ذراع إسرائيل الطويلة وسلاح الاغتيالات
الإعلامي احمد حازم
قليلون جدا الذين يعرفون أسماء القادة الأمنيين والسياسيين الكبار في حزب الله باستثناء حسن نصر الله ونائبه نعيم القاسم، الذي لا يزال حيا، ولكن إلى متى؟ لا أحد يعرف نتيجة تطورات الحرب في الآونة الاخيرة. لكن في الأيام الأخيرة تعرفنا على أسماء قيادات كبيرة امنية وسياسية لم نسمع بها من قبل، وذلك بعد قتلهم في الجنوب وبيروت بعمليات للجيش الإسرائيلي.
ولم تتوقف عمليات الجيش الإسرائيلي على ملاحقة قادة في حزب الله فقط، بل طالت أيضا قادة فلسطينيين، فقد اغتالت إسرائيل في الثلاثين من الشهر الماضي، قائد حركة حماس في لبنان وعضو قيادتها في الخارج، فتح شريف “أبو الأمين” وكذلك ثلاثة من قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: محمد عبد العال عضو المكتب السياسي ومسؤول الدائرة العسكرية والأمنية، وعماد عودة عضو الدائرة العسكرية للجبهة وقائدها العسكري في لبنان، بالإضافة إلى عبد الرحمن عبد العال.
العمليات الإسرائيلية لم تنته بمقتل حسن نصر الله، بالعكس تكثفت في محاولة لاصطياد عدد اكبر من قيادات الحزب أو بكلام أصح لضربه عسكريا، وهذا ما ورد في اشتراط نتنياهو لوقف النار الذي اشترط انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني الذي يفصل بين إسرائيل والجنوب ونزع سلاح حزب الله.
ما يفعله نتنياهو يذكرني بلعبة الورق الشعبية “باصرة” حيث توزع أوراق اللعب على اللاعبين ومن يملك ورقة “الولد” يستطيع “قش” كل الأوراق، وهذا ما ينطبق على نتنياهو حاليا. ففي لعبة الحرب وزع عملياته على أربع جبهات: في الشمال مع حزب الله، وفي الجنوب مع حماس، وفي شمال الضفة الغربية، وأيضا في اليمن خارج الحدود. وفي هذه اللعبة، كانت ورقة الولد بيده وتمكن من “قش” كل الأوراق، لا سيما على جبهة حزب الله حيث بدأت قيادات هذا الحزب تتساقط واحدا تلو الآخر نتيجة الاختراقات الأمنية والتي تسببتها خيانات مسؤولين في الحزب.
نتنياهو كان قد أدلى بأولى تعليقاته العلنية بعد أن قتلت غارة جوية إسرائيلية حسن نصرالله، متحدثا من مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب: “من يأتي لقتلك، يجب أن تقتله مسبقًا ولا يوجد مكان في إيران أو الشرق الأوسط لن تصل إليه الذراع الطويلة لإسرائيل، واليوم تعرفون بالفعل مدى صحة هذا”.
واضح أنّ كلام نتنياهو هو تهديد لدول المنطقة لكثرة استخدامه صياغة “اذراع الطويلة لإسرائيل”، وهو الذي قال مخاطبا الإسرائيليين ليسمع جيرانهم ومن حولهم: “العمل لم يكتمل بعد. وفي الأيام المقبلة، سنواجه تحديات كبيرة، وسنواجهها معا”. ولم ينس نتنياهو أسلوب مدح الذات إذ قال: “إن الشرق الأوسط كله اكتشف (الأوتار الفولاذية) لإسرائيل وليس حزب الله وحده هو الذي اكتشف ذلك”.
في شهر يونيو عام 2022 نشرت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، مقابلة مع رئيس وزراء إسرائيل وقتها، نفتالي بينيت، قال فيها إن بلاده بدأت بتطبيق “مبدأ استهداف رأس الأخطبوط بدلا من المخالب وأنشأنا معادلة جديدة من خلال استهداف المنبع”. وكان بينيت قد افهم العالم قبل ذلك علانية أن إسرائيل لا تعترف بالاتفاقيات. فقد ذكر بينيت، في مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست” في أواخر شهر يناير عام 2022 أن “الاستراتيجية الإسرائيلية لا تعتمد على ما إذا كان هناك اتفاق أم لا وسوف نحمي أنفسنا بأنفسنا وحتى لو كان هناك اتفاق فإننا لسنا ملزمين به، وسنحافظ على حريتنا في التصرف”.
هذا الكلام في منتهى الوضوح ويعتمده نتنياهو في سياساته، ولا غرابة قي ذلك، فالاثنان ينتميان لنفس اليمين المتطرف، والاثنان من الراغبين في الحرب والتهجير. ولم تعد عقيدة “ضرب رأس الأخطبوط” التي تحدّث عنها نفتالي بينيت مجرّد نظرية سياسية، بل يتمّ تطبيقها في ظل الاختراقات والخيانات.
واخيرا… بعد الضربة الموجعة لحزب الله، يرى محللون أنّ “إيران تلقت ضربات موجعة بسبب عدم قدرتها على الردّ بفعالية على الضربات الإسرائيلية لأصولها في سوريا ولبنان، وهو ما يشير إلى أنّ تأثيرها بدأ يتآكل، بما يجعلها هدفًا أكثر هشاشة لعملية عسكرية إسرائيلية مباشرة”.