فرقة الرّدّاحات المستأجرة

الشيخ رائد صلاح
قالت العرب: (ليست النائحة كالمستأجرة)، والفرق بينهما أنّ النائحة هي الموجوعة التي فقدت زوجا أو ابنا أو أخا، ولذلك يوم أن تنوح على فقيدها تكون صادقة ولا تمثل على أحد، أمّا المستأجرة فهي المرأة التي يدفع لها مال حتى تتحازن وتتباكى على فقيد لا يمت لها بأية صلة سوى أنه دُفع لها هذا المال حتى يقال هناك من تبكي على هذا الفقيد، حتى لو كان تمثيلا سمجا.
ولا تزال مهمة هذه المستأجرة مطلوبة في هذه الأيام، بل إن المطلوب في هذه الأيام ليست مستأجرة واحدة بل فرقة مستأجرات يُتقنّ فنّ التمثيل على الناس، وهنّ ما نسميهن بلهجتنا الفلسطينية (الرّدّاحات) اللواتي يملكن القدرة المذهلة على التحازن والتباكي على المصاب ولسن من أهله، بل يُدفع لهنّ المبالغ المالية بمليارات الدولارات، وبذلك هنّ فرقة ردّاحات مستأجرات.
والمطلوب منها ليس الردح على موت فلان تمثيلا مقززا، بل المطلوب من هذه الفرق، الرّدح على (حقوق الأقليات) يوم أن يُطلب منهن ذلك زورا وبهتانا، وفي الوقت نفسه السكوت وعدم الردح عندما تُنتهك حقوق الشعوب التي تمثل أكثرية أو أقلية، والمثال الصارخ الآن هو فرق الرّدّاحات المستأجرة التي ظهرت الآن، والتي قد تكون عناصرها من الرجال وليس من النساء فقط، والتي قد تُعطى مليارات الدولارات سنويا وتُعطى الحماية حتى تقيم قنوات فضائية بأسماء شتى، وحتى تقيم مواقع إعلامية بأسماء شتى، وحتى تقيم مراكز دراسات بأسماء شتى.
بشرط أن تردح على (حقوق الأقليات) أو (حقوق الإنسان) أو (الحقوق المدنية) يوم أن يُطلب منها أن تردح، وبشرط أن تسكت عن الردح على هذه الحقوق يوم أن يطلب منها ألا تردح حتى لو مضت سنوات طويلة على انتهاك هذه الحقوق وسال دمها بلا توقف!!
ومن أخس الأدوار التي تقوم بها (فرقة الرّدّاحات) هذه، هو الردح -كما طلب منها- على حقوق الأقليات بسوريا والادعاء الكاذب المتواصل عبر القنوات الفضائية التي تملكها فرقة الرّدّاحات هذه أو عبر مواقع إعلامها أو عبر مراكز دراساتها أن الأقليات بسوريا باتت مضطهدة بعد أن تحرر الشعب السوري كله من التسلط الأسدي الدموي.
وأنَّ هذه الأقليات في خطر وباتت تتعرض للأذى الى حد القتل من قبل حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يواصل بذل جهوده المضنية ليلا ونهارا بهدف السير بسوريا بكل أعراقها وطوائفها ومذاهبها الى برّ الأمن والأمان والسلم الأهلي والنهوض بسوريا الأم لجميع أبنائها كوطن واحد لهم، وكلهم سواسية فيها كأسنان المشط.
ولكن (فرقة الرّداحات) هذه لا تريد النجاح للرئيس السوري أحمد الشرع حتى لو وضع سوريا في مصاف الدول العظمى، لا لسبب إلا لأنه صاحب رؤية إسلامية، ويحمل مشروعا نهضويا حضاريا إسلاميا للشعب السوري كله، ولأن هدف (فرقة الرداحات) هذه -وهو هدفها الأساس- أن تفشل أية تجربة حية لأي مشروع إسلامي وخاصة في العالم العربي، وكأنها وصية على العالم العربي، فها هي اليوم تبذل قصارى مكرها وكيدها وحقدها بهدف إفشال حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع حتى لو احترقت سوريا!!
