نحن شقائق الرجال، المؤنسات الغاليات، لن نغرق في مستنقع النسويات
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
لست بصدد الدفاع عن الإسلام وكيف أنه الديانة الوحيدة التي أنصفت المرأة وأعطتها كامل حقوقها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية و…..، ولست بصدد التعريف بما وصلت إليه المرأة المسلمة عبر تاريخنا الإسلامي منذ بزوغ شمسه وحتى الآن، لأن المقام لا يتسع لذكر هذه الحقائق الجليّة الواضحة كوضوح الشمس في كبد السماء، لأن من ينكر هذه الحقائق، فما هو إلا أعمى البصيرة أو حاقد ومعاد لهذا الدين، وما أكثرهم، سواء من مجتمعات خارج دائرة الإسلام أو من أبناء جلدتنا الذين لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه، ولم يحاولوا حتى فهمه، بل أعلنوا له العداء السافر تحت الكثير من المسميات والأسباب.
لذلك، سأقوم في هذا المقام، بكشف حقيقة عداء بعض هذه الفئات التي تحارب الإسلام بكل ما أوتيت من قوة، ولم تأل جهدًا في سبيل ذلك، وقد دخلت باب العداء والحرب مع الإسلام من خلال جمعيات نسوية تدّعي أنها تطالب بحقوق المرأة والوصول بها إلى مكانة مرموقة في المجتمع، وتطالب بتحسين ظروفها!!! نعم مطلب حق يراد به باطل!! لماذا؟! لأنه كما ذكرت في مقدمة حديثي أن الإسلام الدين الوحيد الذي أنصف المرأة وأعطاها كامل حقوقها، وقد بيّنت ذلك في مقالات سابقة، لكن الذي أريد أن أكشفه من خلال هذا المقال هو: حقيقة هذه الجمعيات النسائية، نشأتها وأهدافها، فلو رجعنا إلى تاريخ نشأة هذه الجمعيات النسوية لوجدنا أنها نشأت في القرن التاسع عشر رسميا، مع أنه كان لها جذور قبل ذلك، لكن في عام 1854 كانت نقطة الانطلاقة عندما خاطبت الناشطة والقائدة في حركة حقوق المرأة، إليزابيث ستانتون، المشرعين الأمريكيين قائلة لهم: نحن لا نريد أكثر من القوانين التي شرعتموها لأنفسكم، وكانت تقصد المطالبة بحق التعليم والعمل وعدم التمييز على أساس الجنس، وحق التصويت وحق الملكية الشخصية وحضانة الأطفال- وأعتقد أن الجميع يعلم بأن جميع هذه المطالب قد ضمنها الإسلام للمرأة مثلها مثل الرجل، لأن إسلامنا العظيم لا يفرق بين ذكر أو أنثى- وقد كانت هذه مطالب النسويات في المرحلة الأولى لنيل حقوقهن الأساسية – وبالطبع فإن أي إنسان يؤيد هذه المطالب العادلة التي طالبت بها المرأة الغربية آنذاك- إلى أن تطورت تلك المطالب في سنوات الستينيات من القرن العشرين على أيدي الموجة النسوية الجديدة (الثانية) حيث تبنت هذه الموجة فكرة الهيمنة الذكورية على الحياة، ومن هنا بدأ الانحراف في مطالب هذه الجمعيات، فبدأت بشنّ حرب شعواء على الرجل، لا بل افتعال حرب وهمية حتى لو اضطرت هذه النسويات إلى قلب الحقائق وتزويرها في سبيل نشر هذه الفكرة (هيمنة الرجل وسطوته على المرأة في كل مناحي الحياة) فكما ذكرت (الصحافية كيت ملت)، حيث تقول: “إن الديمقراطية هي جوهر الهيمنة الذكورية وإن الدول الديمقراطية هي مجرد خداع لتغطية حقيقة سيطرة الرجال على الحكم”. وقد وصلت المبالغة بشيطنة الرجال إلى حدود لا مثيل لها حيث ادّعت النسوية غلوريا ستينمان في كتابها الثورة من الداخل، أن عدد ضحايا النساء جراء فقدان الشهية تجاوز الـ 150 ألف امرأة، وسبب ذلك ارتفاع معايير الجمال لدى الرجال!! لكن تبين أن هذا الرقم الخيالي لا يمت للحقيقة بصلة، وأن العدد الصحيح لا يتعدى الـ 200 امرأة!! ومن خلال هذه الأمثلة التي ضربتها، يتضح لنا كيف أن النسويات انحرفت عن هدفها الأساسي الذي طالبت به النسويات في الموجة الأولى، أمثال بانكست الإنكليزية التي باعت منزلها واستغلت ثمنه في الترحال والسفر إلى مدن بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية لتلقي الخطابات وتطالب بحق المرأة بالتصويت والانتخاب!! وكما نلاحظ بأن مطالب النسويات الغربيات في تلك المرحلة كانت مقبولة وعادلة بالنسبة لما كان يحيق بها من ظلم ديني ومجتمعي، لكن نسويات المرحلة الثانية، اختزلت صراعها من أجل نيل الحقوق إلى صراع بين الرجل والمرأة!! فباتت تبثّ شعارات عدائية ضد الرجل، وتطالب بالمساواة الكاملة مع الرجل، لا بل طالبت بالتماثل التام مع الرجل، وأصبحت هؤلاء النسويات يشجعن النساء على الخيانة والزنا، فما يحق للرجل يحق للمرأة حسب ادعائهن الباطل وباتت هذه الجمعيات تصدر أفكارا هدّامة تفيد بعدم ضرورة وجود الرجل بحياة المرأة، وأن خروج المرأة للعمل سيضمن لها الاستقلالية التامة عن أي رجل، ولأجل ذلك، لم يعد العمل مصدرا للتكسب وطلب الرزق والحياة الكريمة عند تلك النسويات، بل أصبح العمل حلبة صراع على النفوذ والمركز، وحوّلت النسويات البيوت إلى ساحة حرب تنافس فيه الرجل على كل شيء والتفوق عليه، حتى لو بمخالفة طبيعتها الغريزية. فكما أشارت الكاتبة الكندية دانييل كريتدن: “نحن نعاني بشدة عندما نقطع من حياتنا الجوانب الأنثوية الخالصة في أن نكون زوجات وأمهات تربي الأبناء أو إنشاء أسرة. لقد أفقدت النسوية المرأة جزءا من أنوثتها وبذلك وبسبب هذه الحرب المفتعلة من قبل النسويات، فقد خسرت المرأة الاستقرار في البيت، ولم تحقق كذلك سعادتها في العمل!! لكن برغم ذلك، فقد خرجت لنا موجة ثالثة من النسويات الليبراليات (المتحررات بلا حدود) واللاتي لا يقمن وزنا لعائلة أو مجتمع أو دين أو قيم وأخلاق، خرجت علينا هذه الفئة لتطالب بالحرية الشخصية المطلقة وحرية الزنا والإجهاض، لا بل حتى بحرية الشذوذ الجنسي، وبذلك فإن النسويات في هذه المرحلة قد تخطت كل الحدود في مطالبها الباطلة الفاجرة الفاسقة، وكل هذا بدعم دولي ودعم صهيوأمريكي على وجه الخصوص.
