أندونيسيا في سباق مع الزمن لإنتاج لقاح كورونا
يقف العالم في حالة ترقب مع كثير من الأمل، من أجل الإعلان عن التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، وسط تسارع في الاختبارات المعملية والذي تطور في كثير من العواصم إلى تجارب سريرية.
وينتظر العالم الوصول إلى الخبر السعيد، بعد كثير من المعاناة التي سببها “كوفيد-19”.
ومع دخول إندونيسيا الشهر السابع؛ منذ الإبلاغ عن أول حالة إصابة بفيروس “كوفيد-19″، في البلد الآسيوي، تُعلق جاكرتا آمالها على تطوير لقاح قادر على وقف تمدد عدوى الفيروس التاجي.
ومن بين التطورات الجارية، دخلت الاختبارات المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح “سينوفاك”، المرشح في كلية الطب؛ بجامعة “بادجادجاران” في باندونج، جاوة الغربية، بمشاركة ألف و620 متطوعًا.
ويعد اللقاح المرشح نتاج تعاون مثمر بين شركة “بي تي بيو فارما”، وهي شركة رائدة في مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية في إندونيسيا، والمزود الصيني للمنتجات الصيدلانية الحيوية “سينوفاك بيوتك ليمتد”.
وفي ظل النتائج المبشرة تجاه نجاح اختبارات اللقاح الجديد، اتفقت الشركتان على توفير ما لا يقل عن 40 مليون جرعة من “سينوفاك” في إندونيسيا.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن اللقاح المرشح لـ”سينوفاك”، هو واحد من 26 لقاحًا مرشحًا كان قيد التقييم السريري؛ اعتبارًا من 2 أكتوبر/تشرين أول الجاري، كما تُجري «سينوفاك بيوتك» أيضًا تجارب في تركيا والبرازيل.
** انتهاء التجارب في مارس
وفي هذا الإطار، قال البروفسور كوسناندي روسميل رئيس فريق أبحاث التجارب السريرية للقاح “كوفيد-19″، إن الفعالية أو القدرة على تكوين أجسام مضادة للقاح المرشح “سينوفاك”، من المرجح أن تنتهي في مارس/آذار2021.
وفي مقابلة مع “الأناضول”، أوضح أن “هناك احتمال أن تكون فعالية هذا اللقاح المرشح في تكوين الأجسام المضادة، أقل مما كانت عليه أثناء التجارب السريرية في الصين، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك فرصة لتطور فيروس SARS-CoV-2، المنتشر في إندونيسيا”.
وأشار إلى أن “الحكومة الإندونيسية تهدف إلى إنتاج اللقاح بكميات كبيرة، بدءًا من ديسمبر/كانون أول المقبل، أو أوائل 2021، على أقصى تقدير”.
** التقدم في المرحلة الثالثة
وحول التقدم في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، أكد البروفسور أن “كل شيء يسير على ما يرام حتى الآن، حيث تم تسجيل أكثر من ألف و400 متطوع، واكتملت عملية التوظيف بشكل مثالي”.
ولفت إلى أن “العملية استغرقت ما يقرب من ستة أشهر، على أن يصدر تقرير كامل عن مناعتها وسلامتها وفعاليتها”.
وتطرق كوسناندي إلى موعد انتهاء التجارب السريرية، موضحًا أنه “في مارس/ آذار2021، يمكن أن نتوقع معرفة المناعة والسلامة والفعالية؛ لأول 540 متطوعًا في أوائل العام المقبل”.
وأردف “يوجد حاليًا 1447 متطوعًا مسجلين، تلقى 1089 منهم الجرعة الأولى، بينما تلقى 646 متطوعًا الجرعة الثانية، وتم سحب عينات دم لـ250 متطوعًا بعد الثانية”.
وأشار روسميل إلى أن “نتائج التجارب السريرية ستُبلغ بها بيو فارما لاحقًا، على أن ترسلها الشركة إلى وكالة الغذاء والدواء (BPOM)، المسؤولة عن تحليل النتائج”.
وتابع “تم فحص مراكز الأبحاث لدينا بواسطة وكالة الغذاء والدواء، وشركتي بيو فارما وسينوفاك، والنتائج جيدة وفقًا لهم، كل مركز يعمل بسلاسة، ولم يجدوا أي مشاكل فنية”.
** الآثار الجانبية ومعوقات التجارب
وحول ثبوت إصابة أحد المتطوعين بالفايروس بعد السفر، لفت روسميل إلى أنه “نظرًا لإصابة الشخص تم إلغاء مشاركته، ولم يحصل على الحقنة الثانية، ومع ذلك، سوف نستمر في مراقبته حتى نهاية البرنامج”.
ونفى ورود أي تقارير حتى الآن، حول عدم قدرة طالب في العشرينات على الاستمرار في المشاركة؛ لأنه أصيب بطفح جلدي وحكة بعد الجرعة، معقبًا “سوف أتحقق منه لاحقًا”.
وشدد “حتى الآن لا يوجد شيء خطير يتعلق بالآثار الجانبية لدى المتطوعين، لكن يصاب بعض الأشخاص بالتورم والاحمرار والحمى، ولم ترد أنباء عن حدوث صدمة أو شيء خطير”.
