يوم المرأة العالمي أكذوبة واستخفاف!
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
من منّا يستطيع نكران ما وصلت إليه المرأة في الإسلام، وما استحققته من حقوق لم تنل مثيلتها الغربية أعشار هذه الحقوق حتى يومنا هذا. إن كان هناك من يشك أو ينكر ذلك فهو إمّا أعمى وجاهل أو حاقد على الإسلام، لذلك اختار أعداء الإسلام والحاقدون عليه محاربة الإسلام وضربه من الداخل من خلال المرأة التي هي أساس مهم في نصرته وبناء حضارته، فدخلوا للمرأة من باب ظلمها الذي يدّعونه ظلما وبهتانا على الإسلام، ومن باب كبت حريتها وتهميشها مجتمعيا! وما إلى ذلك من اتهامات باطلة سأفنّدها باقتضاب خلال هذا المقال. لكن قبل ذلك، سأعرج في حديثي على مناسبة ابتدعتها نساء الغرب ولحقت بها النساء المضللات من نسائنا ظنًّا منها أنها بذلك تواكب الحداثة والعصرية.
قبل أيام قليلة وبالضبط في الـ 8 من أذار احتفل العالم أجمع بما يسمى بيوم المرأة العالمي الذي بات الاحتفال به حدثًا سنويًا ثابتًا منذ عام 1977 حين أعلنت منظمة الأمم المتحدة ومنظمات دولية، أن يوم 3/8 من كل عام، هو يوم للمرأة والاحتفاء بها وتقديم الهدايا والزهور لها!!! وفي كل عام ترفع الجمعيات النسوية والمنظمات الدولية شعارًا مختلفا يصف ما ترنو إلى تحقيقه هذه الجمعيات بالنسبة للمرأة، كأن ترفع شعار المساواة وعدم التمييز، أو شعار التحدي، أو المرأة والقيادة وتحقيق مستقبل متساو، وما إلى ذلك من شعارات برّاقة تلفت نظر النساء إليها والالتفاف حولها! لأن الظاهر من هذه الشعارات أنها تصبّ في مصلحة المرأة المسحوقة، المنهكة، مهضومة الحقوق. لذلك ففي هذا اليوم تقام في أغلب الدول المسيرات والمظاهرات التي تطالب الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان، بإعطاء المرأة كامل حقوقها ومساواتها بالرجل!! وأنا هنا أتحدث عن المرأة الغربية، التي طالما عانت ولا زالت من الظلم والإجحاف بحقها على مر العصور!! نعم أيتها السيدات والسادة، يا من أغرّتكم الحداثة الأوروبية وأعمت بصركم وبصيرتكم عن رؤية الحقيقة المرعبة، حقيقة تعامل الغرب مع المرأة، وإنني ها هنا سوف أذكر لكم على سبيل القصر لا الحصر بعض هذه الحقائق المخيفة في التعامل مع المرأة في الغرب وسأضرب لكم على سبيل المثال:
1. ألمانيا تلك الدولة التي تعتبر من الدول المتقدمة جدًا في أوروبا، إلا أنها تتصدر قائمة البلاد الأكثر قتلا للنساء بين دول الإتحاد الأوروبي في عام 2018 حيث يتم قتل امرأة كل يومين على يد شريكها، لا بل والأمرُّ من ذلك التساهل من قبل حكومة برلين والتقصير من قبل الإعلام في قضايا الجرائم بحق النساء وتسميتها بالجرائم الرومانسية أو مآسي الحب، مما يجعل هذه الجرائم مسألة خاصة وحادثة فردية لا جزءا من مشكلة في المجتمع الألماني ككل (حسب موقع دويتشه فيله الألماني). في المقابل إذا قتلت امرأة عربية- ونحن بالتأكيد ضد أي جريمة قتل ضد امرأة أو رجل- لقامت الدنيا وما قعدت من قبل النسويات واتهمت مجتمعنا بالذكورية والإجرام بحق المرأة! وأن على المرأة العربية التمرد على هذه الذكورية.
3. اليابان: ومن منّا لا يعرف اليابان الدولة التكنولوجية المتطورة، الأولى عالميا في الصناعات، هل تتخيلون أن حزبها الحاكم، الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يحكم اليابان منذ 55 سنة أخيرًا وفي القرن الواحد والعشرين، اتخذ قرارا يقضي بالسماح للنساء المنتسبات للحزب في درجات متقدمة المشاركة في اجتماعاته بشرط عدم الحديث!
وهل تعلمون أنه في العام 2019 كان شعار أحد المرشحين في اليابان، المرأة لا تصلح للسياسة يجب أن تعود للمطبخ! وهل تعلمون يا سادة، أن حفل تنصيب الإمبراطور في اليابان لا تحضره النساء، وهل تعلمون أن ديانة الشينتوا تمنع دخول النساء إلى مناطق معينة من معابدها!
3. هل تعلمون أن المرأة في أوروبا لا تستطيع الطلاق من زوجها وأظن أن أغلبنا سمع بمصطلح (زواج نصراني) أي لا يمكن الطلاق فيه.
