معارك محتدمة في قره باغ.. وساطة روسية وتجدد الدعوات لوقف القتال وتصاعد الخلاف بين فرنسا وتركيا
دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية مساء أمس الأربعاء إلى وقف تامّ للقتال في إقليم ناغورني قره باغ، مؤكّدين استعدادهما لتكثيف الجهود الدبلوماسية للمساهمة في حل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، وفق بيان للكرملين.
وسبق أن أعربت موسكو عن قلقها إزاء أنباء تتحدث عن نقل مقاتلين أجانب إلى منطقة الصراع بإقليم ناغورني قره باغ، وقالت إن “ذلك لا يؤدي فقط إلى تصعيد أكبر للتوتر في المنطقة، بل يشكل أيضًا خطرا طويل الأمد على أمن جميع دول المنطقة”، حسبما ذكر بيان وزارة الخارجية الروسية.
وأعلنت الوزارة أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أجرى محادثات هاتفية منفصلة مع نظيريه الأذربيجاني جيهون بيراموف والأرميني زوراب مناتساكانيان.
ودعا لافروف الجانبين إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف تصعيد التوتر، والامتناع عن الخطاب الاستفزازي والمتشدد، والعودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكدا استعداد بلاده لتوفير منصة لتنظيم الاتصالات بين الأطراف، بما في ذلك عقد اجتماع دوري لوزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا وروسيا.
بدوره، أعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، عن قلقه من تصاعد التوتر بين أذربيجان وأرمينيا، داعيا الطرفين للوقف الفوري لإطلاق النار.
ودان ميشيل عبر حسابه في تويتر، استخدام العنف بين البلدين، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري وحماية المدنيين.
وأكد أن السبيل الوحيد لحل الخلاف بين البلدين هو عبر المفاوضات، مشيرا إلى دعمه لعمل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
معارك متواصلة
وتواصلت لليوم الرابع على التوالي، المعارك في إقليم ناغورني قره باغ بين الجيشين الأرميني والأذربيجاني، للسيطرة على مدن فوزولي وجبرائيل وترتر.
وقال الجيش الأرميني إنه شن هجوما مكثفا بالمدفعية الثقيلة والصواريخ على مدينة ترتر؛ مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وخسائر مادية. في المقابل، أعلن الجيش الأذربيجاني أنه أحبط هجوما معاكسا للقوات الأرمينية في منطقة ماغاديز.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان أمس الأربعاء، أن قواتها تمكنت خلال الأيام الأربعة لاندلاع الاشتباكات من تدمير نحو 200 دبابة وعربة مدرعة للجيش الأرميني.
وأشارت إلى تدمير 228 مدفع وأنظمة صواريخ، و30 منظومة دفاع جوي، و6 مراكز قيادة ومراقبة، و5 مستودعات ذخيرة، و110 مركبات، إضافة إلى نظام دفاع جوي واحد من طراز أس-300 روسي الصنع.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأرمينية إنها دمرت “137 دبابة و72 طائرة مسيرة و7 مروحيات وطائرة مقاتلة”، مشيرةً إلى مقتل “790 عسكرياً أذربيجانياً وإصابة 1900 بجروح”.
وبينما سقط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، تبادل الجانبان الاتهامات بانتهاك القوانين الدولية، ومهاجمة أهداف مدنية.
وقال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن الشرط الوحيد لوقف المعارك مع أرمينيا في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه هو الانسحاب الكامل وغير مشروط، ودون تأخير، للقوات المدعومة من أرمينيا من المنطقة.
وقد رصد مراسل الجزيرة عمر خشرم تأثر المدنيين في مدينة نافتالان، على الحدود الأذربيجانية مع إقليم قره باغ، بالمعارك الدائرة بين الجانبين.
على صعيد متصل، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إنه ليس من الممكن الحديث عن قمة روسية أذربيجانية أرمينية خلال المعارك المحتدمة، مضيفا أن التفاوض يحتاج إلى مناخ مساعد ومساع ٍلتحقيقه.
ونقل مراسل الجزيرة عن شهود عيان أن 3 مدنيين على الأقل قتلوا جراء سقوط قذائف من الجانب الأذربيجاني على بادك “مارتاكيرت” التي تبعد كيلومترين فقط عن خطوط التماس.
جدل تركي فرنسي
وفي سياق متصل، تصاعد الجدل بين فرنسا وتركيا بسبب موقفهما من النزاع في ناغورني قره باغ، حيث اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا بأنها تمارس دعاية لأذربيجان مولعة بالحرب، وتزيل أي عقبات أمامها لما وصفه باحتلال ناغورني قره باغ من جديد، مؤكدا أن بلاده لن تقبل بذلك.
لكن ماكرون أضاف أنه ليس لديه دليل في المرحلة الحالية على مشاركة تركية مباشرة. وقال في مؤتمر صحفي في لاتفيا إنه تحدث إلى قادة أذربيجان وأرمينيا ودعاهم لوقف إطلاق النار، وأشار إلى أنه سيناقش القضية مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب.
في المقابل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء، إن تضامن الرئيس الفرنسي مع أرمينيا يعني دعمه للاحتلال.
وجدد وزير الخارجية التركي -في حديث لوكالة الأناضول- دعم بلاده الكامل لأذربيجان، سواء على مائدة التفاوض أو في ميدان القتال.
ومضى قائلا “إذا كانت المسألة ستحل بشكل دبلوماسي، فسندافع وسنواصل الدفاع عن حقوق أذربيجان على طاولة المفاوضات، وإذا كانت ترغب في حل المسألة على الأرض، فسنقف بكل إمكاناتنا إلى جانبها وسنقوم باللازم إذا تقدمت أذربيجان بأي طلب بهذا الخصوص، لكننا نرى الآن أنها تملك القدرة الكافية للقيام بهذا وحدها”.
وشدد الوزير التركي على أن أرمينيا لم تكن لتتجرأ بهذا الشكل لو لم تحصل على دعم من دول غربية، ومن روسيا.
وساطة إيرانية
وفي اتصال هاتفي، بحث الرئيس الإيراني حسن روحاني مع رئيس الوزراء الأرميني، التوتر بين أرمينيا وأذربيجان.
وقال روحاني إن الحرب بين أرمينيا وأذربيجان ليست حلا، وستعقّد المشكلة القائمة بينهما، مؤكدا أن حل الخلاف بين باكو ويريفان يجب أن يكون عبر الحوار، وأي تدخل خارجي سيزيد من أمد التوتر.
وأبدى الرئيس الإيراني استعداده للقيام بدور بناء للحد من الأزمة.
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن رئيس الوزراء الأرميني ترحيبه بأي مبادرة لوقف العنف، محذرا من أي تدخل أجنبي في النزاع.