أخبار رئيسيةالضفة وغزةعرب ودولي

مجلس الأمن والحرب على غزة: 40 اجتماعًا وقائمة مشاريع وقرارات بلا تأثير

يعقد مجلس الأمن في نيويورك، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً مفتوحاً حول تطورات الوضع في غزة بطلب من الجزائر. ومع عقد اجتماع الثلاثاء، سيكون مجلس الأمن قد عقد منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قرابة أربعين اجتماعاً رسمياً أغلبيتها مفتوحة، باستثناء واحد تركز على فلسطين وغزة، بالإضافة إلى ثمانية اجتماعات أخرى تأثرت بالوضع في غزة وتعلقت باليمن وايران، فضلاً عن اجتماعات إضافية كان فيها تركيز على غزة، وإن لم تعقد فقط حولها، بما فيها تلك التي تتعلق بالأطفال والنزاعات المسلحة وغيرها.

وتمحورت الأغلبية من الاجتماعات حول فلسطين منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي شملت عشرة اجتماعات دورية تعقد مرة بالشهر حول الوضع في غزة، بما فيها الإنساني والميداني، باستثناء واحد للنقاش والتصويت على طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وعقدت على الأقل أربعة اجتماعات منها على مستوى وزراء الخارجية. وتبنى مجلس الأمن خلال هذه الفترة أربعة قرارات حول غزة تتمحور حول تقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن والدعوة إلى هدنة أو وقف أطلاق نار إنساني.

واستخدمت الولايات المتحدة خلال هذه الفترة، في أقل من سنة، “الفيتو” خمس مرات لحماية إسرائيل، منها ثلاث مرات ضد مشاريع قرارات تطالب بالهدنة ومرة ضد تعديل روسي شفوي على أحد القرارات قبل تبنيه، والمرة الخامسة ضد عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة. كذلك ضغطت الولايات المتحدة على العديد من الدول للحيلولة دون تصويتها لصالح عدد من القرارات الأخرى التي قُدِّمَت ولم تحصل عدد الأصوات اللازم لتبنيها. واستخدمت روسيا والصين الفيتو في أكثر من مرة ضد مشاريع قرار أميركية منحازة لإسرائيل وتهدف إلى حمايتها.

ويرى مراقبون أن الاجتماعات المختلفة، حتى تلك التي لا يصدر عنها قرارات، تشكل ورقة ضغط مهمة على الولايات المتحدة وإسرائيل وتبقي الموضوع حيز التداول في الإعلام، الغربي تحديداً. كما تظهر المعايير المزدوجة لمواقف الولايات المتحدة ودول غربية مقارنة بمواقفها حول أوكرانيا. وعلى الرغم من الاستقطاب داخل مجلس الأمن، إلا أنه تمكن من تبني عدد من القرارات، لكن تنفيذها يبقى رهينة الحماية الأميركية لإسرائيل، حيث تستمر في تقديم الأسلحة والدعم اللوجستي لها على الأرض. كذلك تظهر الاجتماعات المختلفة التطور الذي حدث في مواقف الدول، وخصوصاً الغربية حتى الآن.

أبرز الاجتماعات والقرارات في مجلس الأمن منذ 7 أكتوبر
عُقد أول اجتماع رسمي ومفتوح في مجلس الأمن بعد بدء الحرب على غزة في 16 أكتوبر/تشرين الأول، وصوت فيه المجلس على مسودة مشروع قرار قدمته روسيا يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري ولأسباب إنسانية. وأدان المشروع الروسي “بشدة كل أشكال العنف والأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين وكل أعمال الإرهاب”.

ودعا مشروع القرار الروسي “إلى الإفراج عن كل الرهائن وتوفير وتوزيع المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك الغذاء والوقود والعلاج الطبي”. وحصل المشروع الروسي على تأييد خمس دول، روسيا والصين والغابون وموزمبيق والإمارات، ما حال دون تبنيه حيث يحتاج أي مشروع قرار لتأييد تسعة أصوات شرط ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين وروسيا) الفيتو ضده.

وصوتت فرنسا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضده، وامتنعت ست دول عن التصويت، وهي ألبانيا ومالطا وسويسرا والبرازيل والإكوادور وغانا. وادعت الولايات المتحدة، ودول غربية أخرى، أنها صوتت ضد المشروع لأنه لم يدن أو يذكر حركة حماس بالاسم كما حمّلتها المسؤولية عن الأزمة الإنسانية التي بدأت تظهر في غزة.

