أخبار وتقاريرمحلياتومضات

كيف نفهم الموقف الأمريكي (4)

الشيخ رائد صلاح

متابعة للمقالات الثلاث السابقة التي كانت بعنوان (كيف نفهم الموقف الأمريكي)، ها أنا ذا أواصل كتابة سلسلة هذه الحلقات، وأظن أن من سيقرأ هذه المقالات سيدرك أن أمريكا ليست منحازة إلى المؤسسة الإسرائيلية ولا تكيل بمكيالين بل هي تعتبر أنَّ بقاء واستمرار المؤسسة الإسرائيلية هو مشروعها، ولذلك فهي منحازة إلى مشروعها أصلا، وهي تكيل بمكيال واحد فقط وهو مواصلة دعم المؤسسة الإسرائيلية بكل وسائل الدعم على اعتبار أن دوام تفوق المؤسسة الإسرائيلية هو مشروعها، وهي التي أقامته قبل أن تقيمه الحركة الصهيونية منذ (موشي هس) و (هرتسل) فصاعدا، وذلك من خلال الجهود التي بذلتها الصهيونية المسيحية في أوربا منذ القرن الثامن عشر ثمَّ لما انتقلت هذه النزعة الصهيونية المسيحية إلى أمريكا، واصلت أمريكا بذل جهودها لرعاية هذا المشروع الذي أسسه أجدادها من الصهيونية المسيحية في أوروبا، وقد كتبت ثلاث عشرة فقرة في المقالات الثلاث السابقة وها أنا ذا أواصل ما أراه متمما لتلك الفقرات:

14- من يحتاج إلى الآخر أمريكا أم المؤسسة الإسرائيلية؟!:

جوابا على هذا السؤال، يقول سايزر في ص 21 من كتابه (الصهيونيون المسيحيون على الطريق إلى هرمجدرن): “أمة واحدة فقط، وهي إسرائيل، تقف حاجزا بين الاعتداءات الإرهابية والتدهور الكامل للولايات المتحدة كقوة ديمقراطية عالمية. إذا سقطت إسرائيل لن تستطيع الولايات المتحدة فيما بعد أن تبقى ديمقراطية..”. ثمَّ يقول سايزر ص 122 من كتابه: (مع أن الصهيونيين المسيحيين ملتزمون بشكل عام بتأييد إسرائيل، إلا أن هناك علاقة وثيقة خاصة بين إسرائيل وأميركا. يقدّم جيري فولويل تفسيرا بسيطا لهذه العلاقة، إذ يقول إن الله كان كريما مع أميركا لأن أميركا كانت كريمة مع اليهود..).

15- إسقاط عقيدة الصهيونية المسيحية على السياسة الأمريكية: تفصيلا لعنوان هذه الفقرات، يقول سايزر ص23 من كتابه: (.. ولدى بعض هذه المنظمات برنامج سياسي واضح مثل منظمة “جسور للسلام” و “السفارة المسيحية الدولية في القدس” التي تتمتع أيضا بمركز دبلوماسي في العديد من دول أميركا الوسطى… وهما تمارسان الضغط على حكومة الولايات المتحدة لتستمر في تمويل برنامج إسرائيل التوسعي). ثمَّ يقول سايزر ص25 من كتابه: (… فإن تحالف الوحدة الوطنية من أجل إسرائيل الذي يضم 200 منظمة يهودية ومسيحية صهيونية متنوعة، بما فيها السفارة المسيحية الدولية وأصدقاء إسرائيل المسيحيون وجسور من أجل السلام، يدّعي بأن له قاعدة دعم تضم 40 مليونا من الأعضاء الناشطين. تشكل هذه المنظمات تحالفا واسعا يساهم في صياغة ورسم البرنامج الصهيوني المسيحي، والسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط في الوقت الراهن).

والذي يثير الانتباه أن ضغوط الصهيونية المسيحية على صُناع القرار في أمريكا كانت قبل 60 عاما من الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، وحول ذلك يقول سايزر ص43 من كتابه: (في آذار/ مارس 1891 مارس بلاكستون الضغط على رئيس الولايات المتحدة بنجامين هاريسون ووزير خارجيته جيمس بلين وقدم لهما عريضة وقعها 413 من القادة اليهود والمسيحيين البارزين بما فيهم جون ووليم روكفلر، طالبت تلك العريضة بعقد مؤتمر دولي حول عودة اليهود إلى فلسطين… ثمَّ أصبح القاضي لويس برانديز الذي كان أول قاض يهودي في المحكمة العليا الأميركية والذي قاد الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة منذ عام 1914، أصبح صديقا وثيقا لبلاكستون وبعد ذلك عملا سويا لمدة عشرين سنة لإقناع الشعب الأميركي وخاصة الرؤساء المتلاحقين، على دعم البرنامج الصهيوني). ثمَّ بدأ رؤساء أميركا يجاهرون مفتخرين بدعمهم المطلق للمؤسسة الإسرائيلية بعد أن أصبحوا مشبعين بعقيدة الصهيونية المسيحية، وحول ذلك يقول سايزر ص 48: (وفي عام 1978 أقرّ جيمي كارتر بأن معتقداته الخاصة الموالية للصهيونية قد أثَّرت على سياسته الشرق أوسطية… وأن تأسيس أمة إسرائيل هو تحقيق لنبوات الكتاب المقدس وجوهرها).

