تقرير: اعتقال حتى نهاية الاجراءات القانونية … للعرب فقط !!!
اعتراف رسمي إسرائيلي بالتفرقة بين العرب واليهود في قضايا التعبير عن الرأي
يهود محرضون يمتدحون قتل العرب بلا حسيب أو رقيب
طه اغبارية
“لم تجد النيابة حكما بسجن متهم يهودي حتى نهاية الإجراءات في مخالفات شبيهة بتلك الموجهة للشخص المدّعى عليه (الشيخ رائد صلاح”.
هكذا ردّت النيابة العامة الإسرائيلية على استفسار محكمة الصلح في حيفا، حين استهجن طاقم الدفاع (في جلسة بتاريخ 28/8/2017) عن الشيخ رائد صلاح – المعتقل بتهمة التحريض على الإرهاب وتأييد منظمة محظورة- كون كل الملفات والأحكام السابقة الشبيهة بالملف المنظور أمام المحكمة، والتي استعرضتها النيابة لتبرير طلبها تمديد اعتقال الشيخ رائد حتى نهاية الاجراءات القانونية هي لمواطنين عرب.
في هذا الاعتراف الإسرائيلي غير المفاجئ، تؤكد المؤسسة الإسرائيلية وذراعها القانوني ممثلا بالنيابة العامة، أنها تلاحق العربي حتى النهاية عندما تتهمه بالتحريض على الإرهاب، وفق تفسيرها لكلامه، لكنها تمنح الحرية المطلقة لليهودي وربما تقوم بتعويضه على “الأضرار التي سببتها له في حال اعتقاله “ظلما”، حتى لو كان هذا اليهودي محرضا بشكل مباشر لا يقبل التأويل على قتل العرب، وحتى لو كان يحتفي بشكل مباشر وأمام الكاميرات بقاتل يهودي مجرم ويعتبره بطلا!!
يحاكم الشيخ رائد صلاح، على اقتباسه آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة بتهمة التحريض، وأنه اشاد وامتدح ما ينسب للشهداء الثلاثة من أم الفحم: محمد ومحمد ومحمد، بتنفيذ عملية الأقصى، وقررت محكمة الصلح مؤخرا تمديد اعتقاله حتى نهاية الاجراءات القانونية، رغم اعتراف ذات المحكمة أن بعض بنود الاتهام، يمكن ان تفسر بطرق مختلفة وأنه لا يوجد أدلة في كونها تحريض على الإرهاب!!
هذا التمييز الصارخ في التعاطي مع ملف ذي خلفية سياسية، بين العرب واليهود، يكشف الوجه الحقيقي للمؤسسة الإسرائيلية ويفجر كل مزاعمها حول “الديموقراطية” واحترام حقوق الإنسان وحقه في التعبير عن الرأي.
وسبق للمؤسسة الإسرائيلية أن اعتقلت عشرات الشبان العرب لفترات مختلفة بتهم التحريض وكتابة منشورات تحريضية على مواقع التواصل، وقد أخضعت عددا منهم للاعتقال الإداري، مثل: الشاب محمد ابراهيم من كابول، والشابة دارين طاطور من الرينة، بالإضافة إلى اعتقالات إدارية أخرى لـ 5 شبان عرب، يبدو أنها مرتبطة ايضا بكتابات على مواقع التواصل ترى المؤسسة الإسرائيلية أنها تحريضية.
يقول المحامي مصطفى سهيل، من طاقم الدفاع عن الشيخ رائد صلاح، لـ “المدينة”: “من الواضح ان هناك تفرقة بين العرب واليهود من قبل النيابة العامة والجهاز القضائي الاسرائيلي، فعند الاطلاع على كل السوابق القضائية التي يوجد فيها سجن حتى نهاية الاجراءات أو سجن فعلي بعد ذلك أو اعتقال اداري على قضايا الرأي والكلمة واتهام بالتحريض، نجد أن كلها وجّهت ضد عرب، بينما لم يعتقل حتى نهاية الإجراءات أي يهودي في قضايا تحريض، مع العلم أن التحريض لديهم على قتل العرب يكون واضحا ومباشرا أحيانا، أو التحريض على جواز قتل العرب أو تأييد قتلهم أو امتداح من يقتل العرب، كل هذا يؤكد أننا إزاء جهاز قضائي ممثلا بالنيابة العامة والمحاكمة، يقوم على منظومة أمنية تميز بين العرب واليهود”.
