«المونيتور»: استقالة فايز السراج المحتملة.. هل ستتأثر مصالح أنقرة بالأمر؟
سلط موقع «المونيتور» الضوء على خطوة رئيس الوزراء الليبي فايز السراج المحتملة بالاستقالة من منصبه وتولي حكومة تصريف أعمال في طرابلس؛ وهي خطوة قد تُعقد الاتفاقات السابقة مع أنقرة وتثير تساؤلات حول العلاقات الثنائية المستقبلية.
ويقول الموقع الأمريكي في تقرير أعدَّه الصحفي والمصور المستقل دييجو كوبولو إن موجة الاحتجاجات الأخيرة في غرب ليبيا والاقتتال الداخلي داخل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها من الأمم المتحدة شكَّلت ضغوطًا على رئيس الوزراء الليبي فايز السراج، الذي يُتوقع أن يعلن استقالته هذا الأسبوع ويتولى حكومة تصريف الأعمال، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرج يوم الثلاثاء الماضي.
وتأتي هذه الأخبار بعد أن ساعد تدخل عسكري تركي في كسر حصار استمر 14 شهرًا على طرابلس فرضته قوات شرق ليبيا الموالية للقائد خليفة حفتر في يونيو (حزيران)، وتُثير الآن تساؤلات حول الاتفاقات السابقة والمستقبلية بين أنقرة وطرابلس.
ويشير الكاتب إلى أن السراج وقَّع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 اتفاقية مثيرة للجدل مع أنقرة ترسم حدودًا بحرية مشتركة في شرق البحر المتوسط في منطقة تطالب بها اليونان. ومنذ ذلك الحين، استخدمت أنقرة الاتفاقية أساسًا لإجراء أنشطة التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها، مما زاد التوترات بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية في الأشهر الأخيرة.
وإذا ثبتت صحة التقارير حول استقالة السراج الوشيكة، فإن الاتفاق البحري إلى جانب مجالات أخرى للتعاون بين أنقرة وطرابلس قد تتعقد بسبب الاضطرابات السياسية في ليبيا.
وينقل الموقع عن جليل حرشاوي، الباحث في معهد كلينجيندايل الذي يركز على ليبيا، قوله: «الورقة الوحيدة التي تمتلكها تركيا بخصوص هذا الاتفاق البحري تحمل توقيع السراج». وأضاف: «إذا استمر الشعب في ضغطه، وهو ما أعتقد أنه أحد الأسباب التي تجعل السراج يختار تلك اللحظة للإعلان عن استعداده للمغادرة في وقت ما في المستقبل، فمن الأفضل لتركيا أن يكون لديها خطة».
خلافات داخلية
ويلفت الكاتب إلى أن الاقتتال الداخلي في طرابلس يأتي بعد أن وصل تقدم قوات حكومة الوفاق إلى طريق مسدود في يونيو على طول الخط الأمامي الحالي بين سرت والجفرة في وسط ليبيا. وفي ضوء عدم حدوث اختراقات بين الأطراف المتحاربة والمحاولات المتكررة لتأمين وقف إطلاق النار، اندلعت بعض الاشتباكات بين المليشيات داخل حكومة الوفاق الوطني، الأمر الذي يسلط الضوء على عدم الاستقرار المستمر في المناطق الغربية الليبية التي استردتها قوات الوفاق من الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر.
في أواخر أغسطس (آب)، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في مصراتة والزاوية وطرابلس للتظاهر ضد الفساد الحكومي وتدهور الأوضاع المعيشية في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه. وفي أعقاب التوترات الداخلية التي أدت إلى إغلاقات على مدار الساعة، أوقف فايز السراج وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا عن العمل أثناء زيارته لتركيا، على الرغم من إعادة باشاغا لمنصبه لاحقًا.
ويرى الكاتب أن الصدع العلني سلط الضوء على الخلاف داخل حكومة الوفاق قبل المفاوضات التي ستجرى في جنيف في الشهر القادم، والتي ستسعى إلى إرساء الأساس لبنية حكم جديدة في ليبيا. وقال محللون إن تحول فايز السراج إلى حكومة تصريف أعمال قد يكون محاولة للوفاء بواجبات الحكم دون التخلي تمامًا عن سلطة الدولة بينما يستعد الزعماء السياسيون لانتخابات عامة بالإضافة إلى استفتاء دستوري في الأشهر الثمانية عشر المقبلة.
فراغ سياسي
قالت أليسون بارجيتر، الباحثة في كينجز كوليدج لندن للدراسات الأمنية، لموقع المونيتور: «صحيح أن السراج ضَعُف إلى حد كبير بعد خلافه مع باشاغا، وأنه يواجه حاليًا معارضة علنية متزايدة في طرابلس. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه مستعد للتخلي عن كل شيء حتى الآن».
وأشارت إلى أن استقالة السراج ستؤدي إلى خلق فراغ سياسي في غرب ليبيا من شأنه أن يزيد من إضعاف وتقويض المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني. وقد تضر هذه الخطوة أيضًا بالعلاقات بين طرابلس وأنقرة. وأضافت أليسون: «في حين أن أنقرة لديها الكثير من الشركاء الآخرين في ليبيا، بما في ذلك باشاغا نفسه، إلا أن السراج بصفته رئيسًا لهيئة حاكمة معترف بها دوليًا هو الذي وفر لتركيا الغطاء الشرعي لأعمالها في ليبيا والبحر المتوسط».
وقال عماد الدين بادي، زميل بارز غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إن نبأ استقالة السراج قد يكون صحيحًا ولكن سيكون له تأثير محدود على التطورات الحالية. وقال بادي: «كان من الواضح بالفعل أن نتيجة محادثات جنيف ستؤدي على الأرجح إلى تشكيل كيان سياسي جديد؛ كيان لن يكون فايز السراج على الأرجح جزءًا منه»، لافتًا إلى أن «الاستقالة المحتملة الآن تعزز فقط هذا الواقع».
ويضيف الكاتب أن فراغ السلطة الناتج عن الاستقالة المحتملة لا يثير التساؤلات حول تدخل أنقرة المستمر في البلاد فحسب، بل وأيضًا حول التعاون الاقتصادي بين القطاع الخاص في تركيا والكيانات الليبية، مشيرًا إلى أن الشركات التركية كان لديها أكثر من 18 مليار دولار في هيئة عقود في ليبيا قبل أن تبدأ الحرب الليبية في عام 2011، وفقًا لجمعية المقاولين الأتراك. وتسعى هذه الشركات أيضًا إلى تحصيل ديون بمليارات الدولارات لم تُسدد نتيجة الصراع المستمر منذ تسع سنوات.
وقال حرشاوي إن مذكرة التفاهم الموقعة بين البنكين المركزيين التركي والليبي في أغسطس لزيادة التعاون قد تكون عرضة للاضطرابات المستقبلية.
وتأتي هذه التطورات في وقت يجتمع فيه مسؤولون أتراك وروس في أنقرة لإجراء محادثات فنية يومي 15 و16 سبتمبر (أيلول) لمناقشة التطورات في سوريا وليبيا. ومع وجود العديد من الشكوك المستقبلية، وفقًا لـ حرشاوي، فإن موقف تركيا في ليبيا يظل «دقيقًا».
ويختم الكاتب تقريره بما ذكره حرشاوي: «قد يكون لدى تركيا خُطّة جيدة. ربما تكون قد عملت على كل التفاصيل مع روسيا وتعرف بالضبط ما يتعين عليها فعله، أو أنها تفقد السيطرة تدريجيًا على هذا الشيء المعقد للغاية الذي يُسمى السياسة الليبية».