تعرية الوجه القبيح للأمم المتحدة وحربها على القيم والأخلاق
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
في مقالتي السابقة، أوضحت الهدف غير المعلن من إنشاء منظمة الأمم المتحدة، كما وتحدثت عن دورها في هدم الأسرة المسلمة بالتحديد، من خلال إستراتيجيتين متوازيتين تعملان على نفس الهدف (الأسرة المسلمة)، الإستراتيجية الأولى، تعمل على هدم وتدمير الأسرة القائمة، والإستراتيجية الثانية تعمل على عدم تكوين أية أسرة جديدة، وذلك بتوفير مصارف ثانية للشباب أوفر وأسهل لهم من تكوين أسرة شرعية، فمنذ سنوات تعمل منظمة الأمم المتحدة وعبر برامجها الإعلامية على تغيير مفاهيم وثقافة الشعوب، وتغيير نظرة الشباب للزواج وإنشاء الأسر، وتغيير سلم الأولويات في الحياة فأصبح العمل والتعليم والكسب المادي السريع أكبر همهم، وأصبح الزواج الذي كان حلم كل شاب، آخر الأولويات، وبالذات بعد ضياع الدين وانتشار الزنا والفواحش، أصبح الزواج أمرا غير مرغوب فيه.
وحتى تنفذ الأمم المتحدة هذه الأجندات كان لا بد لها من مظلات تعمل تحت سقفها، وقد عقدت منظمة الأمم المتحدة مؤتمرات عدة للعمل على تحقيق هذه الأجندات، وتقنينها دوليا واعتبار هذه القوانين ملزمة لجميع الدول دون استثناء، مع السماح لبعض الدول الإسلامية والدول المحافظة نوعا ما بإبداء تحفظها على بعض بنود هذه الاتفاقيات، وإعطائها مهلة زمنية لتجهيز الشعوب والمجتمعات على تقبل هذه الاتفاقيات والقوانين التي تمس بروح ديننا وشريعتنا وتقتل القيم والأخلاق فينا، وذلك من خلال تغيير المناهج الدراسية، وتغيير ثقافة المجتمع من خلال الإعلام الفاسد الهابط الذي يُجمّل القبيح ويخففه حتى نألفه على الأقل، ويصبح شيئا عاديا يمكن استيعاب وجوده في مجتمعنا، كما حصل ويحصل الآن في نشر فكرة الشذوذ والجندرية لدى الجيل الناشئ.
وحتى تستطيع الأمم المتحدة نشر هذه الأفكار المسمومة في مجتمعاتنا المسلمة، كان عليها لِزاما كما ذكرت أن تعمل على تدمير الحصن الأول للمجتمع (الأسرة) حتى تستطيع تنفيذ أجنداتها المدمرة للدين والقيم والأخلاق وجعل العالم يعيش في حالة من الفوضى الأحادية (لا يوجد راع ولا مسؤول ولا ولي على أحد)، وبذلك تتم السيطرة على العالم بعد إغراقه في بحر الشهوات، وذلك من خلال مظلات مُموّهة تحت مسميات براقة تزعم أنها جاءت لحماية الأسرة والمرأة والطفل، ولكنها على العكس من ذلك تماما. وعلى ما أعتقد فإن أخطر هذه المظلات هي مظلة “التنمية المستدامة 2030” التي اقُرّت عام 2015 وكما نلاحظ بأن الأمم المتحدة وضعت لهذه المظلة جدولا زمنيا مدته 15عاما لتنفيذ أهداف هذه المظلة، التي تحتوي على 17 هدفا، وقد جاءت أجندة التنمية المستدامة لتستوفي ما لم يتم استيفاؤه في المظلات السابقة، فهي مكملة لتلك المظلات، وأهم ما طالبت به أجندة التنمية المستدامة:
- إلغاء القوامة والولاية وتغيير هيكلة الأسرة.
- الزنا بالتراضي أو المُساكنة، مع رفع سن الزواج إلى 18 سنة والسماح بممارسة الجنس لأبناء 12 سنة.
- الصحة الجنسية والإنجابية: وتعني ضمان وتشدد على كلمة ضمان توفير رعاية صحية جنسية لجميع أفراد العائلة من جميع الأعمار، وتوعية وتدريب المراهقين على استخدام وسائل منع الحمل.
- الأمومة الآمنة: وتعني ضمان رعاية المراهقات الحوامل، والتقليل من وصمة العار التي تصيب الإسر نتيجة حمل مراهقة خارج إطار الزواج، لا بل على المجتمع احترامها واحترام رغبتها بإنجاب ابنها من الزنا.
- حرية الاختيار في الإجهاض الآمن للمراهقات وتوفير ذلك لهن. 6. وأخطر ما تطالب بتطبيقه، أجندة التنمية المستدامة هو: مساواة الجندر والجندر، وتعني تعديل مظهر الجسد أو وظائفه بوسائل طبية أو جراحية أو بوسائل أخرى، كتغيير اللباس وطريقة الكلام والسلوكيات وفق ما يشعر به كل شخص بغض النظر عن النوع المسجل في شهادة الميلاد (يعني انت حر ان تختار أن تتحول لأنثى إذا أردت ذلك والعكس كذلك)، وعلى المجتمع تقبل واستيعاب هؤلاء الشواذ وانخراطهم في المجتمع، وعدم اعتبارهم حالة مَرضية أو شاذة، لا بل هنالك من يطالب أن يشكّل هؤلاء الشواذ نسبة 15% من المجتمع، وهنالك من المعتوهين من يطالب أن يكون شاذا واحدا على الأقل في كل أسرة. وبذلك يتم نشر فكرة الشذوذ وتقبلها. وهذا ما يحصل الآن في العالم حيث أصبح الشواذ في أوروبا يتقلدون مناصب مرموقة في المؤسسات والدوائر الحكومية، فها هي آيسلندا تحتفل بأول رئيسة وزراء شاذة في العالم في يونيو 2010 وها هو رئيس وزراء لوكسمبورغ يعلنها على الملأ بأنه شاذ عندما أظهر زوجته (الرجل) عند التقاط صورة لزوجات رؤساء وزراء حلف الناتو. كما أن هنالك العديد من البرلمانيين في عدة دول أوروبية يتفاخرون بشذوذهم.
لذلك أعود وأؤكد أن منظمة الأمم المتحدة ما هي إلا واجهة لجهات خفية تعمل على تدمير البشرية جمعاء وليس فقط تدمير الأسرة. لذلك علينا جميعا، أفرادا ومؤسسات وحكومات، أن نعي حجم الكارثة التي تحيط بنا وأن نقف سدا منيعا أمام تمرير هذه المخططات، من خلال عودتنا للدين الحنيف وتطبيق شرائعه التي أعطت الحقوق الكاملة لكل فرد من أفراد المجتمع دون الحاجة لمنظمة مشبوهة أن تقرر وتسنن لنا قوانينها الهادمة والمدمرة لأخص خصوصياتنا الدينية والعرفية تحت مظلات براقة خداعة. فيا أيها المسلمون، اتقوا الله في أنفسكم وأهليكم ولا تتخذوا الشيطان وليا فيصدق فينا قول الله عز وجل: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).