يهود محرضون يمتدحون قتل العرب بلا حسيب أو رقيب
في أي تظاهرة غاضبة لليمين المتطرف أو جهات صهيونية، يصرخ المتظاهرون “الموت للعرب” أمام شاشات التلفزة، وفي أي بحث عن حجم التحريض على قتل العرب لدى أوساط يهودية، نجد ان العديد من القيادات المتنفذة في اليمين الإسرائيلي والأوساط الصهيونية، تتنافس فيما بينها على إظهار العداء للوجود الفلسطيني والدعوة إلى طرد العرب وترحيلهم.
وحملت الكثير من الجماعات الصهيونية ورموزها، مشاريع كاملة تحرض على طرد العرب والتخلص منهم وترحيلهم بالقوة، مثل مشاريع: رحبعام زئيفي، وافيغدور ليبرمان، ومئير كهانا، وتصدر هؤلاء وتلاميذهم العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام العبرية، خلال إطلاقهم حملات التحريض ضد العرب، وحين كانت المحاكم الإسرائيلية تنظر في بعض الملفات المرفوعة إليها ضد هذه الجماعات، انتهت معظم الملفات بالبراءة ودون لوائح اتهام أو بمحاكمات هزلية لا ترقى أبدا إلى حجم التحريض.
يوم ارتكب المجرم باروخ جولدشتاين، المجزرة المروعة في الحرم الإبراهيمي عام 1994، والتي قتل خلالها 29 مصليا وأصاب العشرات، شهدت جنازة الإرهابي جولدشتاين، كلمات تأبينية مؤيدة للجريمة والقاتل، بل دشّن انصار جولدشتاين كتابا بعنوان “باروخ الرجل” وبرأت المحاكم الإسرائيلية ساحتهم ولم يعتقل أي من مؤلفي الكتاب حتى نهاية الاجراءات، رغم اعتراف المحاكم بخطورة الكتاب الذي يشيد بالمجرم جولدشتاين، وكتب عدد من انصار وتلاميذ القاتل مقالات محرضة على قتل العرب و”قدسية القيام بهذا الفعل!!”.
نوعام فدرمان، احد قادة حركة “كاخ” لمؤسسها المأفون العنصري مئير كهانا، تصدر بدوره حملات تحريض على العرب، ورغم انه فتحت ضد عشرات الملفات في الشرطة، بسبب ضلوعه في عمليات إرهابية ضد فلسطينيين لكنه لم يحاكم حتى نهاية الاجراءات وبرأت ساحته من معظم التهم، بل دفعت له “الدولة تعويضات مالية على الاضرار التي تسبب به اعتقاله!!”.
وكان فدرمان مقربا من المجرم باروخ جولدشتاين، ولم يحاكم قط في قضايا تحريض، مع تورطه في قتل فلسطينيين والعضوية بخلية مسلحة لقتل العرب، وأشاد بالمجزرة التي نفذها جولدشتاين ضد المصلين في الحرم الإبراهيمي، ولمّح إلى كونه بطلا صهيونيا، ممتدحا دوره في “خدمة الشعب الإسرائيلي”.
هذا ويحيي انصار جولدشتاين سنويا ذكرى ومقتله، ويقيمون طقوس خاصة بالمناسبة على مرأى ومسمع الكاميرات واجهزة الأمن، ويهتفون “باروخ لا مثيل لك في العالم”.
في جنازة المأفون مئير كهانا عام 1990، شارك العديد من الحاخامات اليهود، والقيت في الجنازة كلمات تأبينية عنه، نضحت بالتحريض على قتل العرب باعتبارهم وراء مقتل كهانا، وتحدث انصار كهانا عن “بطولاته” ومشروعه العنصري لطرد العرب والتخلص منهم.
المدعو بن تسيون غوشتاين، مؤسس حركة “لهافا” العنصرية الداعية إلى طرد العرب من أماكن العمل والعمل على فصلهم عن اليهود بالقوة، وقد اتهم غوشتاين بقتل فلسطيني وأطلق سراحه بزعم عدم وجود أدلة، كذلك ينظم المدعو مظاهرات عنصرية تحريضية ضد العرب.
عام 2014 اعتقل بن تسيون، بتهمة التحريض على العرب، واطلق سراحه بعد 3 أيام!!
ورغم نشاط حركة “لهافا” التحريضي والدعوات في بعض الأوساط الإسرائيلية لإخراجها عن القانون، إلا أن المنظمة لا زالت فاعلة وتتلقى، كما كشفت وسائل اعلام اسرائيليا، دعما من أوساط حكومية إسرائيلية.
