سخرية إسرائيلية من القدرة على حكم غزة وتوسيع العدوان في لبنان
تتزايد المواقف الإسرائيلية الرافضة للسياسة الرسمية التي تسعى لتوسيع أهداف العدوان في غزة ولبنان، واتهام من يحلمون من الساسة الإسرائيليين بالسيطرة حتى نهر الليطاني في جنوب لبنان، وإقامة حكومة عسكرية واستيطان في قطاع غزة بأنهم “إنما يعيشون في عالم موازٍ”.
الجنرال الإسرائيلي يديديا يعاري رئيس أنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة سابقًا، والقائد الأسبق لسلاح البحرية، أكد أن “هجوم أكتوبر 2023 كشف أننا غير مستعدين لمواجهة سيناريو عسكري متعدد الجوانب، صحيح أن الجيش عاد إلى رشده بعد الكارثة، وسعى للقضاء عسكريا على حماس في الجنوب، وحزب الله في الشمال، لكن القناعة السائدة بين الإسرائيليين أنه لن يكون هناك نصر ما دام لدينا مختطفون في غزة، بل إنه من الممكن بالتأكيد إعلان الهزيمة بالفعل”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أنه “بعد عام من اليوم لم يستطع المحور الإيراني الاستمرار كما كان قبل أكتوبر، لكن وضع إسرائيل في العالم أسوأ مما كان عليه في أي وقت مضى، ما يجعل من الميل إلى ضرورة تحديد الإنجاز العسكري، لمعرفة أي نقطة وصلنا إليها، على اعتبار أن البقاء في غزة وجنوب لبنان، وبعد كل هذه الأعداد من القتلى والجرحى والنازحين الإسرائيليين، أمر مجرب من قبل، وليس ذو فائدة”.
وأوضح أن “تجربة الماضي المؤلم في غزة ولبنان تتحدث عن نفسها، فقد غادرنا لبنان بعد 18 عامًا من احتلاله في ستة أيام، وأصبح الدفاع عن الجيوب الاستيطانية، والمناطق العازلة أثقل، مما يعطي دروسًا لأولئك الحالمين بالسيطرة على هذه المنطقة الحدودية العازلة حتى نهر الليطاني، وإقامة الحكم العسكري والاستيطان في غزة، وحماية المستوطنين في الضفة الغربية، وفي نفس الوقت تعزيز القوات في هضبة الجولان وغور الأردن، وهي الجبهات المقبلة المتوقعة”.
وأكد أن “كل من يدعو لهذه الأحلام من الإسرائيليين إنما يعيشون في عالم موازٍ، وهو ما لن يحدث، لأنه لن ينضم أي لبناني إلى الجانب الإسرائيلي، كما كان سابقًا في السبعينيات والثمانينيات، ولن يجرؤ أي فلسطيني على التعاون مع الحكومة الإسرائيلية، كما حصل في تجارب روابط القرى، كل شيء سيقع مرة أخرى على عاتق قوات الاحتياط، ولا تملك الدولة القدرة على تحمل مثل هذا العبء”.
وأشار إلى أنه “في المقابل، فإن التغيير الجذري في ميزان القوى العسكري يشكل فرصة لترتيبات مستقرة، أو على الأقل متطورة، فقطاع غزة مدمر بالكامل، وسيستغرق الأمر سنوات عديدة بالنسبة لإعادة الإعمار، وهناك آليات ستسمح بإحباط التنظيم العسكري المتجدد لحماس، أو أي طفرة أخرى تحاول بناء مثل هذه القدرة، وفوق كل شيء، فقد تعلمنا درس السابع من أكتوبر بدماء عشرات الآلاف، ولم يبق في لبنان من يلقي خطبًا عن “بيت العنكبوت”، والدمار في الجنوب وبيروت سيؤدي لمزيد من تذمر اللبنانيين، كما أن قبضة حزب الله على البلاد بدأت تضعف، وهذه معطيات تجعل الأرض مهيأة لترتيبات سياسية جديدة”.
