حماس بذكرى انطلاقتها: حشدنا طاقات شعبنا تحت مشروع وطني واحد
أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الجمعة، أنها جنّدت كل قدراتها لتركيز أهدافها على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتجنيد كل أبناء الشعب الفلسطيني وطاقاته في الداخل والخارج للانضواء تحت مشروع وطني واحد يمثل الرؤية الجامعة.
وشددت حماس في بيان بذكرى انطلاقتها الحادية والثلاثين ووصل “صفا” نسخة عنه، أنها نجحت في بناء ذاتها، وتطوير قدراتها، ورسم معالم تحركها السياسي والاجتماعي بخطى ثابتة، وحرصت على أن تبقى بوصلتها ثابتة تجاه فلسطين، وعدم حرفها إلى قضايا هامشية وصراعات فرعية.
وقالت إنها في مثل هذا اليوم تكون قد قطعت 31 عامًا في مسيرة عمرها المليئة بالعطاء. مسيرة قدمت فيها كل غالٍ ونفيس من دماء ومال وجهد، في سعيها لتحقيق طموحات شعبنا المرابط وتطلعاته في الحرية والاستقلال والعودة.
وأضافت أنه: خلال مسيرتها واجهت الحركة تحديات هائلة ومحاولات مكثفة لقمعها ومحاصرتها وكسر إرادتها وصمودها وإعاقة تطورها في كل المجالات؛ لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.
ووجهت حماس التحية إلى شعبنا الصَّامد المرابط في الضفة والقطاع، وفي أرضنا المحتلة عام 48، وفي مخيمات الشتات وأماكن اللجوء القسري كافة، على صموهم وثباتهم ودفاعهم عن بيت المقدس وأكنافه.
وأكدت أن تحرير فلسطين، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، ستبقى دائمًا وأبدًا من ثوابت الحركة وعنوان مشروعها التحرري، مشددةً على حق شعبنا الثابت والمكفول في الشرائع والقوانين الدولية في مقاومة الاحتلال.
وشددت حماس على أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية، وهي حقّ ثابت للشعب الفلسطيني والأمَّة العربية والإسلامية، ولا تنازل عنها ولا تفريط بأيّ جزء منها؛ وإنَّ كلّ إجراءات الاحتلال في القدس من تهويدٍ واستيطانٍ وتزوير للحقائقِ وطمس للمعالم منعدمة.
“صفقة القرن”
وأكدت أنها وقفت سدًا منيعًا أمام المخططات الإسرائيلية والمشاريع التصفوية وتصدت بكل قوة للمشاريع الأمريكية، والمتوجة بـ “صفقة القرن” التي تحمل في طياتها مخاطر استراتيجية جسيمة على القضية الفلسطينية ومصالح الأمتين العربية والإسلامية.
وأوضحت حماس أن الصفقة تهدف إلى شرعنة الاحتلال وتسويقه في البلاد العربية على حساب القضايا والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني التي تتنكر لها “صفقة القرن” جملة وتفصيلًا.
وبينت أن تلك الصفة ترجمت في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة للكيان، والعمل على شطب منظمة الأونروا، وإلغاء حق اللاجئين في العودة والتعويض.
كما شددت على الرفض القاطع والحازم لـ “صفقة القرن”، وضرورة التصدي لها بكل السبل مع قوى شعبنا كافة، “ولن نسمح لأي جهة بتمريرها مهما كانت التضحيات”.
وجددت حماس تأكيدها أن “حقنا في تطهير أرضنا من الاحتلال يتحقق بالكفاح بكل الوسائل المكفولة بالقانون الدولي، وحقنا في القدس عاصمة لدولة فلسطين، وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم هو محل إجماع وطني، وليس قابلًا للمساومة أو التفاوض”.
وشددت على أن حقَّ العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أُخرجوا منها، هو حقٌّ طبيعي، فردي وجماعي، تؤكدُه الشرائع السماوية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، وهو حقّ غير قابل للتصرّف من أيّ جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية.
