تنديد عربي ودولي بالعدوان الإسرائيلي على لبنان
يعيش لبنان على وقع تطورات متسارعة بعد سلسلة غارات عنيفة ومكثفة شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين، على مناطق واسعة في جنوب لبنان، طاولت معظم البلدات الحدودية، خلفت 100 شهيد على الأقل وأكثر من 400 جريح، بينهم أطفال ونساء ومسعفون، وفق حصيلة أولية أعلنت عنها وزارة الصحة اللبنانية.
وتوعد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي بـ”ضرب أي طرف يهدد” الإسرائيليين، معتبراً أن العملية العسكرية المستمرة ضد حزب الله اللبناني تشكل “رسالة إلى أعداء البلاد في المنطقة وخارجها”.
وقال هليفي، في تصريح مصور، إنّ “هذه العملية ضد الهرمية القيادية في حزب الله هي رسالة واضحة إلى حزب الله، ولكنها أيضاً رسالة إلى الشرق الأوسط وخارجه: سنضرب أي طرف يهدد مواطني دولة إسرائيل”.
ورحّب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء، اليوم الاثنين، بما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشأن مخاوفه من تحويل جنوب لبنان إلى غزة ثانية، ودعوته إلى إنهاء الحرب.
وقال ميقاتي: “هذا الموقف يجب أن يكون حافزاً للجميع ولا سيما لدول القرار للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها وتطبيق القرار الدولي رقم 2735 الصادر عن مجلس الأمن وحلّ القضية الفلسطينية على قاعدة اعتماد حل الدولتين والسلام العادل والشامل”.
وأضاف “العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان حرب إبادة بكل ما للكلمة من معنى ومخطط تدميري يهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية والقضاء على كل المساحات الخضراء”.
وأدان وزيرا خارجية مصر ولبنان العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأراضي اللبنانية، واستمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ودعوا إلى أهمية احترام سيادة وسلامة لبنان، في ظل التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. وفي بيان مشترك بمناسبة لقاء الوزيرين على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن “المساس بأمن لبنان هو مساس بأمن المنطقة”. فيما أشاد نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب بـ”موقف مصر الداعم لبلاده في مواجهة العدوان والتهديدات الإسرائيلية بالاجتياح البري”.
واتفق الوزيران على ضرورة “وقف العدوان الإسرائيلي المستمر، واضطلاع الدول الفاعلة بدورها، والحيلولة دون توسع المواجهات، وتحولها إلى صراع إقليمي واسع النطاق”. وشددا على أهمية “تحرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتنفيذ قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، وإصدار قرار ملزم لإسرائيل من مجلس الأمن لوقف عدوانها على كل من الأراضي الفلسطينية واللبنانية بشكل فوري”.
كذلك شدد الوزيران على ضرورة “امتثال إسرائيل لالتزاماتها وفق القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات ذات الصلة، لا سيما اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، بما يوفر للمدنيين الحماية التي تكفلها المواثيق الدولية من تبعات العدوان الذي تشنه إسرائيل”. كما أشارا إلى أنه “لا سبيل لحل الأزمة الحالية في الشرق الأوسط سوى بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار، ووقف العدوان على قطاع غزة ولبنان، واللجوء إلى السبل السلمية لوقف التصعيد، وحل المسائل العالقة بين إسرائيل ولبنان عبر تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، بما يؤمن عودة النازحين إلى قراهم، واستئناف مسار العملية السياسية الخاص بحل الدولتين، وإنشاء الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، تظهر بوضوح مساعي إسرائيل لنشر الحرب في المنطقة، وذلك في كلمة ألقاها، مساء الأحد، خلال حفل عشاء نظمته “اللجنة التوجيهية الوطنية التركية الأميركية” (TASC) بولاية نيويورك التي يزورها، بغية المشاركة في اجتماعات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
بدوره، أصدر المرجع الديني الأعلى في النجف جنوبي العراق، آية الله علي السيستاني، اليوم الاثنين، بياناً أعلن فيه تضامنه مع المقاومين اللبنانيين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتنديده بجرائمه الوحشية بحق المدنيين. وذكر في بيان: “تعبّر المرجعية الدينية العليا عن تضامنها مع أعزتها اللبنانيين الكرام ومواساتها لهم في معاناتهم الكبيرة، رافعة أكفّ الضراعة إلى الله العلي القدير أن يرعاهم ويحميهم ويدفع عنهم شر الأشرار وكيد الفجّار، وأن يشمل شهداءهم الأبرار بالرحمة والرضوان ويمنّ على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل”.
في السياق العراقي ذاته طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الحكومة بـ “تقليل التمثيل الدبلوماسي الأميركي في العراق”، رداً على الجرائم الإسرائيلية الأخيرة في لبنان والتي اتهم فيها واشنطن بدعم الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلن الكرملين اليوم أنه قلق للغاية من التصعيد العسكري بعد شن الاحتلال الإسرائيلي أعنف غارات على لبنان منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحافيين إن “الوضع يتدهور كل يوم سريعاً. التوتر يتصاعد وكذلك عدم القدرة على معرفة مسار الأمور. هذا يشعرنا بقلق شديد”.