وما اتفاقية (سيداو) ببعيدة عنّا، تلك الاتفاقية التي ما جاءت إلا لهدم ثوابتنا العقدية والأخلاقية وتفكيك مجتمعنا وأسرنا المسلمة، ولكن السؤال الذي أود أن أطرحه هنا وأود أن أوجهه بالخصوص إلى نسويات مجتمعنا، وأخص بالذكر النسوية عايدة توما، وصويحباتها، فكما هو واضح أن الأسباب التي أدت لظهور النسويات غير موجودة عندنا كمسلمين، لأنه كما ذكرت بأن المرأة المسلمة لم تظلم قط في الإسلام، وقد حفظ الإسلام قيمة المرأة، أمًا وزوجًا وبنتًا، كذلك لا يختلف عاقلان على أن ما يناسب مجتمعنا المسلم لا يناسب المجتمع الغربي، وما يتوافق مع أخلاق وعادات وقيم الغرب لا يتوافق وينسجم مع قيمنا وأخلاقنا الإسلامية والعربية، أم أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصابكن حين قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) وما يميز جحر الضب أيها العقلاء، أنه مظلم ومنتن!!! وهذا تماما ما يميز جمعياتكم النسوية، فهي مظلمة تخلو من نور الرحمة والوئام والمحبة الأسرية والمجتمعية ومنتنة بمطالبها الشاذة الفاجرة والمنحلة.
أعترف بأنه ربما وقع ظلم على المرأة في مجتمعنا، لكن هذا الظلم ليس بسبب الدين أو تشريعاته التي تحاربين يا توما، لكن بسبب جهل بعض أبناء مجتمعنا وابتعادهم عن تطبيق الشرع وأحكامه في معاملاتهم. وها أنت تفتخرين بأنك وجمعياتك النسوية قد حققتن انتصارًا عظيمًا بإقامة محاكم عائلية بموازاة المحاكم الشرعية، لكن مرجعية هذه المحاكم ليست دينية. وتتمكن المرأة عبر هذه المحاكم من تزويج نفسها من غير ولي، وتطليق نفسها بنفسها، وحق حضانة الأطفال لها، مع العلم يا توما أن الإسلام أعطى حق حضانة الأطفال للمرأة منذ بدء الرسالة الإسلامية، بينما في الغرب لم يعط المرأة حق حضانة الأطفال إلا في العام 1839فقط، وليكن معلوما لديك أن الإسلام كفل النفقة للمرأة المطلقة وأن الإسلام أعطى للمرأة حق اختيار شريك حياتها وأعطاها العديد العديد من الحقوق التي ما زالت المرأة الغربية تطالب بها حتى الآن!!
إذن، مما يتضح من هذه الحقائق التي ذكرت، بأن المرأة المسلمة نالت كافة حقوقها بالإسلام ولا حاجة لنا لجمعياتك للمطالبة بحقوقنا. ثانيا، مما يتضح لكل عاقل أن هدف جمعياتك النسوية هذه ما هو إلا هدم القيم والأخلاق وتفكيك الأسرة والمجتمع وإشاعة الفاحشة والرذيلة تحت مسميات متمدنة، لأن جميع ما ذكرت لا يصب إلا في خدمة هدم الإسلام وتشويهه!! وإلا لماذا كل هذا العداء للإسلام ومحاكمه الشرعية؟!! أم أن لديك مشكلة وأزمة مع أحد ذكور عائلتك فأردت أن تفرغي جام حقدك وغضبك عليه من خلال جمعياتك النسوية؟! ما ذنب المجتمع أن يعاني من دعشنة النسويات اللاتي يخرجن علينا كل يوم بانحرافات جديدة تهدد النظام الإنساني!! إن كان هنالك من هضم حقك قفي بوجهه وكوني امرأة قوية بالحق، ولا تقحمي الإسلام وتشريعاته في حربك الشعواء هذه. وليكن معلوما لديك ولدى جميع جمعياتك النسوية، أننا نعتز ونفتخر بإسلامنا الذي أكرمنا وأعزنا وجعلنا شقائق الرجال، نخوض معهم معركة الحياة جنبًا إلى جنب، وليس الند بالند. آخر دعوانا أن صلّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.