رؤية شمولية
ولفتت إلى أنها تبنت –منذ نشأتها-رؤية شمولية واضحة ومحددة لخصتها في وثيقتها السياسية التي صدرت عام 2017 تقوم على تحرير فلسطين، وبناء الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، وبناء مجتمع فلسطيني حضاري يتبنى مفاهيم الحرية والعدالة والديمقراطية والسلم الأهل.
إضافة إلى احترام حقوق الإنسان، وصون الحريات العامة، وحفظ حقوق المرأة، والذود عن حقوق الفئات المهمشة، والدفاع عن العدالة الاجتماعية والمساواة، وتجنب كل إشكال العنف الداخلي، وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال الانفتاح وتبني الحوار لمعالجة الخلافات.
وأشارت حماس إلى أنها عززت من علاقاتها العربية والدولية بما يخدم القضية الفلسطينية، ويوفر لها الدعم والإسناد؛ ونأت بنفسها عن سياسة المحاور، وحافظت على قراراها الوطني النابع من صميم إيمانها بعدالة القضية وحق شعبنا في تقرير مصيره.
المصالحة ضرورة
وأكدت حماس أنها توافق القوى والفصائل على برنامج وطني يمثل القاسم المشترك للجميع، ويعزز من فرص نجاح العمل الوطني في مواجهة التحديات الجسيمة.
وشددت على ضرورة الإنهاء الفوري للانقسام، من خلال التطبيق الأمين والدقيق لاتفاقات المصالحة وتعزيز أسس الشراكة الوطنية التي ترتكز على اتفاق القاهرة عام 2011.
كما أكدت أنها بذلت جهودًا كبيرة لإنهاء الانقسام، وإنجاح مسيرة المصالحة التي تعتبرها ضرورة وطنية واستراتيجية، وقدمت لأجلها الكثير من التنازلات من باب القناعة الراسخة أن الوحدة الوطنية هي الأساس والمفتاح لأي إنجاز.
واستدركت حماس بالقول: “لكن مع الأسف فوجئنا بالموقف السلبي وغير المتعاون من قبل قيادة حركة فتح، والتي أدت إلى إجهاض كل اللقاءات والحوارات التي عُقدت لإنجاح المصالحة”.
وأضافت: “والأدهى والأمَر من ذلك فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة المحاصر؛ والتي أدت إلى تفاقم معاناة شعبنا بشكل غير مسبوق”.
وقدّمت حماس في هذا الصدد إلى مصر وكل الدول العربية والصديقة بالشكر الجزيل على جهودها الحثيثة التي بذلتها لرأب الصدع ولم الشمل الفلسطيني.
وشددت على أنها لا تزال على موقفها المبدئي بضرورة إنهاء الانقسام فورًا، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أساس الشراكة الوطنية، والتوافق على رؤية استراتيجية جامعة تعتمد على الثوابت الوطنية، وعلى إصلاح منظمة التحرير، وعلى حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال.
ودعت حماس قيادة فتح للتجاوب مع جهود الأشقاء المصريين لإنهاء الانقسام، والتطبيق الدقيق والأمين لكل الاتفاقيات.
وأعربت عن استغرابها من رفض فتح للورقة المصرية الأخيرة وما يترتب عن ذلك من تأخير توحيد جميع الطاقات والجهود لمواجهة “صفقة القرن” الأمريكية.
التطور والإبداع
وقالت حماس إن: “إجراءات العدو القمعية في القدس والضفة الغربية مستمرة، ولم يتوقف التهويد والتشويه والاستيطان واقتحام المسجد الأقصى وقتل المئات، واعتقال الآلاف، وهدم عشرات المنازل، إلا أن المقاومة الفلسطينية الباسلة نجحت في الصمود والتصدي”.
وأضافت أنها: استمرت في التطور والإبداع في مقارعة العدو ومواجهة قطعان مستوطنيه، وتمكنت من تنفيذ عشرات عمليات إطلاق النار، ومئات عمليات الدعس والطعن، وإلقاء العبوات الناسفة والزجاجات الحارقة، وأثخنت بالعدو قتلًا وجرحًا، بينما تستمر المقاومة.