في عام 2009 صدر كتاب بعنون “توراة الملك” لمؤلفيه، الحاخام يتسحاق شبيرا والحاخام يوسي ايليتسور، وهو “غيض من فيْض” أفكار التّطرّف والعنصريّة والعداء للإنسانيّة التي تبثّها المدارس الدّينيّة اليهوديّة في مستوطنات الضّفّة الفلسطينيّة المحتلّة، وتلقّنها لطلاّبها الذين تعبّئهم وتربّيهم وتثقّفهم عليها، علاوة على ما يقوم به حاخامات المستوطنين من بثّ سموم الكراهية والعنصريّة والعداء للفلسطينيّين بين أتباعهم في داخل المستوطنات و”اليشيفوت” أو خارجها.
يهدف كتاب “توراة الملك” إلى تحديد موقف التّوراة والشّريعة اليهوديّة من “الأغيار” (الغوييم بالعبريّة) الذي ينبغي للدّولة اليهوديّة واليهود التزامه والسّير وفقه. ويصنّف هذا الكتاب البشر إلى مراتبَ متعدّدة. وينطلق، بحسب هذا التّصنيف، من أنّ اليهود يتبوّؤون المرتبة العليا، وأنّهم أفضل- بما لا يقاس- من مختلف أصناف البشر الأخرى. و يعتبر أنّ اليهود هم وحدهم الآدميّون الحقيقيّون، في حين أنّ “الأغيار” هم في مرتبةٍ أدنى، وتقترب مرتبتهم كثيراً من منزلة البهائم. لذلك ينبغي للدّولة اليهوديّة واليهود اتّخاذ مواقف التّمييز ضدّهم -في أحسن الأحوال- أو السّماح بقتلهم، أو ينبغي قتلهم في معظم الأحيان، ولا سيّما في أوقات الحرب.
يعالج المؤلّفان، بعمق وإسهاب، مسألةً هيمنت على الكتاب من ألِفه إلى يائه، وهي متى يُسمح لليهود بقتل “الأغيار” (الغوييم)؟ ومتى ينبغي لليهود قتلهم؟ وكي لا يحدث أيّ لبس أو غموض في هويّة “الأغيار”، ولتوضيح أنّ المقصود من “الأغيار” هم العرب الفلسطينيّون أساسا؛ أكّد الحاخام يتسحاق غينزبورغ، الذي يحظى بمكانةٍ دينيّة مرموقة في التّيّار الدّينيّ اليهوديّ في إسرائيل، في مقدّمة كتاب “توراة الملك”، أنّ القضايا التي يعالجها هذا الكتاب “ترتبط ارتباطا وثيقا بالوضع في أرض إسرائيل، التي ينبغي لنا استرجاعها من أعدائنا”. واستطرد بالقول إنّ كتاب “توراة الملك” يأتي من أجل تحقيق هذا الهدف، ولتعزيز معنويّات شعب إسرائيل وجنوده، وليوضّح رأي التّوراة والشّريعة اليهوديّة بعمق وشموليّة في القضايا المهمّة المتعلّقة بهذا الأمر. وأكّد المؤلّفان في هذا الكتاب أنّ “في الحرب على مصير أرض – إسرائيل ينبغي قتْل الأغيار. فالأغيار الذين يطالبون بهذه البلاد لأنفسهم، يسلبونها منّا، وهي إرث لنا من آبائنا”. ويشكّل هذا الكتاب فعلا “دليلا للحائرين” وللمتردّدين ولمن يريد فتوى دينيّة يهوديّة في متى “يُسمح” بقتل العرب الفلسطينيّين ومتى “ينبغي” ذلك وفق الشّريعة اليهوديّة؛ علاوة على كونه يشكّل دعما “معنويّا” و “دينيّا” لكثيرين من المستوطنين والإسرائيليّين المقتنعين بمضامين هذا الكتاب قبل قراءته.
هذا وقد فتحت الشرطة تحقيقا حول كتاب “توراة الملك” عام 2010 وتم استدعاء مؤلفي الكتاب وعدد من مؤيدي الكتاب إلى التحقيق، وقد اعترض العديد من الحاخامات على خطوة الشرطة بالتحقيق مع مؤلفي الكتاب، وقالوا إن التحقيق بشأن الكتاب يعد مسا في حرية التعبير عن الرأي، وهكذا كان رأي الحاخام الأكبر في البلاد حينها، في نهاية الأمر تم اغلاق التحقيق في موضوع الكتاب، ولم يتم تقديم لوائح اتهام ضد مؤلفيه، وتم توقيفهم فقط للتحقيق عدة ساعات!!
وقال عدد كبير من الشبان اليهود قبيل التحاقهم بالجيش الإسرائيلي، إنهم سيسعون إلى تطبيق كتاب “توراة الملك” من خلال خدمتهم في الجيش، وأنه يشكل منهجا لهم في حياتهم!
