عبد الرازق متاني في مؤتمر دولي بجامعة كامبرج: تنوع العمائر الإسلامية في القرن السابع للهجرة في بلادنا يعكس المكانة الخاصة التي حظيت بها أرض فلسطين
شارك الدكتور عبد الرازق متاني، أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية في المؤتمر الدولي حول “مخطوطات القرن السابع الهجري: الطب والعلوم الرياضية والطبيعية وتاريخ العلوم والفلسفة”، والذي انعقد في جامعة كامبرج البريطانية بين (10-12/9/2024) وبالشراكة مع دار المخطوطات ووقف السلطان احمد ومراكز بحثية أخرى.
اهتم المؤتمر في دراسة وبحث العلوم والرياضيات في العالم الإسلامي في القرن السابع للهجرة، وما لهذه الفترة من اثار ثقافية وعلمية وانعكاسات على العلوم التطبيقية في شتى المجالات.
شارك في المؤتمر، نخبة من الباحثين في علم المخطوطات والتاريخ والحضارة الإسلامية، إلى مختصين في العلوم الطبيعية والرياضيات. وقد تميز المؤتمر بغزارة العطاء والنقاشات الاكاديمية الجادة بين المختصين التي عكست رقي الحضارة الإسلامية وبينت اسهاماتها في دفع عجلة المدنية والعلوم وأثرها في كافة مناحي الحياة والتي ما زلنا نعيش ثمارها الى يومنا هذا.
وفي هذا السياق، شدد العديد من الباحثين على قيمة العلم في الحضارة الإسلامية، واتصال العلوم الطبيعية في الفكر الإسلامي الذي جعل من الانسان مكرمًا، وأن هذه العلوم جاءت لتحقق سمو الانسان وارتقائه وتحفظ له كرامته بخلاف النظرات الوضعية والمادية للعلوم التي جعلت من العلوم الطبيعية والمادية أدوات لتطوير هيمنتها وسيطرتها على الشعوب والانسان.
أمّا ورقة الدكتور متاني، فحملت عنوان “تطور العمائر الدينية في فلسطين في القرن السابع الهجري (13م)”، والتي كانت فترة هامة وعصيبة في تاريخ فلسطين والمنطقة وتزامنت مع بدايات هزيمة الفرنجة في ارض فلسطين وتحرير القدس على يد صلاح الدين الايوبي ومن ثم الحملات الصليبية الأخرى، ومساعي الفرنجة المتتالية لاسترداد القدس حتى طرد آخرهم من عكا عام 1290م وكذلك صد التتار في معركة غزة، ومن بعدها عين جالوت (1260م).
تحدث متاني عن انعكاس هذه الأحداث العظام على العمارة والعمران في فلسطين والقدس، وفند في ورقته العديد من النظريات الاستشراقية حول هذه الفترة، والتي حاولت الحط من التاريخ والحضارة الإسلامية.
وبين متاني، أن فلسطين شهدت حركة من العمران والتعمير في هذه الفترة، بدءا من العهد الأيوبي على يد صلاح الدين ومن تبعه من السلاطين والأمراء، والتي استمرت وازدهرت بعد الاستقرار السياسي في الفترة المملوكية على اثر دحر التتار في عين جالوت وطرد أواخر الفرنجة من أرض فلسطين.
وأضاف أن حركة العمران هذه استمرت لتشمل كافة نواحي الحياة الثقافية والعلمية والاقتصادية، وعكست المكانة الخاصة لأرض فلسطين، والتي كانت منارة للعلم بما حوته من مؤسسات علمية كالمدارس (توازي الجامعات والكليات في عصرنا) بالإضافة إلى البيمارستانات (المستشفيات) ومؤسسات رائدة أخرى تم إنشاؤها مثل الأسواق، وتجديد شبكة المواصلات، وبناء الخانات، ومعالم عديدة متنوعة والتي اتصلت غالبا بالعمائر الدينية والأوقاف، وجعلت من أرض فلسطين حاضنة للعلم والعلماء.
في تعقيب د. عبد الرازق متاني على مشاركته المؤتمر، أشار في حديث معه، إلى أن “مثل هذه المؤتمرات هامة جدا لتلاقي وتلاقح العقول، فهي منصات أكاديمية يلتقي بها الباحثون واهل الاختصاص لخدمة العلم؛ والأجمل أن حضور مختصين رائدين في هذا المجال وفي مثل هذا المحفل الاكاديمي العالمي، يساهم في إنصاف الحضارة الإسلامية، والرد على الشبهات التي تثار من قبل مختصين مهنيين رغم محاولات التشويه العديدة لهذه الحضارة”. في ختام حديثه، أكد د. متاني على “ضرورة الاستثمار في البحث العلمي الجاد، وخصوصا العلوم، كعلم الآثار والعمارة، لما له من مكانة ومساهمة في هذا المجال، والذي يمكن من خلاله أن نسد الثغرات في اكتتاب تاريخنا الإسلامي”.