لوفيغارو: تواصل إسرائيلي روسي لإخراج إيران من جنوب سوريا
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن إسرائيل تمارس ضغوطا مع روسيا باتجاه سحب الإيرانيين لقواتهم من الجنوب السوري لصالح انتشار قوات النظام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن موسكو تفاوض، بضغط من إسرائيل، على انسحاب القوات الإيرانية من الجنوب السوري مقابل إعادة نشر الجيش النظامي. وعلى إثر إخراج قوات المعارضة من ضواحي دمشق وشمال حمص، يستعد نظام بشار الأسد لشن هجوم ضد محافظة درعا، الواقعة على الحدود الجنوبية المتاخمة للأردن.
واعتبرت أن هذا الهجوم رمزي للغاية، ذلك أن درعا تُعد مهد الثورة المناهضة للأسد وإحدى آخر المحافظات التي لازالت خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، إلى جانب محافظة إدلب الواقعة في الشمال الغربي السوري. وحسب دبلوماسي تابع للأمم المتحدة ومكلف بالملف السوري، فإن “خصوصية الجنوب تكمن أساسا في تكتل جميع الأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة في الصراع على أراضيه، على غرار إسرائيل والأردن وإيران وحزب الله وروسيا والولايات المتحدة”.
وذكرت الصحيفة أن هذه المنطقة تضم جبهتين؛ جبهة ناشطة تتكون من خصوم السلطة السورية وحلفائها، وأخرى أقل حماسا ولكنها في الحقيقة أشد خطورة، لأنه تنضوي تحت لوائها ميليشيات موالية لإيران، تتمركز على حدود هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل منذ سنة 1967.
وأوضحت أن التواجد الإيراني في هذه المنطقة يقض مضجع إسرائيل. فخلال الأشهر الأخيرة، ضاعفت إسرائيل من عدد هجماتها المستهدفة للمواقع الإيرانية في عمق سوريا ما أسفر عن مقتل عشرات الإيرانيين، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ عقود. وتهدد هذه التطورات باندلاع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران. وبعد أن سمحت للقوات الموالية لإيران بالتمركز على الحدود الشمالية لإسرائيل، بدأت روسيا باتخاذ خطوات جديدة.
وذكرت الصحيفة أن موسكو أقنعت طهران بإبعاد قواتها عن المواقع الجنوبية السورية، الواقعة على بعد 40 كيلومترا من حدود مرتفعات الجولان، شرق الطريق السيارة التي تربط درعا بدمشق، وذلك وفق ما تناقلته العديد من المصادر. ويوم الاثنين الماضي، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن “القوة العسكرية الوحيدة التي يجب أن يُسمح بتواجدها في الجنوب، بالقرب من الأردن وإسرائيل، هي الجيش الحكومي السوري. وإنه لمن المؤكد أن سحب جميع القوات غير السورية (الأجنبية) يجب أن يتم على أساس اتفاق متبادل”.
والتقى فلاديمير بوتين ببشار الأسد في سوتشي، يوم 17 أيار/ مايو، بعد أسبوع من استقباله لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي نهاية اللقاء، دعا بوتين إلى رحيل “القوات الأجنبية” من سوريا. وعلى إثر ذلك مباشرة، شدد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بأنه “لا أحد يستطيع إجبار إيران على فعل ما ينافي إرادتها”.
ونقلت الصحيفة عن هذا الدبلوماسي الأممي أن “إيران وحزب الله لا يستطيعان فعل أي شيء للتصدي لمختلف الضغوط الإقليمية والدولية، لذلك يجب عليهما مغادرة الجنوب”. وردا على ذلك، أورد أحد المعارضين السوريين أصيل جنوب سوريا أن “أولوية إيران وحزب الله تتمثل في عدم منح ترامب أي فرصة أو ذريعة، سواء بشأن الاتفاق النووي أو سوريا، لإضعاف موقفهما ثانية”. ويوم الثلاثاء، أكد لافروف أن عملية سحب القوات الأجنبية من الجنوب يجب أن تتم “في أسرع وقت ممكن”.
ويوم الخميس، من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، رفقة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية، بنظيره الروسي سيرغي شويغو في موسكو. ومن المتوقع أن تدور المحادثات بينهما حول جنوب سوريا و”الصفقة” التي أعلنت عنها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية. وبمقتضى هذه الصفقة، ستسمح إسرائيل لدمشق بنشر قواتها بالقرب من خط التماس الإسرائيلي-السوري، مقابل انسحاب القوات الموالية لإيران من الجنوب.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي في الأمم المتحدة قوله إنه “يجب أن يتم إعادة التأكيد على اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، التي وُقعت سنة 1974، والسماح للأمم المتحدة بإعادة مراقبيها الذين غادروا سوريا في بداية الصراع. ويبدو أن الإسرائيليين لا يشعرون بالأسف من استعادة الجيش السوري لسيطرته على الجنوب”.
وطيلة الفترة الممتدة بين سنة 1974 و2013، اعتبرت إسرائيل حدودها مع سوريا الأكثر أمانا مقارنة ببقية مناطقها الحدودية الأخرى. أما بالنسبة للأسد، وبحسب ما ذكره الدبلوماسي، “فإنه سعيد نوعا ما، وعلى الدولة أن تستعيد سيادتها في الجنوب”.
وأوضحت الصحيفة أن موسكو تأمل في تنظيم لقاء بين الولايات المتحدة والأردن “في أقرب وقت ممكن”. ويهدف هذا اللقاء إلى إعادة تفعيل اتفاق خفض التصعيد في الجنوب، الذي وقعته هذه البلدان الثلاث في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي. وفي مفاوضاتها مع روسيا، تسعى إسرائيل أيضا إلى نيل حق مواصلة ضرب الأهداف الإيرانية وأخرى تابعة لحزب الله (حتى تلك الواقعة خارج جنوب سوريا).
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لمعارض من درعا، يعد الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من جنوب سوريا “صفقة رابحة لكل من إسرائيل والأسد وروسيا. أما الأطراف الخاسرة، فهي المعارضة كما جرت العادة، التي سينقل عناصرها إلى إدلب. كما تمثل هذه الصفقة هزيمة بالنسبة لإيران وحزب الله، لكنهما سيجدان تبريرا مشرفا لانسحابهما، من خلال إثارة موضوع انتصارهما على تنظيم الدولة”.