مسلمو أراكان في بنغلادش.. آمال العودة ومخاوف تكرار المآسي
أدى الظلم الذي تعرض له مسلمو الروهنغيا في إقليم أراكان غربي ميانمار إلى تشريدهم من ديارهم، واللجوء إلى بنغلادش.
وبعد الفرار للنجاة بأرواحهم، يعيشون ما تبقى من حياتهم وسط بيئة شديدة الحرارة والرطوبة، في ظل انعدام الإمكانات الرئيسية في مخيمات أنشئت لهم في منطقة “كوكس بازار” المطلة على خليج البنغال، جنوب شرقي بنغلادش على حدود ميانمار.
والآن يتمنى مسلمو أراكان العودة إلى ديارهم وأرضهم، وسط مطالب بمنحهم ضمانات لعدم تكرار المآسي نفسها التي تعرضوا لها على يد جيش ميانمار، والمتطرفين البوذيين، إضافة إلى حق الجنسية.
ويسعى قاطنو تلك المخيمات إلى الاستمرار في العيش، من خلال المساعدات التي يتلقونها من تركيا ومفوضية شؤون اللاجئين، معلقين آمالهم على زوار المخيم من الأجانب، علهم يأتونهم بفرج وبحل لأزمتهم.
أما الأطفال الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان المخيمات هناك، ورغم أنهم ينظرون إلى الزوار الأجانب بنظرة خوف للوهلة الأولى، لكن القليل من المساعدات يكفي لرسم الابتسامة على وجوههم.
وفيما يتعلق بالتعليم، لا يزال الأطفال محرومين من حقهم هذا، رغم الأنشطة التعليمية المحدودة في بعض أقسام المخيمات.
الأمطار الموسمية تهدد الحياة في المنطقة
ومن أكثر المخاوف التي تقلق مسلمي أراكان في بنغلادش مؤخرا، الأمطار الموسمية في المنطقة.
يأتي هذا في الوقت الذي تنشئ المنظمات الإغاثية الناشطة هناك، بيوتا لإيواء اللاجئين الروهنغيا في مناطق أكثر أمنا، إضافة إلى استمرار أعمال حكومة بنغلادش، لتحقيق الهدف نفسه.
“رحمة الله” أحد مسلمي أراكان القاطنين في مخيم “كوتابالونغ ـ 3″، أكبر مخيمات المنطقة، يروي كيف طوق عناصر جيش ميانمار قريتهم ذات صباح عقب الأحداث التي اندلعت في 25 أغسطس / آب 2017.
وقال الروهنغي البالغ من العمر 50 عاما، إن جميع القرويين آنذاك باتوا ليلتهم في العراء، فيما تعرض بعضهم إلى التعذيب على يد جنود ميانمار، ليقرروا فيما بعد الهروب من قراهم وترك بيوتهم بعد أن وجدوها قد تحولت إلى رماد.
وعقب ترك قريته ومنزله، ولجوئه إلى بنغلادش مع أسرته سالكا طريق البحر على مدى 14 يوما، يرغب “رحمة الله” في العودة إلى مسقط رأسه، لكن ليس بموجب الاتفاقية التي وقعتها حكومتا ميانمار وبنغلادش.
وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2017، وقعت ميانمار وبنغلادش اتفاقا لإعادة اللاجئين الروهنغيا إلى بلادهم.
ويبرر “رحمة الله” رفضه هذا بقوله: “في حال عدنا إلى ديارنا بهذا الشكل، سنتعرض مرة أخرى للتعذيب والتشريد نفسه، لذا على ميانمار أن تمنحنا الجنسية قبل كل شيء، وإلا فلن نحصل على أي من حقوقنا هناك”.
أما المزارع “محمد” البالغ من العمر 70 عاما، والقاطن في المخيم نفسه ببنغلادش، فيوضح أن جنود ميانمار لم يحرقوا سوى أراضي ومنازل المسلمين، دون أن يمسوا ممتلكات سواهم من البوذيين بأي أذى.
ومنذ 25 أغسطس / آب الماضي، يتعرض الروهنغيا في إقليم أراكان غربي ميانمار لحملة جرائم جديدة من قبل جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فقد فر 688 ألفا من مسلمي أراكان إلى بنغلادش منذ بداية الحملة وحتى 27 يناير / كانون الثاني الماضي.
وجراء تلك الهجمات، قتل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص من الروهنغيا، بحسب منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية.
وتعتبر حكومة ميانمار الروهنغيا “مهاجرين غير شرعيين” من الجارة بنغلادش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم”.
(الأناضول)