هذه بعض الأمثلة على هضم حقوق المرأة في القرن الواحد والعشرين في دول تدّعي التقدمية والحرية والمساواة وتنعت الإسلام والدول الإسلامية بالدول المتخلفة والذكورية غير المنصفة للمرأة، وتجييش أبواق الإعلام الفاسد لضرب قيمنا وثوابتنا العقدية من خلال الوصول إلى المرأة عبر أبواب الحرية الشخصية والمساواة، مع العلم أنّ الإسلام كرّم المرأة كما لم تكرم في أي دين أو حضارة قبله، لأنه دستور رباني شامل حفظ حقوق المرأة بكل حالاتها وصفاتها، كرّمها بنتا وكفل رعايتها من والدها وكرّمها زوجة وكفل رعايتها من الزوج وكرّمها أمًا وكفل برّها من الأبناء، وقد كرّم الإسلام المرأة وكفل لها حق التملك، وحق الإجارة، وحق التعلم، وحق البيع والشراء، وحق الميراث، كما أن الرسول القدوة صلوات ربي عليه قد خصصّ للنساء يوما ليعلمهن ويفقههن بالدين وأمور الآخرة، وكانت آخر وصايا رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيرا) (والنساء شقائق الرجال).
لذلك، فقد أبدعت المرأة المسلمة وتقدمت وارتقت ووصلت إلى القمة، فخرج لنا عبر تاريخنا الإسلامي نساء رائدات في كافة المجالات كانت لهن أروع البصمات في تطور حضارة الإسلام وتقدمها وعلى سبيل الحصر لا القصر سأذكر لكم بعضا من هذه الرائدات:
1. نسيبة بنت كعب: أول محامية امرأة في الإسلام، وذلك عندما ذهبت لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسألته لماذا تختص جميع آيات القرآن بالرجال ولا تذكر النساء. وهي كذلك من قالت للرسول عليه الصلاة والسلام، ما أرى إلا كل شيء للرجال ولا أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت آية: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا). ويذكر أن صحيفة “هابينجتون بوست” الأمريكية وضعتها على رأس قائمة أكثر عشرة نسوة مسلمات وجب معرفتهن جيدًا.
2. رفيدة الأسلمية: أول ممرضة في الإسلام، وأول من أقامت خيمة إسعافية في ساحات القتال، لتطبيب الجرحى وهو ما يعرف بيومنا الحاضر مستشفى ميداني.
3. الشفاء بنت عبد الله: كانت تعلم النساء الكتابة والقراءة ولشدة ذكائها عيّنها الفاروق عمر بن الخطاب، لحل مشاكل التجار في الأسواق وهذه الوظيفة بمثابة وزيرة للتجارة.
4. السيدة عائشة أم المؤمنين: حيث كانت تعلم الصحابة أمور الدين والأحاديث النبوية، وقد روي عنها أغلب أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.
5. نسيبة بن كعب المازنية: حيث كانت تشارك في القتال بسيفها وقد دافعت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصيبت بكتفها وهي أول امرأة تركب الأسطول مع المسلمين.
هذا غيض من فيض رحمة الإسلام بالمرأة، فإلى دعاة حقوق المرأة، وإلى المطالبين بالمساواة بين الجنسين، هل هناك في تشريعاتكم من كرّم المرأة وصانها وحفظ حقوقها كما الإسلام؟!
هل تظنون أن تحديد يوم عالمي للمرأة سيستر سوءاتكم في امتهانها؟! لا والله، مهما حاولتم التخفي خلف ستار حقوق المرأة فأنتم مكشوفون ومفضوحون من خلال استغلالكم لجسد المرأة واستخدامه في الإعلانات التجارية، ومن خلال استغلال المرأة في الأفلام الاباحية، فهل هذه الحرية التي تطالب بها النسويات؟!! أين المطالبة بحرية النساء الأسيرات في معتقلات سوريا، والعراق وفلسطين، و………، أين المطالبة بمساعدة ودعم المهجرات البورميات، واللاجئات الفلسطينيات والجائعات اليمنيات، هذا إذا أردتم الصدق في مطالبكم وحملاتكم لمناصرة المرأة، أم أن هدفكم الأكبر محاربة الإسلام من خلال المرأة المسلمة، وإلا ما قولكم يا دعاة حقوق المرأة فيما أعلنته سويسرا عن قرار حظر النقاب في 2021/3/8 أي الموافق ليوم المرأة العالمي قبل أيام! فكما ذكر ماركو كبييزا رئيس حزب الشعب السويسري بعد إقرار القانون: نحن سعداء، لا نريد إسلاما راديكاليا في بلادنا! وهنالك 15 دولة أوروبية تحظر لبس النقاب فيها!! أين الحرية الشخصية في هذه القوانين؟! أين حق المرأة في اختيار لبسها وأسلوب حياتها؟! أم أن هذه الحقوق لا تسري إلا على التعّري والانحلال فقط!
وأخيرا وليس آخرا، أتوجه إليك غاليتي وأختي، وحبيبتي المرأة، حقك واضح وضوح الشمس في الإسلام، فلا تضيعي وقتك وجهدك وطاقتك في البحث عن كنز بين يديك أعطاك إياه رب العباد، افتخري بإسلامك وارفعي رأسك بحجابك، يا جوهرة من عند الله حماك ورعاك الإله في كل يوم من أيامك.