ورقة بحثية إسرائيلية: حماس وإسرائيل في مرحلة تعادل استراتيجي
قالت ورقة بحثية إسرائيلية إن “حماس وإسرائيل أنهتا جولة تصعيد جديدة أواخر الأسبوع بصيغة تعادل، في ظل ادعاء كل طرف أنه حقق ردعا أمام الطرف الآخر، رغم أنهما غير مقنعين حتى اللحظة، فحماس دفعت ثمنا باهظا من خلال استهداف مواقعها العسكرية في قطاع غزة، ولم تحقق بالكامل تهديد “القصف مقابل القصف”، وإسرائيل لم تقض نهائيا على ظاهرة الطائرة الورقية”.
ضبط النفس
وأضافت الورقة التي أعدها الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، أنه “في حين أن حماس لديها تقدير بأن إسرائيل مصابة بالردع من الذهاب لأي حرب واسعة معها، ما يشجعها على الاستمرار في التحرش بها، فإن هناك تقديرات داخل الحركة تقول إن ضبط النفس الإسرائيلي له حدود، ما يتطلب من الأخيرة صياغة إستراتيجية مبادرة تجاه حماس تغير التعادل القائم المستمر معها”.
وأوضح يادلين، الرئيس الحالي لمعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أنه “في حال لم تنجح هذه الإستراتيجية المقترحة القائمة على دمج الخيارات السياسية بالعمليات العسكرية، فلن يكون مناص من الذهاب لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة، هدفها الأدنى هو الإضرار بصورة قاسية جدا بحماس، خاصة بالذراع العسكري، لتحقيق ردع فعال بعيد المدى، وصولا لصيغة الهدنة الزمنية”.
وأكد يادلين، وهو أحد كبار جنرالات سلاح الجو الإسرائيلي، أنه “رغم اختلاف ميزان القوى القائم لصالح إسرائيل، لكن حماس نجحت بصورة نسبية في تحديها، وتحقيق ذلك التعادل الميداني، بعد أن وجدت في مسيرات العودة والبالونات الحارقة أداة فعالة، وعملت على تحويلهما إلى وسائل مركزية بمواجهة إسرائيل”.
وأضاف: “صحيح أن كلا الجانبين لا يريد حربا واسعة، وإسرائيل تكتفي بصيغة “الهدوء مقابل الهدوء”، وتجديد الردع الذي تحقق عقب حرب الجرف الصامد 2014، لكن حماس معنية بشكل أساسي بكسر الحصار المفروض على قطاع غزة”.
وأشار يادلين إلى أن “إسرائيل تواجه صعوبات جدية بوقف تلك الوسائل التي تستخدمها حماس في تحديها، رغم أنها لم تعرض حياة الإسرائيليين للخطر، لكنها تسبب إحراجا داخليا، وأضرارا اقتصادية ومعنوية، وتظهر الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لهذا التهديد، ما أظهرها بنظر حماس مردوعة عن الذهاب لحرب واسعة”.
إنجازات متبادلة
ورأت الدراسة أنه “رغم هذا التعادل القائم مع حماس، فقد حققت إسرائيل سلسلة إنجازات: فحدودها مع غزة لم يتم اقتحامها، ومستوطنوها لم تقع فيهم خسائر بشرية، ومخازن السلاح ومصانع الوسائل القتالية التابعة للحركة تم استهدافها بصورة كبيرة بضربات سلاح الجو”.
في المقابل، “فإن حماس خرجت بقناعة أنها حققت إنجازات أمام إسرائيل، فقد أعادت موضوع غزة إلى أجندة النقاش العالمي، وأضرت كثيرا بصورة إسرائيل في المجتمع الدولي، وهددت الشعور بالأمان لدى مستوطني غلاف غزة، وشكلت تحديا للسيادة الإسرائيلية على طول الحدود مع القطاع، وكل ذلك يتطلب من إسرائيل إعداد سياسة تجاه حماس: مبادرة وليس مستدرجة، تعمل على تغيير الأمر الواقع هناك”.
ورأت الدراسة أنه “بعد أن فشلت الصيغة التي أعلنتها إسرائيل عقب حرب 2014 المسماة “إعمار غزة مقابل نزع سلاح حماس”، يمكن اليوم اقتراح جملة خيارات أخرى، من بينها عقد هدنة مؤقتة مع الحركة تشمل معطيات تستطيع حماس وإسرائيل التعايش معها، تشمل وقف العمليات المسلحة الخارجة من غزة، واستعادة الإسرائيليين الأسرى لدى الحركة، وإعداد خطة لتحسين الوضع الإنساني في غزة”.
وختمت بالقول إنه “في حين لا تطالب الخطة المزمعة من حماس تفكيك ذراعها العسكري، لكنها تلتزم بوقف وتجميد تناميها التسليحي، عقب نجاح إسرائيل في إحباط قدرات الحركة العملياتية الأساسيتين: الأنفاق والقذائف الصاروخية، وفي حال لم تنجح هذه المبادرة التي تشمل إعادة السلطة الفلسطينية لغزة، فلن يكون هناك مناص من تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة”.