أول فيتو أميركي على الرغم من إدانة حركة حركة حماس
ولكن بعدها بيومين، أي في الـ18 من أكتوبر/تشرين الأول، عقد مجلس الأمن اجتماعين، استمع في الأول إلى الوضع الإنساني والميداني، فيما صوت في الاجتماع الثاني على مشروع قرار برازيلي استخدمت الولايات المتحدة ضده أول فيتو منذ السابع من أكتوبر وأفشلته. وحصل مشروع القرار البرازيلي على تأييد 12 دولة، بما فيها دول غربية كفرنسا، وامتناع كل من المملكة المتحدة وروسيا عن التصويت.

ومن اللافت في مشروع القرار البرازيلي أنه لم يطالب بوقف إطلاق نار إنساني شامل، بل دعا “إلى فترات هدنة إنسانية” وإطلاق سراح الرهائن. ولعل البند الأهم الذي طالما ادعت الولايات المتحدة أن المجلس فشل بالقيام به هو إدانة مشروع القرار وبعبارة صريحة لحركة حماس وعملية طوفان الأقصى التي شنتها الحركة على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتسمية حماس بالاسم. وعللت الولايات المتحدة استخدامها للفيتو، على لسان مندوبتها ليندا توماس غرينفيلد بأن القرار “لا ينص بشكل صريح على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وصل إلى تل أبيب في اليوم نفسه، كذلك جاء الفيتو عشية مجزرة مستشفى الأهلي في غزة واستهداف إسرائيل له.

استمرار “الفيتوهات” بما فيها الروسية والصينية
كان أبرز الاجتماعات الأخرى في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث صوت مجلس الأمن على مشروعي قرار، واحد أميركي، والثاني روسي. واستخدمت روسيا والصين الفيتو ضد المشروع الأميركي الذي ركز بشكل كبير على إدانة حركة حماس وتحميلها المسؤولية عما يحدث بغزة، وكان منحازاً بشكل كبير ضد الفلسطينيين ولم يطالب بوقف إطلاق النار، بل تحدث فقط عن “هدن” ولم يأتِ على ذكر المجازر الإسرائيلية أو تحميلها المسؤولية عن مقتل المدنيين.

حصل المشروع الأميركي على تأييد عشر دول وفيتو مزدوج روسي وصيني، وصوتت الإمارات ضده، وامتنعت كل من البرازيل وموزمبيق عن التصويت. فيما حصلت المسودة الروسية المضادة على تأييد أربع دول فقط، وهي روسيا والصين والغابون والإمارات، وامتنعت تسع دول عن التصويت، وصوتت المملكة المتحدة والولايات المتحدة ضدها. ومارست الولايات المتحدة الكثير من الضغوط على الدول الأعضاء كي تمتنع عن التصويت، وهو ما كان لها.

أول قرار يتبناه مجلس الأمن حول غزة
تمكن مجلس الأمن لأول مرة في الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من تبني القرار 2712 (2023) حول غزة بأغلبية 12 صوتًا وامتناع روسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن التصويت. ومن أبرز ما جاء فيه دعوته “إلى إقامة هدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات ممددة في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كافٍ من الأيام لتمكين الوكالات الإنسانية (…) من الوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق لتقديم المساعدات الإنسانية”، لكن تنفيذ القرار بقي حبراً على ورق واستمرت إسرائيل بخروقاتها للقانون الدولي.

وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، عقد مجلس الأمن اجتماعين: الأول بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في خطوة نادرة بعد تفعيل غوتيريس للمادة الـ 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة منذ توليه منصبه عام 2017. وفي مداخلته في تلك الجلسة قال غوتيريس إنه فعّل المادة “لأننا وصلنا إلى نقطة الانهيار. هناك خطر كبير من حدوث انهيار كامل لمنظومة الدعم الإنساني في غزة… ونتوقع أن يؤدي ذلك إلى انهيار كامل للنظام العام وزيادة الضغط باتجاه نزوح جماعي إلى مصر. أخشى أن تكون العواقب مدمرة على أمن المنطقة برمتها”.

وفي اليوم نفسه، وفي جلسة لاحقة، استخدمت الولايات المتحدة ثاني فيتو لها ضد مشروع قرار إماراتي طالب بوقف إطلاق نار فوري لأسباب إنسانية في قطاع غزة. وحصل القرار على تأييد 13 دولة، ودعم ورعاية مئة دولة على الأقل لنصه، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت، ولكن أفشل الفيتو الأميركي تبنيه.

