عندما تدّعي العاهرة الشرف.. أميركا خير مثال على ذلك
الإعلامي أحمد حازم
توجد دعايات لنوع من مادة غسيل الشعر (شامبو) تقول عن المادة (3*1) أي انها تعالج ثلاث حالات في وقت واحد. وأنا في مقالي هذا استخدم طريقة (2*1) أي اني أعالج موضوعين في مقال واحد: نتنياهو وأمريكا. قبل أحداث السابع من أكتوبر الماضي كان نتنياهو الذي يحلو لبعض المعجبين بمراوغاته السياسية إطلاق اسم “بيبي” عليه، يتمتع بثلاث صفات لدى جمهوره:
أولها، سيد الأمن وثانيها ملك إسرائيل، اما الصفة الثالثة فهي الساحر. لكن أحوال هذا (الملك الساحر السيد) قد تغيرت كليا لأنَّ هذه الصفات ابتعدت عنه منذ عملية طوفان الأقصى. وهو لم يعد ملكا بالمعنى السياسي. مع مرور الوقت أصبحت صفة الكذب ملتصقة بشخصية نتنياهو بعد أن كانت تُطلق عليه صفات اعجاب في إطار الانبهار بشخصيته وقوة تأثيرها على الجمهور الإسرائيلي وأيضا في الولايات المتحدة الأميركية.
الاستطلاعات تؤكد أنّ شعبية نتنياهو في تراجع كبير. وتشير نتائج استطلاع للرأي العام في البلاد أعده معهد “كانتر” إلى تراجع كبير في شعبية حزب الليكود الحاكم. ويظهر الاستطلاع كذلك أن ثلثي المستطلعة آراؤهم يعتبرون أداء نتنياهو لمهامه خلال الحرب غير جيد.
اسمعوا ما قاله الأديب الإسرائيلي ديفيد غروسمان عن شخصية نتنياهو: “إن الإسرائيليين يتمنون لأنفسهم رئيس حكومة، وليس ساحرًا، بل زعيمًا يتعامل ببساطة مع شؤون الدولة، ويبذل قصارى جهده لمداواة جروحها، ويتمنون حياة صافية يفتقدونها في إسرائيل، ويتمنون الكثير من الأمنيات والأحلام، من بينها أن يكون لهم رئيس حكومة لا يبذر روحًا شريرة بينهم، بل يبذل قصارى جهده لمداواة جروحهم، ولكن منذ 12 عامًا، يواصل نتنياهو بذر هذه الروح الشريرة، ما أنتج دولة منقسمة وخاسرة لا تثق بقيادتها ونفسها”.
نتنياهو يعتمد بشكل أساسي على أميركا في حربه على غزة والتي فتحت له خزائنها المالية ومستودعاتها من السلاح وأيضا دعمها السياسي والمعنوي في الأمم المتحدة. ورغم كل ذلك تدّعي الولايات المتحدة بأنها شريك نزيه في عملية السلام. والأنكى من ذلك، لا تزال تتشدق بأنها مع حل الدولتين. طبعا هذا نفاق وعهر سياسي. ولو كانت أميركا جادة فعلا في حل الدولتين لما استخدمت حق الفيتو ضد قبول دولة فلسطين كعضو دائم في الأمم المتحدة ولما استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي عشرات المرات ضد أي قرار أو حتى بيان يدين السلوك الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين.
فضيلة الشيخ كمال خطيب على حق فيما ورد في منشور له: “أكبر كـذبة وأحـقر وصف أن تقول أمريكا عن نفسها وأن يقول عنها غيرها إنها تؤدي دور الوسيط بين إسـرائيل وبين الفلسطيـنيين في غـزة، أمريكا غارقة في دماء شعبنا وتدّعي الوساطة، أمريكا تمد إسـرائيل بالطائرات والصواريخ تـقـتل بها شعبنا وتدعي الإنسانية، أمريكا عاهـرة وتدعي الشرف”.
يقول محلل عربي: “يجب التأكيد على أنّ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، كانت وما زالت وستبقى رأس الأفعى، ورأس حربة أعداء الأمّة العربيّة من محيطها إلى خليجها، ودعمها غيرُ المسبوق لإسرائيل في الحرب على قطاع غزّة، أكبر دليلٍ على موقفها ضدّ قضية فلسطين”. الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل غير مرتبط بحكم حزب معين لأن كافة الإدارات الامريكية جمهورية كانت أم ديمقراطية، لا تختلف في نهجها تجاه إسرائيل، وتعتبرها كأنها موضوعا محليا يناقش داخل الكونجرس وداخل البيت الأبيض ومراكز صنع القرار. والأمر المعيب أنَّ هذا التوجه الداعم للكيان الإسرائيلي -بحسب أحد المتنفذين في الإدارة الامريكية- يتم شرحه بالتفصيل الممل لكل زعيم عربي يزور واشنطن منذ سنين طويلة.
نفاق الولايات المتحدة ظهر بصورة واضحة خلال الزيارة الاخيرة التي قام بها نتنياهو لواشنطن وبالتحديد خلا إلقاء خطابه في الكونغرس وهي المرة الرابعة التي يلقي فيها خطابا في الكونغرس منذ فترات توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ليكون السياسي الأكثر حفاوة في الكونغرس بعد ونستون تشرشل الذي خاطب الكونغرس ثلاث مرات. والفرق أيضا بين بيبي وتشرشل أن بيبي حصل على تصفيق 45 مرة خلال 56 دقيقة بمعدل تصفيق في كل دقيقة و24 ثانية، بينما حصل تشرشل على مرات قليلة من التصفيق. نفاق لا مثيل له.
نتنياهو الذي أصدر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان طلب استصدار مذكرة اعتقال من المحكمة بحقه، بتهمة تورطه في جرائم حرب في غزة، وجد فرصة ملائمة جدا له على مسرح الكونغريس ليتحدث بأسلوب التضليل المؤثر خصوصا انه يتحدث امام كونغرس الكثير من أعضائه يملكون نزعات صهيونية لا تقل تطرفا وعنصرية عن نتنياهو.
أكبر كذبة اوردها نتنياهو هي قوله (لم نقتل مدنيين) عدا عن اكذوبة الاغتصاب وقطع الرؤوس في السابع من اكتوبر والتي نفتها لاحقا الشرطة الاسرائيلية نفسها في تحقيق مستقل نفى الرواية.