ثمَّ يقول سايزر ص 49 من كتابه: (إنَّ انتخاب رونالد ريغان لم يأت بالإدارة الأكثر ولاء لإسرائيل في التاريخ فحسب، لكنه أعطى عدة صهيونيين مسيحيين وظائف سياسية بارزة أيضا. فبالإضافة إلى الرئيس، فإن لائحة الأشخاص المؤيدين للاهوت ما قبل ألمُك الألفي المستقبلي وللصهيونية المسيحية كانت تشمل المدّعي العام “إيدميس” ووزير الدفاع “كاسبر وإينبرغر” ووزير الداخلية “جيمس وات”… وفي محادثة شخصية نُشرت في “واشنطن بوست” بعد سنتين في نيسان/ أبريل 1984 شرح ريغان بالتفصيل قناعاته الشخصية لتوم داين أحد أفراد مجموعات الضغط الذين يعملون مع اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة: “عندما أقرأ أسفار الأنبياء في العهد القديم والعلامات التي تنبئ عن اقتراب معركة هرمجدون، أتساءل عمّا إذا كنا نحن في هذا الجيل سنرى تحقيق هذه النبوءات. ولا أدري إذا كنت قد اطّلعت على هذه النبوءات في المدة الأخيرة، لكنها بكل تأكيد تصف الأزمنة التي نعيشها الآن).

ثمَّ يقول سايزر ص50 :(حقق ثلاثة قادة مسيحيين بشكل خاص، والذين أعطاهم ريغان المجال ليتحدثوا في البيت الأبيض، إنجازا كبيرا يفوق من سبقهم في الأربعين سنة الماضية للتأكد من بقاء السياسة الخارجية الأمريكية موالية للصهيونية، وهم جيري فالويل، وبات روبرتسون، وهانك ليندسي).

ولأن جيري فالويل كان صاحب إنجازات كبيرة في هذا المضمار ففي (عام 1979، وهو نفس العام الذي أسس فيه فولويل جمعية “الغالبية الأخلاقية” أعطت الحكومة الإسرائيلية فولويل طائرة نفّاثة لتساعده في طلب المناصرة لإسرائيل. وبعد عام أي في عام 1980 أصبح فولويل أول أممي يمنح ميدالية Vladimir zeev jabot insky للجودة والبراعة الصهيونية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن)- سايزر.

ثم يقول سايزر ص 108: (يمكننا أن نقيس قوة اللوبي الموالي لإسرائيل، والذي يضمن حصول إسرائيل على أكثر من ثلاثة بلايين دولار سنويا على شكل هبات، وقروض وإعانات أميركية). (ويُتهم اللوبي الموالي لإسرائيل بتدخله في اختيار، وتعيين، وطرد موظفي الحكومة الأميركية)- سايزر.

وعلى سبيل المثال وبسبب ضغوط هذا اللوبي فقد (… منح بيل كلنتون في آخر يوم له في السلطة، عفوا- أثار جدلا كبيرا- لمارك ريتش، البليونير الهارب والموجود اسمه على لائحة مكتب التحقيقات الفدرالي (الأشخاص الأكثر ملاحقة)- سايزر. ثمَّ يقول سايزر ص 117 من كتابه: ( ومنذ عام 1948 أرسلت السفارة المسيحية الدولية ممثلا عنها واسمه ريتشارد هيلمان ليشهد أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في واشنطن ويحث الولايات المتحدة على نقل سفارتها من تل – أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة كعاصمة لإسرائيل.. وفيما بعد أصدر عضو مجلس الشيوخ الأميركي قرارا تقرر بموجبه إعادة بناء السفارة الأمريكية في القدس بحلول 31 أيار/ مايو 1999، وأعطى تفويضا بمائة مليون دولار للإنفاق الأولي). يتبع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى