اغتيال العقول
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وشيطنة الإسلام والمسلمين كانت الفرصة مواتية لدعاة الإلحاد الجديد وعلى رأسهم “ريشارد دوكنز” الملقب بنبي الإلحاد، أن يشهروا أقلامهم المسمومة وينشروا أفكارهم الإلحادية الخبيثة، الحاقدة على الدين بشكل عام وعلى الإسلام بوجه الخصوص، لما يتميز به الإسلام، من الشمولية، والمعاصَرة، وتمشيه مع الفطرة الإنسانية، فوجدوا في أحداث سبتمبر سببا لنفث سمومهم وإظهارهم للناس أن الديانات هي سبب النزاعات بين الدول وأصل الصراع بين الدول، وربطوا بين التدين والعنف والإرهاب، لذلك نجد أن هؤلاء الملاحدة قد استغلوا فرصة شيطنة الإسلام عالميا، وأخذوا ينسبون كل مصيبة تقع على العالم إلى الدين، فبدأوا بضخ العديد من الكتب الإلحادية إلى الشارع العربي، وإلى النخبة المثقفة، من أبناء أمتنا الإسلامية خاصة، وبدأوا باستقطاب النخب الشعبوية من ممثلين ومغنين ولاعبي كرة من الذين كسرتهم الهزيمة النفسية فأصبحوا أدوات استقبال فقط لكل ما هو غربي!! دون النظر إلى مضمون ما يستقبلون، فجعلوا من أنفسهم حاويات قمامة لجمع وسخ الإلحاد، لا بل والدعوة له، والسبب في ذلك يعود إلى جهلهم الفكري والمعرفي بالعقيدة الإسلامية وضعف تدينهم وإيمانهم وعدم إدراكهم لنتائج هذا الإلحاد الهجين. وحتى لا أُدخِل القارئ في لبس أود أن أوضح معنى الإلحاد في اقتضاب، الإلحاد معناه الميلان أو الانحراف عن المسار الصحيح، ويقسم إلى ثلاثة أنواع:
1- الملحد الصلب: الذي ينكر وجود الله سبحانه وتعالى وهذا الإلحاد الصلب الذي لا يقبل أي نقاش.
2- الملحد اللاأدري: وهو غير المتيقن من وجود الله ولا يريد البحث في ذلك لأنه لا يبالي بوجود الإله من عدمه فيتعامل مع الحياة وكأن لا إله فيها.
3- الملحد الربوبي: هو الذي يؤمن بوجود الله لكن لا يؤمن بوجود الدين ويعتقد أن الرب خلق الكون وتركه هكذا ليعمل الإنسان ما يحلو له دون خوف من أي حساب. ولو رجعنا عبر التاريخ لوجدنا أن جذور الإلحاد متجذرة في الشعوب الغربية بسبب كراهية تلك الشعوب لرجال الدين والقساوسة الذين ظلموا الشعوب باسم الدين والرب، ولوجدنا أن علاقة الإلحاد علاقة مضطردة مع الفكرة الشيوعية من خلال شعاراتها، الدين أفيون الشعوب، الله، والأديان والرأسمالية والإقطاع ما هي إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ. لذلك نلاحظ أن من أهم ميزات الإلحاد الجديد العدائية الشديدة للتوجه والفكر الديني والتهجم عليه بأساليب وقحة ساخرة تهزأ بالله والرسول، تحت مسميات الحرية الشخصية وحرية المعتقد، وهذا ما رأيناه في التعامل مع الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى استثمار مواقع السوشيال ميديا في نشر الإلحاد من خلال البرامج الثقافية، والأفلام والمسلسلات، وعبر اللافتات الإعلانية على الطرقات وعلى واجهة الباصات، وحتى يتأكد دعاة الإلحاد من نشر فكرهم الخبيث قام ريتشارد دوكنز بتأسيس مؤسسة خاصة به لنشر كتب الإلحاد لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من أبناء المجتمعات وحتى الوصول لشريحة الأطفال من خلال كتب مبسطة تشرح فكرة الإلحاد، وحتى تصيب سهامهم القاتلة تلك أبناء مجتمعنا المسلم قام هؤلاء الملاحدة بترجمة هذه الكتب إلى العربية وجعلها في متناول يد الجميع حتى يستطيعوا قصف عقولنا واغتيال إيماننا وعقيدتنا، لذلك وجب على كل الدعاة والمشايخ الأفاضل أن يحتضنوا جيل الشباب بشكل خاص، ويجيبوا عن استفساراتهم وشكوكهم بكل حب ورضا، ومحاورتهم، لأن الملحد أو الآيل للإلحاد لا نملك معه إلا لغة الحوار والقرائن، لأن الإلحاد فكر منحرف لا يعالج إلا بفكر قويم. وإننا وأمام هذا الطوفان الإلحادي علينا المواجهة الفكرية بكل ما نستطيع من وسائل وقرائن والذود عن ديننا ووطننا والوقوف سدا منيعا أمام هذا الانقلاب الذي يريد اغتيال عقولنا ليسهل عليه احتلال بلادنا، لأن المعركة اليوم، معركة عقول وأفكار وإخضاع للإنسان من خلال السيطرة على فكره والوصول به إلى ما يريد الخصم دون الحاجة إلى استخدام القوة، لأنه من البديهي أن من يأكل شيئا مسمما سوف يموت من السم، وكذلك فإن من تسمم أفكاره وعقائده ثوابته سيواجه خطرا أشد فتكا من الموت، إنه موت أمة وحضارة. ولذلك قال المفكر الألماني “هاينه”: (إن الأفكار الفلسفية التي يطرحها أستاذ من مكتبه الهادئ قادرة على إبادة حضارة بأكملها). فلا تسمحوا لهم بإبادة عقولنا.