وبشأن توقعات الحكومة إنتاج اللقاح بكميات كبيرة اعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول، أو يناير/كانون الثاني، اعترف قائلا “لا يمكننا تحديد ذلك”، مستطردا “ستقوم بيو فارما بإبلاغ النتائج إلى وكالة الغذاء والدواء، وسيقومون بتقييم ما إذا كانت النتائج ستستخدم أم لا”.
وأكمل “سأقيم نتائج البحث في نهاية العام، وأُصدر التقرير في أوائل العام المقبل، وفي مارس/ أذار، سينُهي جميع المتطوعين العملية برمتها، وفي الختام، نحن نجري التجارب السريرية فقط، في حين أن الحكومة والوكالة هم من يتخذون القرار”.
** ضغوط حكومية
وشدد روسميل على “الاستمرار في إجراء التجارب السريرية، وفقًا للإجراءات والجدول الزمني الأولي، على الرغم من ضغوط الحكومة التي تريد استكمالها في وقت أقرب”.
وواصل “سواء كان هذا اللقاح فعالًا أو لم تكن هناك نتيجة، أعتقد أن اللقاحات عادة ما يكون لها نتائج جيدة، لأن أجسامنا ستشكل مواد مضادة، لكننا سننتظر النتائج حتى يناير/كانون الأول، وبناءً على تجربتي، عادةً ما يكون التطعيم جيدًا”.
وأوضح “المرض موجود بالفعل، لقد مات كثيرون، ونحن كعاملين في قطاع الصحة نحاول إيجاد طرق للتعامل مع هذا الوباء، وخفض معدل الوفيات”.
واعتبر روسميل أن “أسرع لقاح تم تطويره هو لقاح الإيبولا، حيث استغرق الأمر أربع سنوات، لكن قد يستغرق تطوير اللقاحات 12 عامًا”.
وأضاف “لأن هذا الوباء له تأثير كبير، يريد العالم كله تطوير لقاح في عام واحد، يمكنك أن تتخيل كم هو مزعج، حيث يطاردك الجميع ويطلبون إنهاءه بسرعة، ولكن على الرغم من أنه يُطلب منا أن نكون سريعين، لا يمكننا المساومة مع إجراءات التجارب السريرية حتى لا نؤذي البشر”.
وبشأن تطوير اللقاح بشكل يتوافق مع انتشار طفرة “SARS-CoV-2” في إندونيسيا، قال روسميل “لقد عملنا على هذا الفيروس لمدة ستة أشهر فقط، أنه دائم التطور، لكنه لم يتغير كثيرًا في الشكل”.
وأردف “وبالمثل، لقاحات الفيروسات التي لديها طفرات طفيفة، سيكون الأمر مختلفًا إذا كان الفيروس موجودًا منذ عقود، على سبيل المثال، هناك العديد من أنواع طفرات الإنفلونزا التي تحتاج إلى لقاحات مختلفة كل عام”.
** طفرات كوفيد-19
البروفسور قال أيضا “من الممكن أن يكون لهذا الفيروس في وقت لاحق الكثير من الطفرات وسيكون مختلفًا، لا يوجد فرق كبير بين الفيروس الذي ظهر في ووهان، والفيروس المنتشر في إندونيسيا، لأنه لم يكن موجودًا منذ عام واحد”.
واعتبر روسميل أن “هذا الفيروس يتطور شيئًا فشيئًا، واللقاح المرشح لا يزال متوافقًا مع الفيروس المنتشر في إندونيسيا، وهو الامر الذي يجعلنا نبحث في ذلك”.
وأوضح “في ووهان، فاعلية اللقاح في المرحلة 1 و2 من التجارب السريرية، حوالي 94ـ97٪، وقد تنخفض الفعالية إلى حوالي 85-90٪، بسبب وجود طفرات، ومع ذلك، سيظل هذا اللقاح متوافقًا لأن الطفرات لم تتغير كثيرًا”.
** تطوير متوقع وتقييم عاجل
وحول إمكانية تطوير اللقاح بعد المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، قال روسميل “سنرى، إذا تبين أن الفعالية أقل من 80٪، فعلينا إعادة التقييم عاجلًا، ربما بعد خمس سنوات، لن يعود اللقاح فعالاً، وكلما قل عدد الطفرات زاد طول فترة المناعة”.
وأكمل “إذا وصلت الفعالية إلى 90٪، فأنا متفائل بأن هذا اللقاح سيستمر لفترة طويلة، ولكن إذا كانت أقل بكثير من تلك التي تم تطويرها في ووهان، هذا يعني أن الطفرة تسير بسرعة، لذلك علينا توخي الحذر، وترقية اللقاح دائما”.
وختم روسميل بالقول “هدفي الوصول بالنسبة المئوية لفعالية لقاح سينوفاك إلى أعلى من 80٪، على الرغم من أنه يوجد في بعض البلدان دول ذات فعالية 50٪ فقط”.
ومؤخرًا تجاوز معدل الإصابات اليومي بالفيروس في إندونيسيا 3 آلاف حالة، وبلغ إجمالي الإصابات في البلاد أكثر من 330 آلفًا، بينها نحو 11800 وفاة، فيما تماثل ما يزيد عن 251 ألف شخص للشفاء.