الولايات المتحدة ماضيها وحاضرها دموي.. راعية حرب وليس راعية سلام
الإعلامي أحمد حازم
منذ كنّا صغارا ونحن نسمع بحرب أميركا على فيتنام والتي بدأتها في منتصف خمسينيات القرن الماضي واستمرت سنوات كثيرة وبالتحديد حتى منتصف السبعينيات. لكن هذه الحرب القذرة التي أودت بحياة مليوني مدني ومليون عسكري فيتنامي لم تكن الأولى من نوعها، فالولايات المتحدة لها تاريخ حافل بالقتل والدمار والحروب. ورغم أن عمر الولايات المتحدة حوالي (250) سنة فقط، إلا أنها قضت 93% من عمرها، بما يعني (222) سنة في حروب على الدول الأخرى واحتلالها لدول في كافة أنحاء العالم. أكثر من (90) حربا وعدوانا، قامت بها أميركا منذ أول عدوان لها على نيكاراغوا عام 1833حتى هذه الأيام، منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
من يراجع تاريخ هذه الدولة الأمريكية الشمالية يتبين له انها لا يمكن أن تكون دولة ذات مصداقية ولا يمكن أن تكون نزيهة. وهي في حقيقة الأمر تتستر بالنزاهة وتستخدم سياسة الخبث، وأكبر مثال هو موقفها من القضية الفلسطينية ومن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
قد يستغرب البعض لماذا لا أستخدم صياغة (الصراع العربي الإسرائيلي) والجواب بكل بساطة أن أنظمة العالم العربي بشكل عام مشغولة الآن في كيفية التطبيع مع إسرائيل ووضعت الصراع جانبا، مع اعترافي بوجود دول عربية قليلة جدا لا تفكر بالتطبيع -على الأقل حاليا- كما يبدو من سلوكياتها.
لم يمر عليّ في حياتي المهنية دولة كاذبة خادعة منافقة مثل الولايات المتحدة الامريكية. ولو وجد مقياس للكذب لكانت الولايات المتحدة صاحبة الرقم الأول في العالم. اسمعوا الحكاية: لن نتحدث عن الماضي، بل عن الحاضر وبالتحديد عن الملف الفلسطيني. في الثّالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1974، وقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بزيّه العسكري وكوفيّة بيضاء وسوداء، على منصة الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة وألقى خطابا افتتحه بالقول: “جئتكم يا سيادة الرئيس وبندقيّة الثّائر في يدي، وفي يدي الأخرى غصن الزّيتون، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي، لا تُسقطوا الغصن الأخضر من يدي، لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”. فلا البندقية بقيت، ولا غصن الزيتون نفع، والذي حصل فيما بعد، توكيل الولايات المتحدة برعاية عملية السلام والتي أصبحت في حقيقة الامر كذبة كبيرة تتستر وراءها الولايات المتحدة لتمارس عملية تخدير للشعوب العربية.
يومًا بعدَ يومٍ -وكما يقول أحد المحللين- تتكشَّف المزيد من الحقائق المخفية وتتأكَّد معها حقيقة مؤتمرات السَّلام وخطَّة خريطة الطَّريق وصولًا إلى ما يُسمَّى حلَّ الدّولتَيْنِ، وهذا الحل ليس سوى مجرد ملهاةً للعرب والفلسطينيِّين؛ لكسب الوقت. ولو كانت الولايات المتحدة جادة فعلا بهذا الحل، فلماذا استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي في الثامن عشر من شهر ابريل الماضي لحرمان فلسطين من العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، في حين أيّد قرار العضوية 12 عضوًا في المجلس من اصل 15.
استخدام الوليات المتحدة حق الفيتو، هو برهان على كذبها بموضوع حل الدولتين وباعتقادي هناك سبب آخر: “من الناحية الإجرائية، فإن حصول فلسطين على العضوية الدائمة في الأمم المتحدة، يعني الاعتراف الدولي بوجودها كيانًا مستقلًا كامل السيادة على أراضيه، كما يمكّنها من الاندماج داخل المجتمع الدولي، ويفتح لها بابًا أمام فرص متنوعة، من بينها القدرة على التأثير دوليًا. ولا يمثل هذا الاعتراف شكلًا رمزيًا فحسب، بل يحمل وزنًا في الأوساط الدبلوماسية، وبإمكانه منح دولة فلسطين الحقوق والمسؤوليات التي تأتي مع العضوية في المجتمع الدولي”.
الولايات المتحدة تستخدم منذ فترة طويلة حق النقض “الفيتو” بمجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرارات ينظر إليها على أنها تنتقد إسرائيل أو تحقق في ارتكابها جرائم إبادة في غزة. فكيف يمكن أن تكون الولايات المتحدة نزيهة وراعية سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل التي تلقت من أميركا خلال حرب غزة آلاف الأطنان من القنابل والذخائر المختلفة الأنواع والاحجام والقوة، والتي تسببت لغاية الآن في مقتل وجرح ما لا يقل عن 100 ألف غزي؟
ولا ننسى أيضا أنَّ الولايات المتحدة وقّعت على مذكرة تفاهم مدّتها 10 سنوات تغطي الفترة من أول أكتوبر 2018 إلى 30 سبتمبر 2028 تتضمن توفير مساعدات عسكرية بإجمالي 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات بينها 33 مليار دولار لشراء معدات عسكرية و5 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.
تاريخ أميركا إجرامي، وهو تاريخ عار على البشرية. فكيف يمكن ان تكون هكذا دولة راعية سلام؟