عملية برخان.. نهاية فشل عسكري كلف فرنسا خسائر ضخمة
“قرار كان منتظرا”، هكذا علقت صحيفة “لاكسبريس” الفرنسية، على قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بإنهاء عملية برخان العسكرية في منطقة الساحل الإفريقي.
وقالت الصحيفة، في تقرير، أظهرت من خلاله فشل العلمية الفرنسية التي انطلقت تحت قيادة الرئيس الأسبق فرنسوا هولاند، إنّ “بعد 8 سنوات من الاشتباكات المكثفة ومصرع العديد من الجنود الفرنسيين والمدنيين، قرر ماكرون تقليص الوجود العسكري وإغلاق القواعد وتعديل شكل القتال ضد الإرهابيين في المنطقة”.
ورغم تأكيد الصحيفة أن جزءا من القرار يعود إلى خلافات سياسية بين فرنسا ومالي على خلفية تنفيذ جيشها انقلابا ثانيا في أقل من عام، أشارت “لاكسبريس” إلى الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها باريس بسبب “برخان” كونها هي العملية العسكرية الأكبر التي تطلقها خارج أراضيها.
وقالت إن ميزانية العمليات العسكرية الفرنسية على الصعيدين الخارجي والداخلي، ارتفعت في عام 2020، أكثر من 60 مليون يورو مقارنة بعام 2019.
ويعزى هذا بشكل اساسي إلى قرار زيادة قوة عملية برخان، حيث تم نشر 600 جندي إضافي في بداية 2020 لتصل إلى 5100 جندي.
وانطلقت برخان في 1 أغسطس/ آب 2014، وتم تشكيلها بالتعاون مع 5 بلدان، المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تمتد في منطقة الساحل الإفريقي: بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر.
ـ وهم الانتصار
من جانبها، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، الجمعة، إن قرار عملية “برخان” يضع حدا للوهم بشأن أي انتصار عسكري محتمل.
ورأت الصحيفة أن إعلان ماكرون قرار تخفيض عدد القوات الفرنسية في العملية والانسحاب التام بحلول 2023 “لا يعني سوى أن نتائج 8 سنوات من التدخل الفرنسي في منطقة الساحل ليست رائعة”.
واعتبرت “لوموند” أن النتائج السلبية تظهر في استمرار الخسائر البشرية، لافتة أن أكثر من 8 ألاف شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ عام 2013.
كما أشارت أنه رغم العملية الفرنسية نزح مليون شخص بسبب القتال، وقتل 50 جنديا فرنسيا كانوا في الخدمة.
وفي إطار الانتقادات الموجهة لعملية برخان، تابعت لوموند: “لا يفهم الفرنسيون سبب موت الجنود دفاعًا عن الجيش المالي، بينما يتهم سكان الساحل الإفريقي باريس بالاستعمار الجديد”.
كما أفادت بأن “الانتصارات قصيرة العمر للعملية لم توجه ضربات قاتلة للجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش في المنطقة”.
وأردفت: “حان الوقت لإطلاق صافرة نهاية برخان، رغم أن هذا لا يعني، أن فرنسا سوف تتخلى عن المنطقة”.
ومضت في انتقاداتها قائلة: “تم بالفعل إنفاق مئات الملايين من اليوروهات في السنوات الأخيرة لمحاولة تحسين التنظيم والقدرات القتالية للجيش المالي، لكن دون نجاح كبير”.
– ضحايا القوات الفرنسية
من جهته، ركز موقع قناة “بابليك سينات” الفرنسية في تقرير حول إنهاء الوجود العسكري في دول منطقة الساحل الإفريقي على الخسائر في الأرواح التي تكبدها الجيش الفرنسي.
وذكر الموقع أن “50 جنديا فرنسيا لقوا مصرعهم منذ عام 2013 في العمليات العسكرية “، بينهم 5 قتلوا منذ بداية العام الحالي.
كما لفت إلى أن الفشل الفرنسي في هذا السياق، ظهر عندما أكد وزارة الخارجية الفرنسية بأن حل هذه الأزمة لن يكون إلا “سياسيًا”.
ورغم إعلان ماكرون انتهاء عملية برخان، إلا أن الجدول الزمني لفك ارتباط فرنسا التدريجي بمنطقة الساحل “لا يزال غير واضح”، وفق المصدر ذاته.
وأضاف الموقع أن قرار الرئيس الفرنسي لم يبرز أي تفاصيل حول عملية الانسحاب أو أي أرقام معلنة في هذا الشأن.
وعلى صعيد آخر، حاول الموقع إبراز فكرة أن القرار الفرنسي ومحاولات تدويل جهود مكافحة الإرهاب في دول الساحل الإفريقي “لابد ألا يفسر كعلامة ضعف”، مشيرا إلى أن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت حسابات ماكرون “صحيحة”.
– استراتيجية خاسرة
بدوره، وصف أوريليان تاشيه، عضو لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) التدخل الفرنسي في الدول من أجل مواجهة ما أسماه “التهديد الإسلامي” بـ”الاستراتيجية الخاسرة”.
وقال في تصريحات لموقع إذاعة “فرانس إنفو” إنّ “استراتيجية التدخل هذه والتي يمكن مقارنتها بالتدخلات الأمريكية في أفغانستان، وفي إيران، لا تنجح”، على الرغم من أنه يعتقد أن “كل هذا بني على نية حسنة”.
وأضاف أن انتهاء هذه العملية العسكرية “يجب أن يدعو إلى التساؤل العميق حول الطريقة التي يمكن بها أن تكون فرنسا فعالة في المعركة ضد الإرهاب”.