تحالف الشياطين الثلاثة ضد العرب: أمريكا وإيران وإسرائيل
الإعلامي أحمد حازم
الأمريكي بن رودس، أحد مستشاري الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كان مقرباً جداً من الرجل الأول في البيت الأبيض ويعرف تحركاته السياسية خطوة بعد خطوة، لا سيما تلك المتعلقة بالشرق الأوسط. هذا المستشار، وحسب قوله، اجتمع سراً مع المسؤولين الإيرانيين أكثر من عشرين مرة في العاصمة العمانية مسقط للبحث بشأن النووي الإيراني. في كتابه “العالم كما هو The world as it is” يتحدث بن رودس عن خفايا العلاقات بين أوباما وإيران، مقابل كره شديد للعرب.
وذكر المستشار في كتابه “أن أوباما كان يعشق إيران وحضارتها إلى حد العمى، وأنه قدم تنازلات كبيرة وخضع لابتزاز طهران مقابل التوصل إلى الاتفاق النووي”. وبالرغم من أن قادة إيران ووسائلها الإعلامية كانوا يرون في الولايات المتحدة أنها (الشيطان الأكبر) ويحلو لهم دائماً استخدام هذا الوصف، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك.
يكشف رودس في كتابه، أن أوباما بدأ يتواصل مع إيران منذ العام 2010 من أجل الاتفاق النووي، وقد عرضت عليه طهران وقف نشاطها النووي لمدة عشر سنوات مقابل رفع العقوبات عنها وغض الطرف عن ممارساتها للسيطرة على المشرق العربي، وهو ما حصل بالفعل في العراق، سوريا، لبنان واليمن. ويقول بن رودس في كتابه: “إن رفع العقوبات بعد التوصل إلى الاتفاق النووي، استفادت منه الخزينة الإيرانية حوالي 400 مليار دولار من واردات النفط، حولت منها طهران نحو 100 مليار لدعم تمددها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وإفريقيا والمغرب العربي.
أنا شخصيًا لم أتفاجأ من قول المستشار رودس، إن إيران تكره العرب وهذا الكره هو أحد القواسم المشتركة بين قادة إيران والبيت الأبيض. كراهية ايران للعرب لها بُعد شمولي وليس محدوداً، يقول المفكر الإيراني “صادق زيبا” الأستاذ في جامعة طهران: (أعتقد أن الكثير منا سواء كانوا متدينين أو علمانيين يكرهون العرب، للأسف الشديد الكثير منا كفرس عنصريون! ولو أمعنتم النظر في ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والشعوب لوجدتم أننا أكثر إساءة للغير من خلال السخرية من الآخرين، فنحن نسيء من خلالها للترك والعرب، ويبغضُ الكثيرُ من المثقفين والمتدينين الإيرانيين العرب وينفرون منهم”.
إذن الكراهية ليست من الجهلة والأميين، بل من النخبة الواعية والمثقفة في المجتمع وهنا تكمن الخطورة، فالخوف من الواعي المؤثر وليس الجاهل والمتخلف. وفي إشارة إلى الأسباب التاريخية لكره العرب يتحدث زيبا في مقابلة مع أسبوعية “صبح آزادي” الإيرانية، عن نظرة الإيرانيين تجاه العرب مبيناً جوانب النظرة الدّونية من الإيرانيين للعرب، معللاً ذلك لأسباب تاريخية بعيدة بقوله: “يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة”.
حتى أن الخميني زعيم ما يسمى بالثورة الإيرانية التي أدت إلى الإطاحة بنظام شاه إيران في العام 1979 كان شديد الكراهية للعرب، رغم أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين استضافه 15 سنة وقدّم له كل دعم مادي ومعنوي لإسقاط نظام الشاه، إلا أنه تنكر لفضل صدام حسين عليه وأعلن عليه الحرب عام 1980 أي بعد سنة من نجاح الثورة الإيرانية.
أخبرني القائد الفلسطيني الراحل محمد عودة أحد مؤسسي حركة فتح والمعروف بــ (أبو داوود) أن الراحل ياسر عرفات شكل وفداً لتهنئة الخميني بنجاح الثورة الإيرانية وذهب إلى طهران للتهنئة. وقد تفاجأ أبو عمار أن الخميني رفض التحدث بالعربية وأحضر معه مترجماً، رغم أنه يتقن اللغة العربية بشكل جيد جداً. لكن فارسيته العدائية للعرب سيطرت عليه ورفض التحدث باللغة العربية.
زعيم الثورة الإيرانية الخميني، كان أول من استخدم صياغة “الشيطان الأكبر” بوصفه للولايات المتحدة بينما استخدم تعبير “الشيطان الأصغر” في وصف إسرائيل. صحيح أن الخميني لم يخطئ في ذلك، لكن الحقيقة هي أن إيران والولايات المتحدة وإسرائيل هم شياطين من نوع مميز يتغلغلون هنا وهناك في العالم من أجل مصالحهم، والنقطة الأهم أن كره العرب هو قاسم مشترك بين هؤلاء الشياطين، إضافة إلى قاسم مشترك في غاية الأهمية وهو الاحتلال والسيطرة على الموارد الطبيعية.
ولكن كيف تنظر عصابة الشياطين الثلاثة إلى الوطن العربي؟ يقول المحلل السياسي العراقي، صلاح المختار، إن أمريكا تنظر إليه على أنه موقع استراتيجي يتمتع بثروات طبيعية، ولذلك لا بد من السيطرة عليه لاستغلال موارده. إيران تحلم بعودة الإمبراطورية الفارسية، لكن مواردها لا تكفي لبناء هذه الإمبراطورية، ولذلك فإن الاستيلاء على ثروات عربية أمر مهم. إسرائيل قامت على أرض فلسطينية عربية بالاحتلال الكامل، لكن فلسطين لا توفر الحد الأدنى لتحقيق الحلم الصهيوني الأكبر (أرضك يا اسرائيل من الفرات إلى النيل) لذلك فهي بحاجة ماسة لثروات العرب وأسواقهم من أجل التوسع ضمن حدود إسرائيل الكبرى.