من وسائل الثواب
في وقفتنا التربوية هذه نتناول أمرا تربويا مهما جد نقتبسه من سنة الحبيب صلواته وسلامه عليه ألا وهو بيان بعض وسائل الثواب والتشجيع والتحفيز التي فعلها النبي ﷺ.
فقد فَطَرَ الله الإنسان على حبِّ المثوبة، كما فطره -أيضًا- على بُغض العقاب، فإنه يرهبه وينفر منه. والمتتبع للسنة النبوية يجد فيها أسلوب الثواب حاضرا لمن يستحق الثواب والتكريم والتحفيز.
وسائل الثواب السنة النبوية
ومن أساليب الثواب التي يُمكن أن تستنبط منَ السنة النبوية ما يلي:
الإثابة والتكريم بالقُبلة
تُعَدُّ القُبلة للطفل الصغير أسلوبًا مهمًّا من أساليب الإثابة؛ وذلك لأنَّ للقُبلة دورًا فعَّالًا في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته، كما أن لها دورًا كبيرًا في تسكين ثَوَرانه وغضبه، بالإضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير، وهي دليلُ رحمة القلب والفؤاد بهذا الطفل الناشئ، وهي برهان على تواضُع الكبير للصغير، ولا يختص هذا الأسلوب من الثواب بالصغار فقد يكون بين الزوجين وقد يكون من الابن لوالديه يقبل رأسيهما وهكذا.
ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم كان يقبل الحَسن بن علي، فقال الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: إنَّ لي عَشَرةً مِن الوَلَدِ، ما قبَّلتُ منهم أحَدًا. فقال رسولُ اللهِ ﷺ: “من لا يرحم، لا يرحَم”.
وفي حديث عائشة لما مدحت النبي ﷺ قالت فقام إلي وقبل بين عينيّ وقال: “جزاك الله يا عائشة عنى خيرا ما سررت مني كسروري منك”.
الإثابة بالمدح والثناء
المدح والثناء مما يدخِل السرور على قلْب الكبير والصغير، ويشعره بأهمية هذا العمل الذي مُدِح من أجْله، ويدفعه إلى تَكراره والاستكثار منه؛ وفي السنة النبوية ما يدلُّ على أهمية المدح والثناء، كوسيلةٍ من وسائل الإثابة والتشجيع على طَلَب العلم؛ من ذلك ما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سأل رسول الله ﷺ: من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال ﷺ: “لقد ظننتُ ألاَّ يسألني أحدٌ عن هذا الحديث أول منك؛ لما علمتُ من حرصك على الحديث.
وفي قصة أبي بن كعب لما قال له رسول الله ﷺ: “أتدري أيَّ آيةٍ في كتابِ اللَّهِ معكَ أعظَمَ؟ قال: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فضرب بيدِهِ في صدرِهِ وقال: لِيَهنِكَ العِلمَ أبا المِنذِرِ.
الإثابة بالمكافأة المادية
فهذا أيضا مما يدخل السرور على النفس، ويحفزها على العطاء ومضاعفة الجهد ومما ورد في هذا قوله ﷺ: “من قتل قتيلا فله سلبه “وكذلك ورد في قصة سلمة بن الأكوع لما أبلى بلاء حسنا في مطاردة المشركين الذين أغاروا علَى إبلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وقتلَوا راعيَها فخرجَ سلمة مع أناس يطردُهم حتى استنقذ الإبل وغنم غيرها قال: فأعطاني رسول الله ﷺ: “سَهمَ الفارسِ والرَّاجلِ”.
ولا بأس أن ينظر المرء إلى شخصية من يريد تكريمه وإثابته فيثيبه بحسب نمط شخصيته وفق ما يقول خبراء التربية من أن الناس أنماط منهم من هو سمعي فيكون تحفيزه بالثناء والمدح والشكر. ومنهم من هو بصري قد تؤثر فيه الوردة وشهادة التقدير ونحو ذلك ومنهم من هو حسي مادي فيثاب بما يناسب نمط شخصيته ولكن إغفال أسلوب الثناء في البيت او في المدرسة أو في العمل عمل خاطئ وآثاره سلبية.