وفي استمرار لرصد حجم التحريض اليهودي الذي لا تلاحقه قوانين المؤسسة التي تزعم “الديموقراطية واحترام حقوق الانسان”، رفضت النيابة العامة الإسرائيلية، وصف المجرم نتان زاده بـ “المخرب” وذلك أيام المداولات في ملف الشبان من شفاعمرو المتهمين بقتل المجرم نتان زاده والذي نفّذ مجزرة “شفاعمرو” وقتل 4 من سكان المدينة عام 2005، وقالت النيابة في معرض تبرير اعتراضها أن “هذا الوصف يسيء للرجل الميت زاده!!”.
هذا وقد دعا عدد من النشطاء اليهود بشكل صريح إلى “تطهير اسم زاده” باعتباره قتل على أيدي عرب وانها كان “مظلوما”، في حين امتدح آخرون ما قام به نتان زاده من قتل للعرب من مدينة شفاعمرو!!.
الحاخام شوئيل الياهو، أعلى مرجعية دينية في مدينة صفد، أطلق في عدة مناسبات تصريحات عنصرية ضد الوجود العربي في المدينة ودعا إلى طرد العرب منها وأصدر فتوى لا تجيز لليهودي تأجير بيته لعربي، كذلك وصف الياهو العرب بالعدائيين ومرتكبي اعمال العنف، وان وجودهم في صفد وفي بيئة يهودية سيؤدي إلى ضرر على المجتمع اليهودي.
هذه التصريحات الصادرة عن رجل دين يهودي، لم يتم توصيفها بحكم القضاء الإسرائيلي بأنها تحريضية، وغيرها من التصريحات اليومية الصادرة عن رجال دين يهود والتي تظهر في نبرات واضحة من التحريض ضد العرب.
المحاكم تخضع لابتزاز النيابة العامة والسلطة السياسية
وقال الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات لـ “موطني 48”: “لا مجال للمقارنة بين اعتقال الشيخ رائد وبين أي اعتقال، فإذا سألنا انفسنا هل تم اعتقال شخص يهودي حتى نهاية الاجراءات القانونية الجواب على ذلك لا، هل تم توجيه تهمة الارهاب لشخص يهودي الجواب لا، هل تم اعتقال شخص حتى نهاية الاجراءات بظروف كظروف الشيخ رائد داخل السجن، الجواب هو لا، وهذا يشير بشكل واضح إلى ان الاعتقال هو اعتقال سياسي واعتقال تنبعث منه رائحة العنصرية، والاستهداف الشخصي للشيخ رائد صلاح، وبالتالي لا يمكن المقارنة ولا مجال للمقارنة بينه وبين أي ظروف اعتقال اخرى، والسبب هو ان الشيخ رائد ليس معتقلا يهوديا حتى يتمتع بظروف تختلف، ولا شخص آخر بظروف اعتقال مشابهة”.
الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات
وحول ما يمكن عمله إزاء هذا التغول السلطوي الإسرائيلي، أضاف خطيب: “لا شك أن مساحة الحريات تضيق جدا في ظل وجود ليس فقط سياسيين يمينيين، بل هناك الان قضاء من اليمين واعلاميين من اليمين وكبار قادة المخابرات وضباط الجيش من اليمين، وبالتالي فكما قال أحد الصحفيين الإسرائيليين: ان المجتمع الاسرائيلي مصاب بحول نحو اليمين، وهذا ينعكس بالاعتقالات السياسية التي تطال الشيخ رائد ويراد محاكمة العقائد والنصوص الدينية”.
وبخصوص فعاليات قادمة للاحتجاج على اعتقال الشيخ رائد صلاح وملف الاعتقالات السياسية عموما، أعلن الشيخ كمال عن سلسلة فعاليات، أقرتها لجنة الحريات في اجتماعها الأخير وستعرض على لجنة المتابعة للمصادقة عليها ومنها: مهرجان شعبي تضامني كبير مع الشيخ رائد يوم الخميس الموافق 21/9/2017 في أم الفحم بالتنسيق مع اللجنة الشعبية، وسيتم ايضا توصية لتبني مهرجان صندلة احياء ذكرى مجزرة صندلة يوم السبت 23/9، والثلاثاء 26/9 سيكون هناك مهرجان استقبال للأسير محمد خلف من جت، وهناك مداولات لإمكانية اقامة صلاة جمعة امام السجن الذي يعتقل فيه الشيخ رائد هذا الأسبوع أو الاسبوع الذي يليه.