وأرى من المفيد أن ألفت الانتباه إلى هذه الملاحظات:
1. كشفت قناة الجزيرة عوار (فرقة الرداحات) هذه ونقلت قناة الجزيرة صورة الواقع عبر مراسليها كما هي في طرطوس واللاذقية والبانياس وقرداحة وجبلة، ولم تزيف ولم تتكتم عن أية معلومات، فكشفت عن عدد القتلى الذين اغتالهم فلول التسلط الأسدي البائد، وكشفت عن عدد القتلى الذين قامت أجهزة حكومة أحمد الشرع بقتلهم أو أسرهم، من فلول التسلط الأسدي المنهار، ولكن (فرقة الرداحات)لم يعجبها ذلك، بل راحت تدعي أن قتل عدد من فلول التسلط الأسدي البائد أو أسرهم هو انتهاك لحقوق العلويين في الساحل السوري وهذا يعني انتهاك حقوق الأقليات!!
ثمّ راحت تدّعي أن بعض العلويين قد قتلوا لأنهم علويون، وتجاهلت عن سبق إصرار دعوات الحكومة السورية المتكررة بضرورة الالتزام بتوجيهات الرئيس أحمد الشرع التي تدعو لإفشاء السلم الأهلي، وإعلان العفو العام وجمع السلاح بيد الدولة فقط، وعدم أخذ القانون ليد البعض، وعدم استباحة الثأر والانتقام من أي واحد مهما كانت جرائمه، فهنالك القانون والمحاكم والعدالة هي التي ستنظر في أمره، ثمّ أكدت الحكومة السورية أنها ستحاسب من خرق هذه الأصول كائنا من كان!!
ومن الطبيعي أنها قد تقع بعض الخروقات المرفوضة الاستثنائية، إلا أن (فرقة الرداحات) تحاول أن تضخم هذه الخروقات وكأنها نالت من الآلاف من العلويين لأنهم علويون، وهذا غير صحيح ومحض افتراء رخيص تفوح منه رائحة الدولار الأمريكي.
2. ها هي الحكومة السورية قد أعلنت عن إقامة لجنة لرصد المخالفات، وهي تؤكد بذلك رفض وقوع تجاوزات على أي مواطن سوري مهما كان عرقه أو طائفته أو مذهبه، وهي تؤكد بذلك أنها لن تتهاون مع من يقوم بهذه المخالفات، ولكن أبواق فرقة الرداحات لن تسكت وستواصل الردح المزيف والمفتعل على حقوق الأقليات حتى لو قامت الحكومة السورية بتوزيع الأزهار على فلول التسلط الأسدي المخلوع الذين يسعون الآن فسادا في سوريا.
فيقتلون، ويقيمون الكمائن، ويحرقون جثث القتلى، ويستخدمون بعض جماهير العلويين في الساحل السوري دروعا بشرية، ويقومون بتعطيل شبكات الكهرباء وشل الحياة وإشاعة الفوضى بتوجيهات من أسيادهم الإقليميين!!
بل باتوا يستخدمون كل العلويين بسوريا كرهائن لهم!! فهل تحول هؤلاء الفلول المارقون الذين لم يسلم منهم العلويون ولا غيرهم إلى أبطال في حسابات فرقة الرداحات المستأجرة؟!
3. ها هي الطائفة العلوية قد قالت كلمتها حيال الفتنة التي أيقظها فلول التسلط الأسدي الزاهق في الساحل السوري، وها هي هذه الطائفة قد أصدرت بيانها الذي يمثل فصل المقال في هذه الفتنة التي تقف من ورائها قوى إقليمية قد تكون عربية أو غربية، وقد يكون لإيران دور فيها.
وها هي الطائفة العلوية تدعو أبناء الطائفة إلى الالتفاف حول الحكومة السورية، وتفويت الفرصة على التدخل الخارجي الذي تتقدمه فرقة الرداحات المستأجرة، لا بل إن الطائفة العلوية دعت إلى محاسبة فلول التسلط الأسدي غير المأسوف على زواله، لأن طائفة العلويين هي جزء من نسيج الشعب السوري، وتريد لنفسها ولكل الشعب السوري الحياة المستقرة التي تتجاوز الحقبة الظلامية الأسدية التي خيمت على سوريا عشرات السنوات.
