“فيسبوك” وملاحقة المحتوى الفلسطيني: تغاضٍ عن تحريض الاحتلال
تُواصل إدارة شركة “فيسبوك” إحكام قبضتها على المحتوى الفلسطيني، مستهدفةً كل ما يبث عبر الصفحات المنتشرة في الموقع الأزرق. ومن جديد، سجّل ناشطون انتهاكات عديدة طاولت حذف صفحات وحسابات فلسطينية، كان آخرها إغلاق صفحة “شبكة خانيونس الإعلامية”، بزعم مخالفتها سياسة النشر، عندما كانت تغطي أحداث “مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار” والتصعيد الإسرائيلي الأخير ضد غزة. هذا بالإضافة إلى حذف الموقع صور القوة الإسرائيلية المتسلّلة في خان يونس جنوب قطاع غزة، بعدما نشرتها كتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس، يوم الخميس الماضي. كما منعت الشركة تداول الصورة في تطبيق “ماسينجر” الذي تملكه.
وعلى مرتين متتاليتين، أغلق “فيسبوك” صفحة “شبكة خانيونس”، منذ بدء تغطيتها لمسيرات العودة وكسر الحصار، في الثلاثين من مارس/آذار الماضي، وعطّل حسابات 15 ناشطاً كانوا يعملون في التغطية الإخبارية للأحداث على حدود غزة بشكل خاص، والقطاع بشكل عام، من خلال تلك الصفحة.
يقول الناشط الفلسطيني محمد النجار، لـ”العربي الجديد”، إن “الصفحة لم تكن تنقل سوى صورة الخبر في مسيرات العودة، وبدا أن صورة الشاب الذي يرفع العلم الفلسطيني على الحدود والفواصل الإخبارية للأحداث السلمية، مزعجةً للاحتلال، لذلك سعى مع إدارة “فيسبوك” إلى إغلاق الصفحة وتعطيل حسابات الناشطين عليها”.
ويؤكد النجار أن “نشر المحتوى الفلسطيني لن تُوقفه ممارسات إدارة فيسبوك، في سبيل إرسال رسالة واضحة عن الحقوق والثوابت الفلسطينية”، مشيراً إلى أن حملات ملاحقة الحسابات الفلسطينية المتكررة بشكل دائم، تُوجب توافر الجهود للوقوف ضد سياسة إدارة فيسبوك بشتى الوسائل، خصوصاً أنها تتجاهل “التحريض الدائم الذي يبثه المحتوى الإسرائيلي”.
وخلال اليومين الماضيين، قال ناشطون فلسطينيّون على “فيسبوك” و”تويتر” إنّ إدارة “فيسبوك” حذفت حسابات شخصية لناشطين نشروا صور القوة المتسلّلة التي نفّذت عمليّة أفشلتها المقاومة، في الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. وغرّد صهيب العصا “فيسبوك يحذف صور أعضاء القوة الإسرائيلية الخاصة التي نشرتها #كتائب_القسام؛ ويمنع تداولها أيضا عبر ماسينجر؛ بمعنى أنه لو أرسلها شخص لآخر فإنها لن تظهر في الرسالة لدى المستقبل؛ وفي أحسن الأحوال تبقى لمدة دقيقة ثم تُحذف تلقائيا”.
ونشر حساب الشجاعية على “تويتر” فيديو توضيحياً لكيفية حذف “ماسينجر” الصورة تلقائياً بعد نشرها، كاتباً “فيسبوك يحذف صور وحدة الاحتلال الخاصة التي نشرتها كتائب القسام، الحذف من الواجهة الرئيسية وكذلك من داخل المسنجر”.
ويواجه الناشطون على المحتوى الفلسطيني ملاحقة دائمة من قبل إدارة فيسبوك التي لا تتوقف عن سياسة حذف صفحاتهم وحساباتهم، وذلك تماهياً مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعد الصور والأخبار التي تتناقل الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، أو اعتداءات الاحتلال ضدهم، وحتى رسائل الحقوق والثوابت الفلسطينية، “تحريضية” في نظر إدارة الموقع الأزرق.