وختم بالقول إنه “لا يوجد أمام الاسرائيليين خيار آخر، فالفلسطينيون واللبنانيون لن يذهبوا إلى أي مكان في العالم، ولا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، وسنحتاج للأمريكيين بجانبنا، وسيكون لهذا أيضًا ثمنه، وهو السير على طريق الدولتين لشعبين، سواء مع ترامب أو هاريس، ما يعني أن الحرب على هذه الجبهات المباشرة يجب أن تنتهي، وبطريقة تمكننا من إعادة جميع المختطفين، من أجل إعادة إعمار المستوطنات الشمالية والجنوبية، وإذا لم تكن الدولة قد أعلنت بعد عن كيفية القيام بذلك، فاللحظة قادمة الآن، وهذا ضروري”.
مطالبة ليست لها أهمية
رئيس الموساد السابق تامير باردو أكد من جهته أن “مطالبة الحكومة الإسرائيلية بإقامة “منطقة أمنية” حتى نهر الليطاني ليس لها أي أهمية طالما أن حزب الله، لديه القدرة على إعادة تكثيف الحرب، رغم مزاعم أن أمن المستوطنين يعتمد على عدم تواجد الحزب جنوبها، وليس هناك خطأ أكبر من هذا، فالحزب يشير بالفعل إلى طبيعة الحرب المقبلة، ومنذ بداية العملية البرية، نقل الحرب إلى منطقة “أقل عمقا”، من خط نهاريا إلى خط حيفا، وأدى إطلاق النار المكثف بمختلف الوسائل إلى تحويل هذه المساحة إلى ساحة حرب”.
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، أنه “علينا أن نأخذ في الاعتبار أن اختيار الحل الذي يوفر الأمن الجزئي من خلال غارة برية على خط التماس، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود، قد يأتي على حساب تحويل ثلث إسرائيل إلى منطقة حرب، لأنه قبل السابع من أكتوبر كان يُنظر لتهديد الحزب على أنه فقط تهديد بإطلاق النار، وقد أعطى الجيش والحكومة الانطباع بأنه في غياب الأنفاق العابرة للحدود، فلن تكون لديهما القدرة على نقل الحرب في الشمال، رغم تحذيرات السياسيين والمهنيين من أحداث الدمار الشديد، بما في ذلك البنية التحتية الاستراتيجية في جميع أنحاء الدولة”.
وأشار إلى أن “هجوم السابع من أكتوبر أظهر خطر الاجتياح البري، حيث تحول اليوم، وبحق، إلى كابوس، وكان من المفهوم تمامًا أن إخراج قوة الرضوان من الحدود الشمالية أمر ضروري، وشرط لأي اتفاق مستقبلي، ولكن لسبب غير مفهوم، كان يُنظر إلى نهر الليطاني على أنه حدود أمنية، وهو المنطق الذي كان صحيحًا قبل أكثر من عقد من الزمن عندما كانت قوة الحزب النارية أدنى من القوة الحالية، ودون أي قدرة على المناورة، لكنه اليوم بات وهمًا حقيقيًا، لأن الكيلومترات القليلة لا تشكل هامش أمان كافيا لمستوطني الشمال، لا من حيث استخدام القوة النارية، ولا من حيث المناورة البرية السريعة”.
وأوضح أن “إطلاق النار “على مقربة من الأرض” في هذه الحرب جعلها منطقة حرب مشروعة، ولذلك فإن تصور الحكومة لن يغير جذريًا رؤيتنا بشأن التسوية المطلوبة، لأننا سنجد أنفسنا نستبدل كريات شمونه وحنيتا وشلومي في صفد وكفر مسريك وكريات بياليك، ما سيجعل من وقف الحرب في جبهة الجنوب مع غزة مبررا لإعطاء شرعية للمطالب الإسرائيلية في السياق اللبناني، وسيزيد من احتمال تعبئة القوى ودول المنطقة المعنية بتنفيذها”.