما علينا فعله هو أن نتحد جميعا، الأهل مع الدعاة والقدوات في المجتمع، لرسم خطة ممنهجة تستقطب الشباب من كافة الشرائح العمرية والفكرية ونظللهم تحت مظلة العقيدة والأخلاق والثوابت الوطنية، ونشحذ هممهم لصالح الأمة، لأننا في خطر وشبابنا في خطر، فقد تحوّل شبابنا إلى قنبلة موقوتة لا بد أن تنفجر، فإمّا تنفجر بوجه الحاقدين واعداء الدين ويخرج لنا من بعد الانفجار عزا ونصرا يعلي من شأن الأمة ورقيها أو تنفجر هذه القنبلة بوجه المجتمع والأمة المسلمة ما يعني ضياع هيبة الإسلام وتشويهه.
لذلك، كلي أمل وتفاؤل بأنه لا زال في هذه الأمة الخير امتثالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخير فيّ وفي أمتي إلى قيام الساعة) ويحدوني أمل أن يتحول كل شاب من شبابنا الى مصحف يسير في المجتمع بين الناس، عند ذلك سيكون هؤلاء الشباب لبنات في بناء المجتمع والحضارة الإنسانية، لا معول هدم ينخر في جسد الإنسانية المعذّبة، يزيد من عذاباتها بقصد أو بغير قصد.