ما يحدث في المنطقة جزء من مخطط الصهيونية.. راجعوا التاريخ
الإعلامي أحمد حازم
كافة الأحداث التي نشهدها الآن في المنطقة وما سبقها من أحداث وما سنشهده مستقبلا، هي من ضمن عدة أهداف صهيونية للتحقيق، ومن بينها احتلال فلسطين وجعلها وطنا قوميا لليهود، إضافة إلى أهداف أخرى تتعلق بالسيطرة الجغرافية والسياسية والاقتصادية، ليس على المنطقة فحسب، بل الهيمنة على العالم أجمع فكريا واقتصاديا وإعلاميا.
الحاخام بيني إيلون الذي ترأس حزب “موليدت اليميني”، وشغل منصب وزير سياحة، نشر في العام 2003، وثيقة بعنوان “المخطط الإقليمي للسلام في أعقاب الحرب على العراق: فرصة تاريخية لحل إقليمي للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”، وتقع الوثيقة في 17 صفحة وهي بمثابة مشروع صهيوني متكامل وصريح. ومن يقرأ تفاصيل هذا المخطط يتبين له أن هذه الوثيقة هي للسيطرة على فلسطين بأسرها، وإقامة دولة صرف يهودية بعد ترحيل السكان الفلسطينيين الأصليين، سواء المقيمين في داخل إسرائيل أو في المناطق المحتلة عام 67. ويقول إيلون في مقدّمة المخطط إنَّ الحرب على العراق وفّرت الفرصة لتحقيق المشروع الصهيوني، مما يدل على ضلوع الحركة الصهيونية في شنّ الحرب على العراق، للانطلاق نحو تصفية القضية الفلسطينية. في الثاني عشر من شهر أيار/ مايو عام 1952 ألقى الحاخام الأكبر إيمانويل رابينوفيتش، خطابًا سريًا أمام المؤتمر الاستثنائي للجنة الطوارئ لحاخامي أوروبا جاء فيه: “تحية لكم يا أبنائي، يجب أن أبلغكم أن الهدف الذي لا زلنا نعمل من أجله منذ ثلاثة آلاف عام قد أصبح في متناول يدنا الآن، وأستطيع أن أؤكد لكم الآن أنه لن تمر أعوام قليلة حتى يسترد شعبنا المكان الأول الذي هو حقه الطبيعي المغتصب منذ أجيال طويلة، فتعود بعد ذلك الأمور إلى طبيعتها ويصبح كل يهودي سيدًا وكل غوييم (غير يهودي) عبدًا”.
ما قاله الحاخام يعكس عنصرية الصهيونية وأطماعها في السيطرة والهيمنة. الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت على حق في القرار رقم 3379 الذي أصدرته حول العنصرية الصهيونية في العام 1975 في عهد الأمين العام السابق للأمم المتحدة النمساوي كورت فالدهايم، والذي أكدت فيه مساواة الصهيونية بالعنصرية بالإضافة إلى قرارات سابقة أصدرتها المنظمة عام 1963.
إسرائيل أدركت خطورة هذا القرار وظلت تعمل جاهدة على إلغائه، حتى تمكنت من ذلك بموجب القرار 46/86 الصادر بتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول 1991 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث جاء قرار الإلغاء في سطر واحد ونصّ على الآتي: “تُقرّر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379”. الأمر المخزي اللافت للنظر أنّ دولًا عربية لم تصوّت ضد إلغاء قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية وامتنعت عن التصويت أبرزها مصر. وفي ظل انشغال العرب في خلافاتهم وفي عملية التطبيع ذهبت إسرائيل باتجاه مسار تكريسها كدولة عنصرية ذات طابع ديني، إذ جرى التصويت باعتبارها دولة يهودية وليس دولة مواطنة وهو ما كان يعني تكريس العنصرية في مواجهة فلسطينيي الداخل.
ويبدو أنّ الأمم المتحدة رضخت لضغط إسرائيلي لأن إلغاء القرار كان شرطًا من شروط إسرائيل من أجل أن تشارك في مؤتمر مدريد للسلام. الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، لم يسلم من معاقبة إسرائيل له حيث حاولت منع ترشّحه للرئاسة في بلاده ثم تعرّضه للمقاطعة من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الغرب أثناء رئاسته لبلده (1986- 1992) بحجة أنه عمل في الجيش الألماني “النازي” أثناء الحرب العالمية الثانية رغم أنّ لجنة مؤرّخين دولية برّأته من ذلك عام 1988.
ما قاله الحاخام إيمانويل رابينوفيتش يؤكده أيضا الباحث تحسين حلبي في كتابه “المخططات الصهيونية في القرن 21” الذي يتناول منشأ الصهيونية وطبيعتها، وجوهرها ومؤسساتها وأهدافها في الوطن العربي والعالم. ويرى الحلبى، أنّ المشروع الصهيوني لم يحقق أهدافه الكاملة حتى الآن، برغم مرور أكثر من مائة سنة على الإعلان عنه.
هذا الأمر يبدو جليا في مخططات حكماء بني صهيون، وفي المؤلفات التي ظهرت حديثًا عن الحركة الماسونية (أحد المفاصل الصهيونية) وتغلغلها في أجزاء من العالم. وكان الدكتور عبد الوهاب المسيري أكثر الباحثين العرب بتسليط الضوء من خلال موسوعته المميزة والتي تقع في عدة أجزاء، على العالم الخفي للصهيونية العالمية وخططها التوسعية منذ قرون وعلاقة ذلك بالحركة الماسونية.
ويرى محللون أنّ رغبة إسرائيل في إقامة علاقات كاملة مع الدول العربية ليس هدفها التطبيع فقط، بل هو في الواقع جزء من مخطط الصهيونية كخطوة استراتيجية أولى في سبيل الهيمنة الصهيونية العالمية وسيطرتها على مفاصل تلك الدول واختراق مجتمعاتها تحت شعار السلام والعيش المشترك وحوار الأديان، وأن “الجزء الظاهر من الخطة الاستراتيجية بدأ يتحقق من خلال التطبيع”.