كاتب إسرائيلي: هذه مشكلتنا الحقيقية.. وهذه هي النهاية
ضمن التقييمات السنوية التي يجريها المحللون الإسرائيليون لوضع المؤسسة الإسرائيلية بمناسبة “السنة العبرية الجديدة، قال الكاتب اليساري الإسرائيلي “جدعون ليفي”: “أخيرا وبعد تخفيض كل الأمراض؛ نكتشف أن المرض الأساسي، أساس كل الكوارث، هو فائض القوة لدى إسرائيل”.
وأضاف في مقال بصحيفة “هآرتس”: “لو لم تكن إسرائيل قوية جدا، لكانت أكثر عدلا. لو لم تكن قادرة على القيام بكل ما يخطر ببالها، لكان سلوكها أخلاقيا، ولكانت ستهتم وتراعي أكثر”.
ويفصّل الكاتب أكثر بالقول: “جزء كبير من الجرائم والأخطاء ينبع من ثملها بقوتها. جزء كبير مما تفعله ينبع من أنها ببساطة تستطيع. هي تستطيع أن تستخف بكل العالم، وأحيانا بالقانون الدولي، وأن تسيطر وتحكم شعب آخر بالقوة لأجيال، وأن تخرق سيادة جيرانها، وأن تتصرف وكأنها الواحدة والوحيدة وليس هناك سواها؛ فقط بفضل قوتها”.
ورأى الكاتب أن إسرائيل “مثل أي دولة تحتاج إلى القوة”، لأن “ضعفها ربما حقا كان سيؤدي إلى فنائها”، إلا أن فائض القوة أفسدها وتسبب لها بأضرار من نوع آخر”.
ويضيف: “القوة الزائدة التي راكمتها شكّلتها أكثر من أي شيء آخر. لو كانت أكثر ضعفا، لكانت ستسعى أكثر إلى أن تكون مقبولة في المنطقة. لو كانت أقل قوة، لكانت ستضطر إلى وضع حد لمرض الاحتلال”.
ويرى الكاتب أن إسرائيل اليوم هي “دولة إقليمية عظمى، تملي بدرجة كبيرة على أكبر دولة في العالم (الولايات المتحدة) سلوكها، وهي (أي الولايات المتحدة) التي تسعى دول كثيرة إلى أعتابها”، لكن إسرائيل “وفي ذات الوقت تعتبر دولة مجذومة في نظر كل صاحب ضمير”.
ويعود إلى القول إن إسرائيل أصبحت كذلك “بفضل مرض القوة الزائدة. لقد راكمته بالتدريج، والآن وصل إلى الذروة. وهي لم تكن في أي يوم قوية بهذه الدرجة. وليس صدفة أن صورتها الآن بالذات توجد في الدرك الأسفل في تاريخها، هذا هو ثمن فائض القوة”.
ولكن كيف حدث ذلك؟ يجيب الكاتب: “إسرائيل انتصرت على كل العالم؛ ليس فقط بواسطة الاحتلال الذي تواصله دون عائق رغم معارضة معظم العالم؛ ليس فقط بالحصار الفظيع الذي تفرضه على القطاع والهجمات الوحشية ضده، التي تشمل جرائم حرب لم تعاقب عليها في أي يوم؛ ليس فقط بالمستوطنات التي لا يعترف معظم العالم بشرعيتها، بل أيضا بسياستها الخارجية والأمنية التي تدل على الغطرسة”.
ويفصّل في هذا البعد الأخير بالقول: “قصف يومي في سوريا وفي دول أخرى، وطلعات معتادة في سماء لبنان وكأنه لا توجد حدود، تصفيات دولية وقحة وجنائية لا حدود لها، جرّ العالم إلى صراع ضد السلاح النووي الإيراني، حملة تجريم دولية مدهشة ضد “BDS”، عدم الانضمام للمواثيق دولية التي وقعت عليها كل الدول الديمقراطية، تجاهل لعدد لا يحصى من قرارات المؤسسات الدولية، محاولة التدخل في الشؤون الداخلية لجاراتها، التدخل في حروب ليست لها، وحتى محاولة إثارة الخلافات في الاتحاد الأوروبي وتقويض وحدته، نشاطات تآمرية ضد الرئيس الأمريكي السابق وإغلاق السفارة في أوروغواي، فقط لأنها اتخذت خطوة لم تعجب إسرائيل.. كل ذلك لأنها دولة عظمى”.
ويضيف: “يصعب التفكير بدولة أخرى غير الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، كانت ستتجرأ على التصرف بهذا الشكل، لكن إسرائيل تستطيع”.
وفي تقييم السنة الجديدة يقول: “في بداية العام 2019، فإن إسرائيل لا تقف أمام تحديات تهدد مكانة قوتها الزائدة. يبدو أنها تستطيع المواصلة كما هي؛ في مناطق الاحتلال، في الشرق الأوسط وفي كل العالم”.
لكنه ينتهي إلى الخلاصة الصادمة للإسرائيليين بالقول: “فقط وزير للتاريخ؛ سيصر على أن يذكّر في كل مرة أن هذه العروض لثمن القوة تنتهي بشكل عام بصورة سيئة.. سيئة جدا”.