(((زَفَــرَاتٌ مَـشْـرِقِــيَّـةٌ)))
الأستاذ أحمد هاني مصطفى
(((لم أكن أحلم يومًا)))
لم أكن أحلم يومًا أن أقف موقف الغريب، والفرق العربيّة تتناطح فيما بينها، وتتصارع مع الأغراب من أجل التأهّل لمباريات كأس العالم.
كانت الأشواق والأحزان لحنًا أمميًّا يغشى الحيازم والثغور، وكانت الأطلال تنساب انسياب اللحظة التي لا تلتفت أبدًا إلى الوراء.
كنت، وما زلت أحبّ العروبة التي تنضح عزَّةً وكرامةً وإباءً وكبرياء.
كنت، وما زلت احتسي القهوة السمراء، صافعًا الترانيم الغريبة والشقراء.
كنت، وما زلت أتغنّى بفاطمةَ وهندٍ ودعدٍ وأسماء.
وكنت، ولــــمَّـــا أزل أعانق الطبيعة الحجازيّة، راسمًا هضابها، وواسمًا تلالها، عاشقًا كلَّ العشق ما تهمس به كلّ فيحاء وشهباء.
ولكنّني وجدتني أقف غريبًا في هذا الزمن الذي كشفَ كلّ الأقنعة الزائفة، التي تحاول أن تخفي كلّ سوءةٍ وعوراء.
كيف لي أن أكون ما لست أنا؟!
وكيف لي أن انسلخ عن نفسي، فأجد نفسي باحثة لاهثة عن نفسها؟!
ما كنت أعتقد أبدًا أنّ في هذا القلب نوعًا، أو زاوية تحاول التقوقع والفرار…
كان ما سوف يكون… قتلتني السّنبلة
ثمّ أهدتني السّنونو لعيون القتلة.
(أمام التلفاز)
أقف أمام التلفاز لاهثًا غاضبًا متمنّيًا هزيمة نكراء للمنتخب السيسيّ…
الغضب يملأ نفسي من نفسي، فأحاول الهروب إلى زاوية لعلّني أستر هذا الغضب الذي ينشطر انشطارًا غريبًا أمام هذه الشاشة الملعونة.
كنت فيما مضى أرقص مع كلّ ركلة تمرّرها قدمٌ عربيّة، واهتزّ اهتزازًا لكلّ ومضة شرقيّة تهمس همسًا طلليًّا رائقًا.
وكنتُ أتسربل العروبة، وأنسج من حرارتها عقالًا ووشاحًا، وكنتُ أشمُّ بريقَ الأندلسِ ناضحًا في باحات قرطبة الزّهراء.
وكانت القاهرةُ وسامًا أتقلّده حينما يخيّم الصمت، وينجلي الصراخ، فأستحضر منبر صلاح الدين شامخًا بين الأزقّة والحناجر.
وكانت الأزقّة الدمشقيّة، والترانيم الأمويّة تشدّني نحو الفتوحات التي تغزلها أنامل المشرقيّات الماجدات.
كيف لي أن أتمنّى الهزيمة لأبناء أميّة وصلاح؟!
وكيف لي أن أُفْـــرِحَ المجرم النيرونيّ النصيريّ، الذي يسفك الدماء، ويستحيي الحرائر والإماء، ويهجّر المسلمين، سالخًا إيّاهم من وطنهم، الذي هو وطنهم، وهو الغريب عنه؟!.
كيف لي أن أجعل هذا العلويّ، الذي ورث الدياثة والخيانة، وشرب ماء الدناءة والقماءة من أمّه وأبيه، منتشيًا باسمًا؟!
وكيف لي أن أُفْـــرِحَ الخائن الفرعونيّ، الذي نُسِلَ من ماء الراقصات الماجنات.
وكيف لي أن أسامح لاعبًا سيساويًّا يهتف بعيد انتهاء المباراة، أنّه سمع صوت السيسيّ الخائن المجرم، يهتف في أذنيه قائلًا: ضعها في الزاوية اليُمنى؟!.
كيف لي أن أتقبّل هذا النصر الذي سيضعه هؤلاء الطغاة المجرمون نيشانًا يتقلّدون من خلاله أعناق الرجال؟!
ولكنّني وجدت نفسي ترتاح قليلًا، وتتنفّس الصعداء طويلًا، عندما رأيت البيت المروانيّ، والصرح الكرديّ يقف مكاتفًا إيّايّ، متمنّيًا أحزان هؤلاء.
فكانت الفاجعة في انتصار كافور مصر، وكانتِ التأسية في اندحار نيرون الشام.
قد يغضب منّي البعض، وقد يحقد عليّ ثلّة من الموتورين؛ إلّا انّني أفضّل أن يغضب البعض عليّ، وأن تحقد علي هذه الثلّة الموتورة، مِــنْ أن أُغضِبَ نفسي، وأحقِدَ على ذاتي.
(الحدائق المعلّقة والحدائق المكيّفة)
هي صورة تبعث على التأمّل والتدبّر، وتخيط من عصف الذهن عالمـــــًا افتراضيًّا لا بدّ من الولوج إلى أعماقه، وسبر أغواره العتماء.
فرعون مصر يدعو بعض زبانيّته لحضور إفطار في أيّام الصيف الحارقة، فتكون الصدمة الكبرى، والمصيبة الجلل، عندما يضع في حديقة قصره مكيّفات كي تخفّف من وطأة الصوم لديه.
فتذكّرت عجائب الدنيا السبع التي لا بدّ لنا وأن نضيف عجيبة جديدة، وظاهرة فريدة في الإبداع والابتكار، فتكون عجيبة السّيسيّ، العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا.
(السّلاح النّوويّ، والسّلاح المنويّ عند آل سعود)
تتسابق الأمم التي تعتزّ بتاريخها، وتثبّت حاضرها، وترسم معالم مستقبلها، حريصة كلّ الحرص على شعوبها، على أن تكون من الدول التي تحصّن نفسها من تهديدات الآخرين، رادعة إياهم، موقفةً كلّ نشاط من شأنه أن يشكّل ولو تهديدًا واهنًا عليها، فتحصّن شعوبها بقوّة الردع والترهيب في السلاح الذريّ والنوويّ.
ويأتي عُربان آل سلول من بني سعود بالتغنّي في ابتكاراتهم التي لا تعرف حدًّا، ولا تقيم وزنًا للقيم والأخلاق. فبعد أن حوّلوا جزيرة العرب، وبلاد الحجاز المقدّسة إلى عزبةٍ لهم، ونسبوا تاريخ الحجاز لقبيلتهم، نراهم يصنّعون سلاحًا فتّاكًا يرهب الأعداء، ويرجف كلّ من يحاول الغمز واللمز عليهم، فتذكرُ لنا كتبُ آل سلول من بني سعود، أنّ جدّهم الكبير، حباه الله بفحولةٍ لم تكن لأحد لا من قبله، ولا من بعده؛ وبهذا يكون-أيّها السادة-السلاح المـــنَـــــويّ السعوديّ، هو السلاح البديل المستقبليّ، الذي يواجه، ويهزم السلاح النوويّ عند باقي الأمم.