4. لعل فرقة الرداحات المستأجرة قد شاهدت عبر قناة الجزيرة بعض عناصر الأمن السوري، وقد نجحت بإلقاء القبض على لصوص هذه الفتنة في الساحل السوري، ونجحت باستعادة كل ما نهبه هؤلاء اللصوص من بيوت الطائفة العلوية وغيرها، ثم باتت تستعد هذه العناصر الأمنية لإعادة هذه المسروقات الى أصحابها، فهل هذا السلوك هو انتهاك لحقوق الأقليات يا فرقة الرداحات المستأجرة؟! أم هو تجسيد لسعي حكومة الرئيس أحمد الشرع لاحتضان الشعب السوري، كل الشعب السوري، بكل أعراقه وطوائفه ومذاهبه، ولذلك اعلموا يا فرقة الرداحات المستأجرة أنها لن تنطلي علينا أباطيلكم وشائعاتكم التافهة التي تقوم على قاعدة: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، ولتعلموا أن أبواقكم باتت مفضوحة، وأن اسطواناتكم باتت مشروخة، فصيحوا كما تشاؤون، ها هي سوريا تسير إلى الأمام.
5. لعل فرقة الرداحات المستأجرة قد شاهدت عبر قناة الجزيرة بعض عناصر الأمن السوري وقد دخلت الى قاعدة حميمين والتقت مع الأهالي الذين لجأوا الى هذه القاعدة بعد أن قامت فلول التسلط الأسدي الرذيل بإشعال الفتنة في الساحل السوري، حيث هدفت بالعودة إلى بيوتهم آمنين مطمئنين في كنف الحكومة السورية، فهل هذا السلوك هو انتهاك لحقوق الأقليات يا فرقة الرداحات المستأجرة، أم هو سلوك لا يفرحكم لأنه لا يتماشى مع سوداوية أمانيكم الساعية لإفشال مساعي الحكومة السورية ورئيسها أحمد الشرع حتى لا تستقر الأوضاع بسوريا، وحتى لا يتنفس الشعب السوري الصعداء، وحتى لا يقف على قدميه، ويواصل السير إلى الأمام، للسير بالأم سوريا نحو المجد والمعالي!!
نعم يا فرقة الرداحات المستأجرة أنتم لا تريدون لسوريا هذا النجاح، لأن من استأجركم سيعتبركم قد فشلتم في مهمة ردحكم، وسيستغني عن خدماتكم، وسيحجب عنكم دعمه الذي هو بالمليارات، وأنا اؤكد هذا الرقم (بالمليارات)، وإن كان البعض سيستغرب من هذا الرقم!! نعم هو دعم سنوي بالمليارات.
6. لأنّ الحكومة السورية تريد الخير لكل الشعب السوري، ها هي لا تستعجل اقتحام أية مدينة سوريا قد اختبأ فيها فلول من التسلط الأسدي المنصرم، بل ها هي تُصر على إجراء حوارات مع وجهاء كل مدينة لتسليم المطلوبين من هؤلاء الفلول إلى أجهزة الحكومة السورية، وها هو الشعب السوري يتمسك بأصالته في كل هذه المدن ويبادر إلى تسليم هؤلاء الفلول إلى أجهزة الحكومة السورية، وهكذا تحفظ دماء وأرواح كل الشعب السوري!! فهل هذا السلوك الحكيم الحليم هو انتهاك لحقوق الأقليات بسوريا يا فرقة الرداحات المستأجرة، أم هو بشائر الخير التي تؤكد أن سوريا بدأت بعهد جديد يزينه القسط والعدل وإماتة الجور والظلم، وهو ما لا يفرحكم يا فرقة الرداحات المستأجرة.
7. يا فرقة الرداحات المستأجرة، أنتم تحاولون عبثا، فها هي وزارة الدفاع السورية تؤكد أن الساحل السوري تحت السيطرة، وأنها استعادت الأمن، وأعادت الحياة الى طبيعتها، وأنها ستواصل مطاردة فلول التسلط الأسدي الهالك، حتى لو دخل كل واحد منهم جحر ضب، فستطارده يد العدالة كائنا من كان، والخير القادم أوفر من الخير القائم، والأيام دول، ووعد الله تعالى حق، ومبشرات رسول الله صلى الله عليه وسلم يقين، فانتظروا إنّا منتظرون، وإنّ غدا لناظره لقريب.