ويستهدف “فيسبوك” العشرات من حسابات الناشطين الفلسطينيين والصفحات الإخبارية، ويلاحقها بالحظر من النشر أو الحذف من المنصة بشكل كامل، وهي الإدارة التي ما زالت تصعّد من ملاحقتها لهؤلاء، بدعوى أنهم محرضون وينشرون محتوى يتضمن مفردات أو مضامين يصنّفها الموقع بأنها “عنيفة أو إرهابية”.
وصعّد “فيسبوك” هجمته على المحتوى الفلسطيني، خلال الشهرين الماضيين، إذ رصد مراقبون نحو 36 انتهاكاً قامت بها إدارة المنصة الزرقاء، ضد حسابات فلسطينية، خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين.
ووثّق مركز “صدى سوشال” 20 انتهاكاً مختلفاً خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، و16 انتهاكاً خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، منها حذف صفحة وكالة صفا وصفحة ادعم فلسطين، وحذف حساب الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع، وصفحات فلسطينية أخرى، وحسابات لصحافيين عاملين في قطاع غزة والضفة الغربية.
حملات مستمرة من قبل موقع “فيسبوك”، يُحذف من خلالها العشرات من الصفحات الفلسطينية الناشطة، وهي التي تندرج تحت اتفاق مسبق موقّع بين إدارة المنصة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعترف الأول بحذفه مئات الحسابات الفلسطينية بطلبٍ من الأخيرة. ونقلت تقارير أن “الكنيسيت” الإسرائيلي صادق على مشروع قانون يسمح لمحاكم الاحتلال بإصدار أوامر بحذف أي محتوى يعتبره تحريضياً، بالاتفاق مع إدارة “فيسبوك”.
وفي الوقت ذاته، يحاول الناشطون الفلسطينيون محاربة تلك الحملات المستمرة في ملاحقة حساباتهم وحذفها، من خلال العودة إلى إنشاء صفحات جديدة وبمسميات أخرى تحمل نفس المضمون والفكرة، وسبق أن قام ناشطون بتدشين حملات إلكترونية عبّروا فيها عن غضبهم من سياسة “فيسبوك” والتي تتغاضى عن المحتوى التحريضي الإسرائيلي.
ويوقن الفلسطينيون أن إدارة “فيسبوك” تتجاهل النظر إلى المحتوى التحريضي الذي تبثه الحسابات الإسرائيلية ضدهم، والتي تتضمن دعاوى لاعتقال وقتل الفلسطينيين. ووفقاً لإحصائية قام بها مركز “صدى سوشال”، فإن “كل 47 ثانية، هناك منشور تحريضي في المحتوى الإسرائيلي على مواقع التواصل”.
إلى ذلك، ذكرت تقارير أميركية أن إدارة “فيسبوك” اعترفت بقبولها دعوات إسرائيلية بإغلاق صفحات وحسابات تبث محتوى “تحريضيا” من وجهة نظرها، نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. ووفقاً لموقع “ذا انترسبت” الأميركي، فإن حكومة الاحتلال قدمت 158 طلباً لإدارة “فيسبوك”، في الشهور الأربعة الأخيرة من عام 2017، لإزالة محتوى فلسطيني، وقد نفّذ “فيسبوك” نحو 95 في المائة منها.
ووفقاً للتقرير، فإن إدارة “فيسبوك” تخضع لتلك المطالبات الإسرائيلية، بعدما هددت حكومة الاحتلال بلجوئها إلى القضاء لجهة سن قوانين تطلب من “المنصة الزرقاء ذلك، وصولاً إلى فرض غرامات مالية على الإدارة، وحتى إمكانية حجب الموقع من الأراضي المحتلة عام 1948”.
وخلال العام الماضي، أغلق “فيسبوك” نحو 200 حساب وصفحة فلسطينية بذريعة نشرها “محتوى تحريضيا”. ومع بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر مارس/آذار الماضي، حذف نحو 60 صفحة فلسطينية، وحظر النشر لما يزيد عن 100 حساب، وهو الذي يؤكد أن إدارة “فيسبوك” تخضع لمطالبات الاحتلال وتلاحق المحتوى الفلسطيني بصورة مستمرة.
المصدر: العربي الجديد