الرسائل الخفية في الاعلام وكيف تجدها (5ٍ)
عائشة حجار- عائشة حجار- محاضرة جامعية وطالبة دكتوراه في الإعلام الحديث
هذا الأسبوع كان “أسبوع الافاتار” على منصة “فيسبوك”، وهي أكبر شركة “انترنت” في العالم، وقد قررت أن تمنح مستخدميها فرصة رسم أنفسهم، أن يختاروا الملامح التي يعتقدون أنها تشبههم ويجمعوها لتكوّن شكلهم الافتراضي. كانت الآراء متباينة حول هذا التطبيق الجديد من حيث طريقة استخدامه أو معانيه وآثاره. في الواقع كشف “الافاتار” سلوكا غريبا لدينا: كلنا نريد أن نكون جميلي المظهر، لكن معظمنا لا يعتقد أنه كذلك.
“الافاتار” يعرض ملامح مختلفة، يعرض العيون الصغيرة والأنف الكبير والوجه البيضوي، ملامح كثيرة، لكنها جميعها تبدو لطيفة، لا يمكن تقريبا تشكيل وجه غير جميل مما يعرضه التطبيق، إنه يجبرنا أن نرسم صورة ظريفة لأنفسنا.
في المقابل نحن في عالم يعتقد معظمنا أنهم ليسوا جميلين، بل ويعتقد كثيرون أن من الغرور الاعتقاد بأنك جميل المظهر، لذلك بدأوا يختارون ملمحًا هنا وآخر هناك علّ صورتهم تكون “واقعية” و”متواضعة” بما يكفي. النتيجة كانت كمًا هائلا من الصور لأشخاص مختلفين، النتيجة كانت أن شبكات التواصل فعلت شيئا جيدًا لمرة وأثبتت أن علينا التوقف عن التفكير بمصطلحات الجميل والبشع، بل نفهم أن في كل منا جماله الذي يميزه، ببساطة علينا أن ننظر إليه كشخصية كرتونية ونخرج الحقد البشري من الصورة.
أمر آخر بالنسبة للافاتار، أنها ظاهرة اهتم بها البعض، استنكرها آخرون، أو رأوا فيها خطوة لطيفة، هي ظاهرة الفتيات اللواتي لا ينشرن صورهن في منصات التواصل، إلا أنهن اخترن نشر صورهن الافتراضية. هي ظاهرة مثيرة للاهتمام أعتقد انها ستكون أرضا خصبة لوظيفة بحثية- إن كان بين القراء طالب يحتار بموضوع مشروع تخرجه. ربما يدل هذا السلوك على استمرار الاعتقاد بأن الرسوم هي أشياء طفولية أكثر براءة وأقل جدية من الأمور المصوّرة، وأننا نهب تفكيرًا أقل عند الحديث عن الرسومات. هذه فكرة غرست في أذهاننا منذ الصغر، إلا أن العالم تغير وباتت أكثر الرسوم براءة موضع شك، فالنص مذنب حتى تثبت نظافته.
رسم النفس عالم واسع يخبرنا الكثير عن صاحب الرسمة، لكن لنكتف بهاتين النقطتين حاليًا، وهي كما غيرها- ظاهرة أسبوعية ستنسونها حالما يظهر التطبيق القادم.
إذا كان هناك أي نص إعلامي ترغبون بأن أتناوله في الحلقات القادمة أرسلوا إلي اقتراحاتكم، ملاحظاتكم، نصائحكم عبر الفيسبوك: Aysha Hjjar
الكنيس والبمبا!
هناك الكثير ليقال في اتفاق التطبيع مع الامارات، لكن الله رزقني حب سماع الكلام وما وراء الكلام. كل من يتابع الاعلام الإسرائيلي يسمع نغمة واحدة عند الحديث عن الامارات والاتفاقية معها، نغمة يطلقها بالعادة الطفل حين يحضر حيوانه الأليف له الكرة!
الامر ليس غريبا أبدا، دولة قامت على فكرة أن أصحابها هم شعب الله المختار وبعد 75 عاما سنّت قانونا يؤكد أنها لا تقبل إلا أن تكون دولة قومية دينية لن تنظر ابدا إلى من يعقد الاتفاقيات معها على أنه مساوٍ لها. إن الحديث عن الامارات وأهل الامارات، في المنظور الإسرائيلي، هو حديث عن مجموعة همجية لا تفقه شيئاً (إلا انهم اغنياء جداً) اكتشفت أخيرا الجانب الذي يجب أن تقف فيه.
الخطاب الإسرائيلي حول الامارات هو كالعادة خطاب استعلائي استعماري حول العبد الذي فهم مكانته أخيرا وعاد الى سيده ليمارس العبودية التي خلق لأجلها. هنا لا بد أن نتذكر: لم يخلق أي شعب في العالم ليكون عبدًا، فحذار من العبودية الناعمة التي تأتي بشكل بناء كنيس مقابل كيس “بمبا”!