كيف أرهقت حرب غزة وتصعيد لبنان سوق الإسكان الإسرائيلي؟
قرابة 70 ألف إسرائيلي نزحوا من شمال البلاد إلى الوسط، خلال الشهور الماضية حتى عشية اتساع نطاق الصراع بين تل أبيب وحزب الله اللبناني، على ذمة الكنيست الإسرائيلي.
وبينما تشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الرقم يتجاوز 120 ألفاً، إلا أن النتيجة تظهر تزايد الضغط على سوق الإسكان الإسرائيلي، بسبب ارتفاع حدة الطلب خاصة في مدن الوسط.
ويقدر مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست عدد الأشخاص الذين تم إخلاؤهم من مستوطنات الحدود الشمالية بنحو 70 ألف شخص حتى أغسطس/ آب الماضي.
ويستفيد الأشخاص الذين تم إخلاؤهم من معونات الإسكان الحكومية التي بدأت قبل بضعة أشهر، والتي تبلغ 200 شيكل (53 دولاراً) في اليوم للشخص البالغ و100 شيكل (26.5 دولارا) في اليوم للطفل.
وبالتالي تتلقى الأسرة المكونة من خمسة أفراد معونات شهرية تبلغ حوالي 20 ألف شيكل (5300 دولار)، وهو مبلغ أذكى الزيادات الحادة على أسعار بيع المساكن أو تأجيرها، خارج المستوطنات الحدودية مع لبنان.
ويقدر الكنيست أن الزيادة وصلت في بعض المدن 20 بالمئة للإيجارات، بينما زادت أسعار المساكن بنسبة وصلت إلى 15 بالمئة خلال العام الجاري.
حزب الله
وارتفعت حالات انتقال السكان للعيش مؤقتا أو بشكل دائم من مستوطنات الشمال على الحدود مع لبنان إلى مدن الوسط بصدارة القدس وتل أبيب.
وأدى هذا الانتقال إلى إعادة هيكلة مناطق التركز السكاني داخل إسرائيل مؤقتا على الأقل، دفع إلى تراجع معروض الشقق الفارغة والمتاحة إما للبيع أو للإيجار.
ومع الدعم الذي تقدمه الحكومة للسكان النازحين من الشمال، فإن هؤلاء غير مبالين بمقدار الارتفاع على أسعار المساكن، وهو ما أدى إلى ظهور حالات استغلال من المؤجرين أو المطورين العقاريين، وفق الكنيست.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكد، الإثنين الماضي، أن الهدف من التصعيد الإسرائيلي ضد الجنوب اللبناني يهدف إلى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، بعد ارتفاع وتيرة النازحين، وزيادة الكلفة على وزارة المالية الإسرائيلية.
ومنذ صباح الاثنين الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي هجوما هو “الأعنف والأوسع والأكثر كثافة” على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومنذ “حرب تموز” عام 2006؛ ما أسفر عن 558 قتيلا بينهم 50 طفلا و94 امرأة، و1835 جريحًا و27 ألف نازح، وفق أحدث بيانات السلطات اللبنانية.
في المقابل، يستمر انطلاق صفارات الإنذار شمال البلاد قرب الحدود مع لبنان، إثر إطلاق “حزب الله” مئات الصواريخ على مواقع عسكرية ومستوطنات.
ومنذ 8 أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وخلّفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
المستوطنات المحاذية لغزة
ومنذ أحداث 7 أكتوبر، ما تزال المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في معظمها مناطق عسكرية مغلقة، فيما يستقر غالبية المستوطنين في فنادق وشقق في إيلات (جنوب على البحر الأحمر) وفي بعض مدن الوسط.
ويتجاوز عدد النازحين من المستوطنات المحاذية لغزة حاجز 130 ألف مستوطن، وهؤلاء يحصلون إما على إعانات من الحكومة الإسرائيلية، لدفع مقابل السكن، أو أن الحكومة هي من تدفع للمؤجرين، خاصة الفنادق.
وفي وقت كان الإسرائيليون في الشهور الأولى للحرب، يستأجرون منازل تتضمن غرفاً محصنة، إلا أن زيادة الضغط على العقار جعلهم يغضون الطرف عن هذه الميزة المتوفرة في غالبية الشقق داخل إسرائيل.
العمالة الفلسطينية
وإلى جانب النزوح من الشمال والجنوب وأثره على أسعار المساكن والإيجارات، فإن غياب أكثر من 90 ألف عامل فلسطيني في قطاع البناء منذ 7 أكتوبر، أذكى المخاطر من نشوب أزمة نقص عقارات.
وتشير تقديرات لاتحاد المقاولين في إسرائيل، أن سوق العقارات قبل الحرب كان يعاني نقصا بـ 40 ألف عامل، بينما يعاني اليوم نقصاً بـ 130 ألف عامل، بسبب غياب العمالة الفلسطينية.
ولم تنجح محاولات الحكومة الإسرائيلية في جلب عمالة أجنبية من الهند والفلبين وبعض دول جنوب شرق آسيا، بسبب ارتفاع كلفة العامل، وعوامل أخرى لوجستية وفق ما أورده موقع غلوبس المختص بالاقتصاد الإسرائيلي.