لسنا ضعفاء، ولكن!
الشيخ حسام أبو ليل
لسنا، كأمة، ضعفاء في الأصل، فضعفنا طارئ، وفرقتنا طارئة بسبب عوامل نحن السبب فيها بالأساس، لما تخلينا عن قيمنا وثوابتنا الدينية والوطنية، وإن كان لأعدائنا نصيب في مآسينا فاللوم علينا إذ سمحنا لهم في اختراقنا وتمزيقنا، لمّا وجدوا فئة من أبناء جلدتنا من تعاون معهم أو وافقهم في ضلالاتهم وسوّقوها عندنا.
ضعفنا وفرقتنا مهدت وفتحت الباب للغزاة والمتآمرين فاستغلونا وقهرونا ونهبوا خيراتنا وعملوا على بث الفرقة والبغضاء والتعصب البغيض، وفوضى السلاح والجريمة والمخدرات يننا، ثم التبعية للغرب.
دخلوا علينا بالقوة والهيمنة والاستعلاء، والساذج منا من يعتقد أنهم قد يرفعوا أيديهم عنا رحمة وشفقة بالتفاهم والحوار من غير قوة إيماننا وسواعدنا وعلمنا وأخلاقنا ووحدتنا وتعاوننا، والتجارب والواقع خير شاهد يثبت كم جرّت المفاوضات واتفاقياتها من ويلات على شعبنا وأمتنا حتى ضاعت البلاد وانكشفت عورات الأنظمة الفاسدة.
نحن أقوياء بانتمائنا لعقيدتنا، أقوياء بأخلاقنا وقيمنا، أقوياء بتمسكنا بثوابتنا، أقوياء بقناعتنا أننا على حق وأننا أصحاب الوطن، وهذا السر فهمه أعداؤنا فحاربوا عقيدتنا وقيمنا وشنوا حربا ضروسا من الغزو الفكري، حتى غدا الصراع بين أبناء الحضارة الواحدة والوطن الواحد، وحتى يستمر المشهد الدامي ومحاربة الدين وشرفاء الأمة نصّبوا زعامات عميلة ووظفوا لذلك إعلاما مأجورا من أبناء جلدتنا
يريدون شعوبا مريضة متخلفة فقيرة يقتل بعضهم بعضا، يبيعون لنا السلاح وينهبون خيراتنا
كان الاحتلال الغربي يقول باستعلاء وتحقير واستصغار للصينيين: “رجل آسيا المريض”
ويقابلها “رجل أوروبا المريض”(الدولة العثمانية)
دمروا دول شرق آسيا وأفريقيا والخلافة العثمانية واصطنعوا دولا وحدودا ونشروا الفوضى.
لكن شعوبا نهضت بأيديها وارتقت لمّا قادتها قيادات صادقة في انتمائها لشعوبها وثوابتها (وإن اختلفنا مع بعضها سياسيا أوعقديا)، نهضت الصين والهند وماليزيا وسنغافورا وتركيا..
وإن نهضة رواندا لتدعو للعجب، فبعد صراعات داخلية دموية انتقلت من عصر الدماء إلى مسار المصالحة والوحدة والتنمية، قال رئيسها: “لم نأت لأجل الانتقام، فلدينا وطن لنبنيه، وبينما نمسح دموعنا بيد، سنبني باليد الأخرى”.
هل نسيت أمتنا تمزق المسلمين زمن الاحتلال الصليبي، ودبّ اليأس وكأنهم كبّروا أربع تكبيرات على أمتنا؟ّ ولكن نهضت أمتنا وحررنا القدس والأقصى.
لا تيأسوا ولا تلتفتوا إلى المُخَذِّلين والمُحبِطين والمأجورين، نستطيع أن ننهض كما نهضوا وأكثر، فمقومات النهضة نحن نبعها ومعينها، الإيمان والأخلاق وقيم العلم والنظام والترتيب والنظافة والتعاون والعفو والتسامح والحوار… (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
علينا أخذ زمام الأمور بأيدينا، وليستشعر كل فرد منا أنه مسؤول، وليبدأ بنفسه وأهل بيته،
لا تنتظر عدوك الذي يتفرج ويضحك مسرورا، وما حك جلدك غير ظفرك
المرض من أيدينا، وبأيدينا نستطيع أن نشفى منه، فلسنا ضعفاء، ولكن علينا ان نعود للتمسك بعوامل قوتنا التي كانت، وستبقى، رافعة أمتنا، قال الاديب الروسي الشهير تولستوي: “يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات
الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة”.
لا يأس مع الإيمان والعزيمة والإرادة والتخطيط والعمل الموحد خلف قيادة صادقة مع شعوبها متجردة عن حظوظها.