وتابعت بالقول: “ولا زال الأبطال الشهداء (صالح) البرغوثي و (أشرف) نعالوة و (مجد) مطير وإخوانهم يزرعون الرعب في قلوب الصهاينة ويضجون مضاجعه في كل مكان في الليل والنهار في حياتهم واستشهادهم”.
مسيرات العودة
وأكدت حماس أن مسيرات العودة وكسر الحصار مثّلت نموذجًا فريدًا في مواجهة الاحتلال بقوة شعبية واسعة، وفي ترسيخ مفاهيم العمل الوطني المشترك الذي نفخر به ونحرص على تعزيزه من خلال الانفتاح والعمل مع كل مكونات الشعب الفلسطيني.
فضلًا عن نموذج البطولة والشجاعة الذي مثلته غرفة العمليات المشتركة التي تصدت لعدوان الاحتلال وأجبرته على التراجع، الأمر الذي أرغم قيادة دولة الاحتلال على مراجعة حساباتها وإعادة القضية لمكانتها الطبيعية على سلم الأولويات الدولية والإقليمية، ودفع المجتمع الدولي إلى الالتفات والتحرك لمعالجة المعاناة الإنسانية الكبيرة في قطاع غزة.
وشددت على أن هذه البطولة وهذا الصمود قاد إلى مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار؛ والتي حرصنا أن تبقى في الإطار الوطني من خلال التشاور مع جميع الفصائل ومن أجل تحقيق مكتسبات وطنية، وحل المشكلة الإنسانية الناتجة عن الحصار والإجراءات التعسفية دون التفريط بأي موقف سياسي.
وقالت حماس إن: “الادعاء بأن اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار جزء من صفقة القرن، أو أنها تفضي إلى فصل غزة عن الوطن هي مجرد تخرُّصات وأكاذيب مضللة، تكشف عن حالة الإرجاف التي يحاول البعض تسويقها لإبقاء غزة تحت الحصار”.
وتقدمت حماس بالشكر الجزيل إلى دولة قطر، وكل الدول العربية والإسلامية التي بذلت جهودًا مشكورة في تخفيف معاناة شعبنا الفلسطيني، ووقوفها إلى جانبه في ظل الحصار الظالم والإجراءات العقابي. كما شكرت الوسطاء الأمميين الذين سعوا إلى وقف العدوان.
رفض التطبيع
وأكدت حماس رفضها القاطع لمحاولات التطبيع مع الاحتلال بأي شكل من الأشكال، وتحت أي مبرر من المبررات.
وقالت إن: “التطبيع مع الكيان المغتصب يعني تبني وتبرير القتل والإجرام، وسلب الأرض، وتهويد القدس، وتغول الاستيطان، واستمرار الطرد والتهجير لملايين الفلسطينيين في المنافي والشتات”.
وشددت على أنه “عار وجريمة كبرى وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يقاتل ويكافح ليل نهار للثبات على أرضه، والدفاع عن حقوقه.
ودعت الدول العربية والإسلامية شعوبًا وحكومات والدول والمؤسسات والمنظمات والأحزاب التي تؤمن بحق الشعب الفلسطيني في الحرية أن يغلقوا الأبواب في وجه هذا المحتل المجرم.
وشكرت حماس كل الدول الداعمة لحقوقنا الثابتة، والتي وقفت إلى جانب حق شعبنا في المقاومة، ورفضت تجريم مقاومته.
كما تأسف لمواقف الدول التي دعمت القرار الصهيوأمريكي المخالف للقانون الدولي (القاضي بتجريم المقاومة)، والذي يشكل خطرًا حقيقيًا على حق الفلسطينيين وحياتهم على أرضهم.
وقالت حماس في ختام بيانها: “سيبقى حرصنا وجهدنا لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال وعدًا قائمًا، ولن يتوقف حتى ينعم أسرانا بالحرية”.