أيها العربي تكلم بالعربية !!!
مقال مترجم للصحفي الإسرائيلي، تسفي بارئيل
على مدخل إحدى القرى العربية في الجليل الأسفل، وضع المجلس المحلي لافتة باللغة العبرية تذكر السائقين بوضع حزام الأمان. هذه اللافتة كتبت كلها باللغة العبرية، وكأن الذين يعرفون العبرية هم الوحيدون الذين يخرجون كل يوم من القرية إلى عملهم أو للدراسة. على باقي الطريق، في الشارع الصاخب الذي يخترق إحدى القرى العربية الكبيرة، محلات بيع الخضروات والفواكه وصالونات التجميل ووكالات السيارات والمطاعم، كلها لها لافتات باللغة العبرية، وعلامات غربية مثل “افروديت في القرية” و”مطعم أمريكا” و “اتراكسيا فاشين”، جميعها كتبت بالعبرية، وقليل منها أضيفت إليه كتابة بالعربية.
اللافتات الوحيدة التي تكتفي باللغة العربية هي التي يعلن فيها عن الأطباء أو المحامين، ذلك أنها غير مخصصة لليهود. اليهود بشكل عام لا يذهبون إلى عيادات الأطباء العرب أو المحامين العرب. كثيرون منهم أيضًا كانوا يفضلون الحصول على خدمات الأطباء اليهود، إلا أن هؤلاء آخذين في الاختفاء. لا يوجد معنى لتبذير المال على لافتات بالعبرية للزبائن اليهود القليلين.
ليست اللافتات والإعلانات فقط هي التي تشير إلى الناس باللغة العربية في أوساط الجمهور العربي، فمحادثات الشارع عند المواطنين العرب تذكر بمحادثات بين مهاجرين جدد مع متحدثين بالعبرية، غير أنه خلافًا للمهاجرين الجدد، فالعرب يتحدثون بعربية معبرنة حتى بين بعضهم بعضًا. من الصعب أن تجد في الخطاب العربي فقرة واحدة لا تقفز من العربية إلى العبرية وبالعكس. الفجوة العميقة التي تُظهر مستوى معرفة اللغة العربية هي إحدى حالات الفشل الكبرى لجهاز التعليم في الوسط العربي؛ فعندما لا يستطيع الطلاب العرب صياغة إجابة بالعربية السليمة، أو فهم الأدب البحثي المكتوب بالعربية، فإن مسألة مكانة اللغة العربية ـ أهي لغة رسمية أو أن لها “مكانة خاصة” ـ تصبح مسألة ثانوية.
كم هي عزيزة ومليئة بالتعاطف ادعاءات ليبراليين يهود، يصرخون ضد البند في قانون القومية الذي ينزل العربية من مكانتها كلغة رسمية، ولكن هذه ادعاءات يمكن طرحها ضد القانون، هل العرب أنفسهم يتعاملون مع لغتهم الأم كذريعة لتعلم القراءة والكتابة؟ ما هي جدوى رفع علم اللغة إذا كانت كل أمور كسب الرزق والأعمال التجارية والتعليم والإعلام تتم بالعبرية؟
إذا كانت مكانة اللغة العربية تشير إلى درجة المساواة للمواطنين العرب، أو على الأقل الاعتراف بهم كأقلية، فإن النضال من أجلها لا يمكن أن يكون احتكارًا على الليبراليين اليهود، الذين يجندون العربية من أجل نضال أوسع ضد الحكومة وسلوكها العنصري. هذا قبل كل شيء نضال العرب أنفسهم، وهو لا يمكنه الاكتفاء بوضع لافتات جديدة بالعربية بدل اللافتات بالعبرية، واستخدام كلمات عربية لمفاهيم مثل “مدرحوف” أو “كانيون” أو “بسيدر” أو “تسوميت” وما شابه. وفي نماذج بالعربية في المكاتب الحكومية.
مكانة اللغة العربية مرتبطة بشكل وثيق بمكانة العربي، والعربي الذي هو غير مستعد للنضال من أجل مكانة لغته في مجتمعه لا يستطيع أن يحتج على تدني لغته على المستوى الوطني. هكذا على سبيل المثال، حوالي (47) ألف طالب عربي تعلموا في السنة الماضية في مؤسسات أكاديمية في إسرائيل، أي نحو (15٪) من مجمل الطلاب. كم هو عدد الدورات التي يدمجون فيها قائمة المراجع بالعربية (باستثناء دورات تعليم العربية)، وكم هي الدورات التي يتم تعليمها بالعربية؟
كم عدد فروع البنوك التي لا تعمل في الوسط العربي، يعمل فيها موظفون يعرفون العربية؟ هل أحد من أعضاء الكنيست أو من زعماء الوسط العربي أو اتحاد الطلاب العرب أو الغرف التجارية العربية بادر إلى اضراب في الجامعات أو مقاطعة البنوك إلى حين يتعامل هؤلاء مع العربية كجزء لا يتجزأ من هويتهم العربية؟
إذا كانت هذه الهوية يبقيها الوسط العربي لمعالجة ليبراليين يهود، فعليهم أن لا يندهشوا من أنها تبدو بهذه الصورة.
هآرتس 25/7/2018