ايمان راسم مصري
إن قضية الأخلاق هي قضية إيمان، فإذا امتلئ القلب بالإيمان عُمَّرَ بالأخلاق الطيبة. فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وإن كثيرًا من الخُلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم).
وإن للحسد حلقة إذا دخلتِ بها وصلت إلى نهايتها، إلى الألم والحزن. والمرأة بطبيعتها تميل إلى مغيرات الدنيا من مظاهر اللباس، والمال من ممتلكات وإرث ثم إلى الزوج والولد. لكنها إذا اجتثت هذه الشوكة الخبيثة من قلبها نمت في قلبها غرسة القناعة وأثمرت لها سعادة وهناء.
فما بال الكثير من النساء اليوم تنظر إلى متاع غيرها من الدنيا وتشتكي كل شيء رغم أنها تتمتع بما تحسده النساء الأخريات عليها؟
ألا تدركين معي أخيّتي أنك إذا رزقت متاع غيرك قد لا تتوفقين به؟ لقد تمنت أمنا أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها ما متع الله به الرجال على النساء فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا رسول الله: يغزوا الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث. فأنزل الله تعالى قوله: “ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض”. وفي قول آخر قالت بعض النساء: “ليتنا الرجال، فنجاهد كما يجاهدون ونغزو في سبيل الله..”. فأتت الآية لتنهي المسلم والمسلمة عن تمني أن يكن رجالًا. هذا وقد تمنين الخير وتمنين الدرجات العالية في الجنة فنهين فما بالكِ أختي بتمني الدنيا ومتاعها؟!
كلنا يتوق إلى أكثر مما رزقنا الله سواء من متاع الدنيا أو الآخرة، لكننا يجب أن نهذب هذا الشعور وذلك بسؤال الله تعالى بما نتمناه مع طلب تيسيره إذا كان الخير لنا فيه. فبدلًا من أن تمضي الوقت بحسد فلانة على بيتها وحسد علانة على ثوبها وأخرى على مركزها فتتهاوى نفسك أمام هذا الشعور وتفقدي الثقة بنفسك وتشعري بالحرمان والضياع، لماذا لا تبادرين إلى الجلوس في محرابكِ وعلى سجادتكِ وترفعي يديكِ لله تعالى سائلة إياه من فضله؟
اننا قد أتينا إلى هذه الحياة ليأخذ كل منا دوره، لنتعاون ونتشارك ونتكامل كجسد واحد وهذا عين العدل المطلق في رزق الله الذي وزعه على عباده، المحسن منهم والمسيء.
فلا تحزني على قلة رزقك أنتِ وزوجك بل كوني قنوعة تسعدي وإياه. حاولي أن تجدي وتعملي وتسعي كما أمرك الله ثم لا تنتظرين الحصاد إذا كان وفيرًا أم قليلًا فإنك على كل تكسبين خيرًا.
ولا تحزني لقلة جمالكِ فزيني نفسك بالخلق الطيب وكوني جميلة بروحك. وإن كان علمك قليلا فلا تستسلمي للظروف وطوري ذاتك. عددي نعم الله عليكِ وثقي تمام الثقة أن كل ما رزقك إياه هو خير الرزق لكِ في الدارين وأن كل ما حرمه منك هو خير لك كذلك. وإن وصلت لهذه القناعة لن تحسدي أحدًا بل ستسألين الله أن يرزقك مثلما رزقه إذا كان خيرًا لكِ.
تعودي دائمًا أن تنظري بعين المحبة لأختكِ ولتقولي لها كلما وجدتها على خير ونعمة: اللهم ارزقني كما رزقتها وأدم نعمتك عليّ وعليها. ثم اعلمي أن معاناتك وسعيك المثابر هو علامة خير ذلك لأن الهناء في الدارين فيه مشقة وإلا لن نصل الجنة فإنها غالية غالية. وليكن شعاركِ: من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.