اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.. صفقة بين بايدن وترامب
الإعلامي أحمد حازم
الموفد الأمريكي عاموس هوكشتاين الذي يتنقل منذ فترة مثل ابن بطوطة بين تل أبيب وبيروت وواشنطن للتوصل الى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ليس جديدًا على لبنان، بل يعرفه اللبنانيون منذ عدة سنوات. فهو الذي تمكن بوساطته من التوصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، حيث وقّع البلدان على الاتفاقية في السابع والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 2022 وكانت هي المرة الأولى التي ينخرط فيها البلدان في عملية ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية. وقتها، رحَّب الرئيس الأميركي جو بايدن بالتوصل إلى الاتفاق الذي وصفه بـ “التاريخي”.
عاموس الذي نجح في مهمته السابقة مع لبنان، نجح مجددا في وساطته بين لبنان وإسرائيل أو بالأحرى بين حزب الله وإسرائيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ووساطته تعطي هذه المرة بعدًا قويًا، خصوصا وأنها تكليف من رئيسين حالي وقادم.
هوكشتاين ذكر بصريح العبارة أنّ تكليفه بالوساطة مجددا بين لبنان وإسرائيل لم يكن فقط من الرئيس الأمريكي جو بايدن، بل أيضا من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طلب منه استكمال وساطته بين بيروت وتل أبيب، الأمر الذي يعطي مهمته دفعة قوية من إدارتين: الحالية التي تقترب من وداع البيت الأبيض والخروج منه، والقادمة التي تحضر نفسها لدخول البيت الأبيض لأربع سنوات. لهذا اكتسبت زيارته أهمّية استثنائية.
ويبدو واضحًا أنّ التركيز المكثف من الإدارة الأمريكية على لبنان والإصرار على التوصل لاتفاق لوقف النار بين الجارين (العدوّين) يعكس رغبة بايدن في انهاء مرحلته بـِ (إنجاز شيء) في المنطقة يستطيع حزبه الحزب الديمقراطي التفاخر به في الانتخابات القادمة، وتكون نهاية ولاية بايدن على طريقة “وختامها مسك”. لكن ما هو سر هذا التركيز على إسرائيل ولبنان من قبل الإدارة الأمريكية وإصرارها على التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار بين البلدين. يقال “إذا عُرف السبب بطُل العجب”. والسبب في التركيز على وقف الحرب بين إسرائيل ولبنان يعود (وحسب المعلومات المتوفرة) الى أن صفقة تمت بين الرئيس الأمريكي الحالي بايدن، وبين الرئيس المنتخب ترامب، مفادها أن يعطي ترامب لبايدن الفضل في وقف إطلاق النار في لبنان، مقابل أن يرد بايدن الجميل لترامب بالعمل على منع ملاحقته قضائيًا في التهم الموجهة اليه، بما لا يعطل عملية تسلمه السلطة ودخول البيت الأبيض.
هكذا يقال والعلم عند الله. والأمر المهم الآخر في هذا السياق، أن بايدن تعهد لنتنياهو برفع الحظر عن شحنات الأسلحة التي كانت محظورة حتى الآن، في حال تم التوصل إلى اتفاق مع لبنان.
الاتفاق تمّ بصورة رسمية. المعروف أن نتنياهو استطاع بحنكته أو بالأصح بمراوغاته البقاء على كرسي رئاسة الحكومة فترة تجاوزت بكثير فترة سابقه مؤسس الدولة بن غوريون، وقد يحتفل بالرقم عشرين على توليه رئاسة هذه الحكومة، التي يعود الفضل في بقائها لليمينيّين المتطرفين، “بن غفير وسموتريتش”. وهذا ألـ نتنياهو لا يمكن له أن يقدم على عمل أو اتفاق بدون أن يكون له أهدافه، وهذا ينطبق أيضًا على الاتفاق المبرم بين إسرائيل ولبنان. فما هي الأسباب التي دفعت نتنياهو لقبول الاتفاق؟
في المؤتمر الصحافي الذي عقده لاطلاع الجمهور على الاتفاق، تحدث نتنياهو عن ثلاثة أهداف رئيسية: أولها: “التركيز على التهديد الإيراني”، الذي يعتبره التهديد الرئيسي لإسرائيل. وثانيها، “إعادة تنشيط القوات والتغلب على القيود المفروضة على توريد الأسلحة إلى إسرائيل”، والهدف الثالث، “فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان” وعزل حركة حماس. لكن وقف إطلاق النار لا يعني وقف الاشتباكات أو وقف الحرب، وهذا ما ورد في أقوال نتنياهو إذ قال: “إن وقف إطلاق النار ومدته يعتمد على ما يحدث في لبنان”. بمعنى أن الجيش الإسرائيلي سيهاجم لبنان كلما تمّ الادّعاء بحصول انتهاك للاتفاق، وقال أكثر من ذلك: “نحن نحتفظ بحرية العمل العسكري بالكامل، إذا قام حزب الله بتسليح نفسه سنهاجم، وإذا بنى بنية تحتية بالقرب من الحدود سنهاجم”.
لكن موقع “واينت” تحدث عكس ذلك، إذ قال نقلًا عن مسؤول إسرائيلي إن السبب الأول هو “أننا نريد أن نمنع بقدر الإمكان إمكانية مصادقة مجلس الأمن الدولي على قرار لوقف إطلاق النار في الشمال وكذلك في الجنوب” أي في قطاع غزة. تناقض كبير في القولين. فأيهما الصادق وأيهما الكاذب؟
ولكن هل يعتبر الاتفاق بين الجانبين هو فعلًا اتفاق لإنهاء الحرب؟ الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان) قالت نقلًا عن سياسي إسرائيلي مسؤول قوله “إنّ اتفاق وقف إطلاق النار ليس إنهاء للحرب، وإنما هو اتفاق وقف إطلاق نار سيتم اختباره يوميا وهذا الاتفاق قد يستمر يومين، ومن الجائز أن يستمر سنتين”.
الاتفاق يعني بصورة واضحة “قصقصة” جوانح حزب الله وتحجيمه وجعله حزبًا بدون سلاح.