جيوش من الحسابات المزيفة دمرت “تويتر” في الشرق الأوسط
نشر موقع الجزيرة الإنكليزية مقالا بعنوان “كيف دمرت جيوس بحسابات مزيفة التويتر في الشرق الأوسط” وقال كاتبه الصحافي الهولندي يارنو ريتزن إن تويتر تغير في الشرق الأوسط من أداة للشفاقية إلى روبوتات ودعاية.
وجاء المقال ضمن سلسلة من المشاركات لفحص الطريقة التي تغير فيها التويتر في الشرق الأوسط منذ الربيع العربي. وتم من خلاله تكبير المواقف الحكومية من خلال ألاف الحسابات في أوقات الأزمات السياسية من أجل إسكات المعارضين على التويتر، وهو جزء من محاولات واسعة استخدمتها الحكومات لوقف ناشطي حقوق الإنسان والمعارضين ولجم أصواتهم ومنع المواطنين من سماعها. وفي مقالته أشار إلى برنامج “ديافولو” (أي الشيطان باللغة الإيطالية) وهو عبارة برنامج يقوم أتوماتيكيا بالدخول على صفحات معنية ونسخ او لص بيانات. وقال إن ثلاث دعايات بالعربية ظهرت عام 2015 على قسم “خدمات التسويق في التويتر” وبحسب واحج من الدعايات “هذا البرنامج يرسل تغريدات لأي عدد من الحسابات المضافة “لتويت ديك”أو لوحات قيادة مرفقا بعدد من اللقطات لتويت ديك وبه عدد كبير من الحسابات.
وبعبارات أخرى “فديافولو” هو عبارة عن طريقة سريعة وسهلة للتلاعب بالتويتر ومنابر التواصل الإجتماعي التي نظر إليها على أنها وسيلة للتحرير والشفافية للمستضعفين في أثناء ثورات الربيع العربي 2011.
وبحلول عام 2015 يبدو أنه أصبح مثقلا بالمروجين للدعاية. وقال الكاتب إن ديافولو طوره موظف في شبكة قنوات سعودية كوسيلة مختصرة لزيادة المشاركة لشبكات التويتر. وقال مطور ديافولو الذي طلب عدم الكشف عن اسمه “أرادت القنوات أن تصل أشرطة الفيديو إلى أكبر عدد من المشاهدين، ولهذا قاموا بنشرها على التويتر وكانت مهمتي هو فتح أكبر عدد من الحسابات على التويتر ونشر أشرطة الفيديو على كل واحد”.
وقال إن الشركة كانت على علم بأن الحسابات المزيفة على التويتر استخدمت لتوسيع مدى المتابعين لها. وأضاف “كان هناك أربع لوحات قيادة للحسابات وكل واحد منها احتوى على 100 حساب على التويتر، مضيفا أنه اشترى الحسابات الـ 400 على الإنترنت من شخص كان يعرضها بـ 20 دولارا. وقال إنه قام باختراع ديافولو لأنه لم يرد الإستمرار في إعادة ارسال التغريدات (ريتويت) بطريقة يدوية. وقال “لقد قمت ببناء البرنامج في أقل من اسبوع ولم أكن أريد الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر” و “كان البرنامج يقوم بالمهمة”. وبعد ذلك قرر بيع البرنامج لأنه كان أحسن مما توقعه، و “قررت بيعه للآخرين لأنني كنت بحاجة إلى المال ولكن عندما قررت شركة تويتر إحداث تغييرات بات من المستحيل القيام بعمل آلي. ولهذا قمت بإزالة البرنامج وحذفته من جهاز الكمبيوتر الشخصي لي”.
واستطاعت “الجزيرة” بمساعدة من باحث متخصص في التلاعب بالتويتر التأكد من استخدام القنوات السعودية باستخدام التشغيل الآلي عام 2015. إلا أن عدد الحسابات المزيفة التي استخدمت كان أكبر 40 ضعفا من الرقم الذي زعم صاحب البرنامج أنه استخدمه. فعدد الحسابات التي استخدمت ديافولو هو 17.000 وليس 400 حسابا وبعضها فتح في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2017. مما يثبت أن البرنامج استخدم أطول من المدة المزعومة ومعظمها لها علاقة بأشرطة الفيديو المرتبطة بالقنوات التلفزيونية المشار إليها. وقامت شركة تويتر بوقف معظم هذه الحسابات. ووجدت الجزيرة أن مطور ديافولو باعه لخمسة ألاف متابع بسعر 10 دولارات للواحد مما يعني أنه كان يتحكم بأكثر من 400 حسابا. وعندما واجه الكاتب الشخص بما توصل إليه تحقيق الجزيرة لم يرد على أسئلتها. ويرى الكاتب إن موضوع الروبوتات الألكترونية أصبح محلا للنقاش خاصة بعد التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 وفي ديمقراطيات أخرى مثل البريكسيت أو الخروج من الإتحاد الأوروبي. وبين الفترة والأخرى تعلن شركة تويتر عن حذف عدد من الحسابات المزيفة من إيران أو فنزويلا ولن يتم الإنتباه إلى منابر التواصل الإجتماعي في العالم العربي.
وفي الشرق الأوسط فقد تحول تويتر من مجرد كونه أداة تحرير إلى أداة دعاية وحسابات مزيفة. وفي السنوات القليلة الماضية، غزت الروبوتات الإلكترونية تويتر الناطق باللغة العربية وأغرقته بدرجة أصبح فيها الحوار حول السياسة أو الموضوعات الخلافية مشحونة بالغضب والتشوش. وأصبحت التغريدات “الخلافية” تواجه فيضانا من مئات الحسابات المجهولة والمشكوك بها والتي وجدت من أجل الدفع باتجاه رواية معينة. ويقول الكاتب إن التحايل على أنظمة التشغيل الآلي التابعة للتويتر سهل ورخيص ومواصلة استخدام الروبوتات الألكترونية رغم وعود الشركة بحذفها. وهناك أعداد كبيرة من مواقع الإنترنت بالعربية والإنكليزية الروسية التي توفر خدمات لزيادة أعداد المتابعين بطريقة مبالغ فيها من خلال الريتويت وزيادة القراءات لمنشور ما. وقال الكاتب إنه اتصل بأحد الباعة وكان قادا على شراء 1.000 متابع بـ 16 دولارا في عملية استغرقت ساعات لإكمالها. وقال شخص مغربي اسمه عثمان، 26 عاما اتصلت به الجزيرة “أستطيع خلق 2.000 متابعة في اليوم وإعادة نشر تغريدات ومتابعات للمواقع”. وقال عثمان إنه بدأ ببيع الحسابات المزيفة عام 2013 عندما كان طالبا في الجامعة. ورغم قدرته وغيره على خداع أنظمة التويتر إلا أنه اعترف أن مهمتهم أصبحت صعبة. وقال “جعلت شركة التويتر تزييف الحسابات أمرا صعبا وفي كل مرة علينا تغيير وسائل التحقق للحسابات المزيفة لكي تتواءم مع سياسات التويتر”. ومع ذلك يمكن التحايل على الضمانات وإن بشكل قصير. وبعد شراء الجزيرة الحسابات المزيفة بساعة بدأت بمتابعة حسابات وفرتها لعثمان حيث قال إن الحسابات بدأت بإعادة نشر تغريدات مستخدمين حول العالم، مما يكشف أن خلق وإدارة حسابات مزيفة أصبحت تجارة رائجة على الإنترنت. وبعد أيام حذفت تويتر كل الحسابات التي خلقها عثمان مع أنه كان يمكن الحفاظ عليها لو استعد الشخص لدفع المزيد. وبدلا من شراء المتابعين أو إعادة نشر التغريدات هناك طرق لشراء الحساب بالكامل مع العنوان الألكتروني وتفاصيل الدخول والمعلومات التي يحتاج إليها لإنشاء جيش شخصي من الروبوتات الألكترونية على التويتر. والمواقع التي تعرض هي في محرك غوغل وبمتناول الجميع وتعرض كل شيء من مئات الحسابات إلى ألاف المتابعين من الفي دولار إلى حسابات روسية جديدة بسعر لا يتجاوز 0.18 دولارا. ويمكن حتى شراء حسابات قديمة تعود إلى عام 2008 وهي موجودة لأي شخص مستعد لدفع مبلغ أكبر. وكل ما يحتاج إليه هو تشغيل الرسائل التي تحملها الحسابات الجديدة وهي عملية تحتاج إلى ساعات وتثمر جيشا من الروبوتات الألكترونية الجاهز للزحف.