وفي تعقيبه على التمييز الصارخ بين العرب واليهود واعتراف النيابة باستهدافها العرب في ملفات وتهم ما يسمى “التحريض” قال النائب الدكتور يوسف جبارين، وهو ايضًا اخصائي حقوقي: “قرار المحكمة يؤكد طبيعة الملاحقة السياسية بملف الشيخ رائد، فقد اعترفت النيابة انه لا توجد سابقة قضائية بالسجن حتى انهاء الاجراءات بملفات مشابهة ضد متهمين يهود. والحقيقة هي ان لوائح الاتهام بتهمة التحريض لا تقدم تقريبًا ضد متهمين يهود رغم التصعيد الخطير في التصريحات التحريضية ضد الجماهير العربية وضد شعبنا الفلسطيني، بل وتم نشر دعوات واضحة بالقتل ضدنا من قبل مستوطنين وحاخامات. وفي الحالات القليلة جدًا التي تم فيها تقديم لائحة اتهام ضد متهمين يهود فالنيابة لم تطلب الابقاء على المتهمين بالسجن حتى انهاء الاجراءات، كما رأيناها تطلب بملف الشيخ رائد. وهكذا نرى انه حين تتعلق القضية بمتهم يهودي ويكون تحريضه ضدنا خطيرًا ومتطرفا تتذرع النيابة بحرية التعبير والحريات الدينية لكي لا تفتح بالتحقيق ضده، اما حين يتعلق الامر بالقيادة السياسية العربية مثل قضية الشيخ رائد فتعمل الشرطة والنيابة على تضخيم التصريحات واخراجها عن سياقها، من اجل الانتقام من هذه القيادة”.
النائب الدكتور يوسف جبارين
وأضاف جبارين: “التطور المؤسف الآن هو في قبول المحكمة ادعاءات النيابة، وبالتالي الرضوخ لحملة التحريض التي تشنّها الحكومة ضد القيادات السياسية العربية، وذلك على حساب حقوق وحريات اساسية وطبيعية، كان من الأجدر بالمحكمة أن تدافع عنها لا ان تسمح بالمس بها”.
وفي تعقيب للدكتور مهند مصطفى مدير البرامج الاكاديمية في مركز مدى الكرمل، صرح بأن “مسألة كون اعتقال الشيخ رائد صلاح ملاحقة سياسية هي مسالة لا تحتاج الى تفكير، وحتى اعتقالات الشيخ رائد السابقة كانت تحرص المؤسسة الإسرائيلية ان تعطيها ملبسا قضائيا ولو بطبقة رقيقة من الغطاء القضائي، ففي قضية خطبة وادي لجوز وهي ملاحقة سياسية بلا شك أجريت المحاكمات والشيخ رائد خارج السجن، اما في هذه القضية فحتى هذه الطبقة الرقيقة من الغطاء القضائي لم تعد موجودة، ولم تعد المؤسسة الإسرائيلية عندها الحرص حتى على ذلك، فهي تغير قوانين اللعبة السياسية مع الجماهير الفلسطينية.
الدكتور مهند مصطفى مدير البرامج الاكاديمية في مركز مدى الكرمل
ويتابع “قد اشرت الى ذلك عدة مرات في السنوات السابقة أن هنالك تغيير تدريجي في قوانين اللعبة في العلاقات بين الجماهير الفلسطينية وبين دولة إسرائيل، كما تمثل ذلك مثلا في حظر الحركة الإسلامية، رغم ان هذه القوانين لم تكن عادلة أصلا، والان هنالك تغيير لهذه القوانين وتسريع ايقاعها، فكان هنالك الاعتقالات الإدارية واعتقال الشيخ رائد، بشكل غير مسبوق في العقود الأخيرة، كل ما يحدث ليس جديدا في أن القضاء منسجم مع قرارات سياسية تهدف الى الملاحقة والتضييق على الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم سواء في مناطق الـ -48 اوالـ -67، ويفعل القضاء ذلك إما خوفا من المؤسسة الأمنية؟، او استشرافا، أو عنصرية، ويمكن ملاحظة ذلك في العديد من قرارات المحاكم وآخرها قرار الغاء مواطنة مواطن فحماوي. ويمكن القول ان المؤسسة الإسرائيلية تريد التضييق على الشيخ رائد في شتى الوسائل وتلجأ الى خطوة جبانة في الملف، ولو كان الملف قضائيا بالكامل لما تم تقديم لائحة اتهام أصلا ضد الشيخ رائد، أو على الأقل لما تم تمديد اعتقاله لنهاية الإجراءات القانونية، كما يستهدف الان أيضا من الدكتور سليمان اغبارية، وهي خطوات انتقامية بامتياز”.