بعد التحقيق مع شركة “غوغل” (Google) لأكثر من عام، أصدرت أمس الثلاثاء وزارة العدل الأميركية أخيرا دعوى مكافحة احتكار ضد شركة البحث العملاقة، زاعمة أن غوغل “تحتفظ بشكل غير قانوني باحتكارات في أسواق خدمات البحث العامة، وإعلانات البحث، وإعلانات البحث النصية العامة في الولايات المتحدة الأميركية”.
وتستشهد الدعوى بالقسم الثاني من قانون “شيرمان” (Sherman Act) الذي يتعامل بوجه خاص مع الاحتكارات، ويسعى إلى “تقييد” غوغل، والبحث عن تعويضات للآثار المترتبة على سلوكها حتى الآن. ويمكن أن يأتي ذلك في صورة غرامات، أو فرض سحب للاستثمارات، أو فرض تغيير في ممارسات العمل، أو كل ما سبق.
وإلى جانب وزارة العدل، وقعت على رفع الدعوى -المكونة من 64 صفحة- 11 ولاية، جميعها مع المدعين العامين الجمهوريين (تكساس، وأركنساس، وفلوريدا، وجورجيا، وإنديانا، وكنتاكي، ولويزيانا، وميشيغان، وميسوري، ومونتانا، وساوث كارولينا).
وهذه القضية هي الإجراء الأكثر عدوانية الذي تتخذه الحكومة الأميركية منذ عقود ضد أي من شركات التكنولوجيا التي تدعم الآن جزءا كبيرا من الاقتصاد الأميركي، حسب تعبير موقع “تيك كرنتش” الذي أورد الخبر.
وكانت آخر شركة تلقت هذا المستوى من التدقيق هي شركة “مايكروسوفت” (Microsoft) الذي بدأ “تحقيقا” في عام 1992، ثم قضية في عام 1997، دخلت حيز التنفيذ أخيرا “كتسوية” في عام 2001. ويجادل البعض أن الإجراء الحكومي ضد عملاق البرمجيات أعاد تشكيل صناعة التكنولوجيا، ومهد الطريق أمام غوغل وأقرانها للازدهار، والآن يبدو أنه حان دور غوغل للجلوس في مقعد الاحتكار الساخن.
سلطات احتكارية
وينقل موقع “تيك كرنتش” عن جيفري روزن نائب المدعي العام قوله في بيانه، “إن غوغل هي بوابة الإنترنت وإعلانات البحث العملاقة، وقد حققت بعض النجاح في سنواتها الأولى ولا أحد ينكر ذلك، ولكن كما توضح شكوى مكافحة الاحتكار المقدمة اليوم، فقد حافظت على سلطتها الاحتكارية من خلال الممارسات الإقصائية التي تضر بالمنافسة، لذلك قررت وزارة العدل أن استجابة مكافحة الاحتكار ضرورية لإفادة المستهلكين”.
وأضاف أنه “إذا لم تطبق الحكومة قوانين مكافحة الاحتكار لتمكين المنافسة، فقد نخسر الموجة التالية من الابتكار، وإذا حدث ذلك، فقد لا يتمكن الأميركيون من رؤية غوغل التالية “، مؤكدا أن وزارة العدل تخطط لمواصلة مراجعتها للممارسات المناهضة للمنافسة من خلال منصات الإنترنت الرائدة في السوق.
ويمثل الموقع المهيمن لشركة غوغل في البحث، والإعلان على شبكة البحث أساس قوة الشركة في مجال الإعلان الشامل، واستخراج البيانات، وتوزيع الفيديو، وخدمات المعلومات.
وستكون هذه القضية أول تحد قانوني كبير تواجهه غوغل من المنظمين الأميركيين على الرغم من سنوات من التحقيقات في ممارسات الشركة.
ويذكر أن “ألفابت” (Alphabet) الشركة الأم لغوغل، تمتلك القيادة في مجالي البحث والفيديو.
وتهيمن الشركة على سوق البحث حيث يتم إجراء ما يقرب من 90% من عمليات البحث على الإنترنت في العالم عن طريق محرك غوغل، ويلجأ ما يقرب من 3 أرباع البالغين الأميركيين إلى “يوتيوب” (YouTube) للفيديو، كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal).
وفي أول تعقيب لها على دعوى وزارة العدل، قالت غوغل في تصريح موجز إن “الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة العدل اليوم معيبة للغاية”، مضيفة أن الناس يستخدمون غوغل لأنهم اختاروا ذلك، وليس لأنهم مجبرون على ذلك أو لأنهم لا يستطيعون إيجاد بدائل”.
يذكر أن غوغل ليست الشركة الوحيدة التي لفتت انتباه واشنطن. ففي وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي تقريرا من أكثر من 400 صفحة أوضحت فيه كيف أن عمالقة التكنولوجيا “آبل” (Apple) و”أمازون” (Amazon) و”ألفابت” (Alphabet) و”فيسبوك” (Facebook) يسيئون استخدام سلطتهم، وطرحت اللجنة بعض الحلول حول كيفية إصلاح الوضع تشمل تفكيك بعض الاستحواذات التي نفذتها تلك الشركات.