وفي 22 من ديسمبر/كانون الأول الفائت، تمكن مجلس الأمن من تبني ثاني قرار حول غزة، وهو القرار 2720 (2023)، الذي حصل على تأييد 13 دولة وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت. ومن أبرز ما جاء فيه مطالبة الأمين العام بتعيين “كبير المنسقين للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة”، وتم بموجبه تعيين السياسية الهولندية سيغريد كاغ لهذا المنصب، ومن ضمن مهماتها، بحسب القرار، “تسهيل وتنسيق ومراقبة والتحقق من الطبيعة الإنسانية لجميع شحنات الإغاثة الإنسانية المقدمة من خلال دول ليست أطرافًا في النزاع في غزة”. ومن اللافت أن الولايات المتحدة وفي الجلسة نفسها وقبل التصويت على نص القرار الذي جرى تبنيه استخدمت الفيتو على تعديل شفوي طالبت به روسيا على المسودة قبل التصويت. وحصل التعديل الروسي على تأييد 10 دول (يحتاج تسعة دون فيتو) وامتناع أربع دول وفيتو أميركي. ودعا التعديل الروسي إلى “تعليق الأعمال العدائية للسماح بدخول المساعدات واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية”. وعلى الرغم من إنشاء الآلية والمنصب الجديد، إلا أن إسرائيل استمرت بإعاقة دخول الكمية والنوعية الكافية من المساعدات، واستمرت باستهداف الأعيان المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس والعاملون في المجال الإنساني.

وفي العشرين من شباط/ فبراير الفائت، أفشلت الولايات المتحدة للمرة الثالثة، منذ أحداث أكتوبر/تشرين الأول الفائت، تبني مجلس الأمن لمشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار الإنساني، قدمته هذه المرة الجزائر، التي خلفت الأمارات في عضوية مجلس الأمن. وحصل على تأييد 13 دولة وامتناع المملكة المتحدة، وفيتو أميركي. وبعد ذلك بأيام، في الـ 29 من الشهر نفسه، دقت منظمات إنسانية ناقوس الخطر من شبح المجاعة الذي بدأ يلوح في غزة ومن استخدام التجويع أداة حرب.

وفي الـ25 مارس/آذار الفائت، تمكن مجلس الأمن من تبني القرار 2728 (2024) بأغلبية 14 صوتًا، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، وطالب القرار بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان يحترمه الجميع، ما يؤدي “إلى وقف إطلاق نار دائم ومستدام”. ومن اللافت للانتباه تصريح السفيرة الأميركية آنذاك وبعد التصويت، التي وصفت فيها القرار بأنه “غير ملزم”، في خطوة نادرة استهجنتها الكثير من الدول، لأن قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونياً، على عكس الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر قراراتها توصيات. ولم تلتزم إسرائيل بالقرار الذي صاغته الدول العشر في مجلس الأمن غير دائمة العضوية.

وقبلها بأيام (في الـ22 من مارس/آذار الفائت)، صوت المجلس على مشروع قرار أميركي منحاز حول غزة، صوتت الجزائر ضده، واستخدمت روسيا والصين الفيتو وامتنعت غانا عن التصويت. وفي إبريل/نيسان الفائت، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو مجدداً ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بتأييد مساعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وحصل المشروع على تأييد 12 دولة، وفيتو أميركي، وامتناع بريطاني سويسري.

اعتماد قرار رابع حول الهدنة
وفي العاشر من يونيو/حزيران الفائت، اعتمد مجلس الأمن القرار 2735 (2024)، بأغلبية 14 صوتًا وامتناع روسيا عن التصويت. ورحب المجلس باقتراح وقف إطلاق النار الأميركي في غزة والذي شمل ثلاث مراحل: بداية “وقف إطلاق نار فوري وشامل مع إطلاق سراح رهائن؛ وإعادة رفات بعض الرهائن الذين قُتلوا؛ وتبادل أسرى فلسطينيين؛ وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة؛ وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى ديارهم؛ وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة”.

أما المرحلة الثانية فتتضمن “وقفاً دائماً للأعمال العدائية في مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من المنطقة”. والمرحلة الثالثة نصت على “بداية تنفيذ خطة إعادة اعمار غزة تستغرق عدة سنوات وإعادة رفات أي رهائن متوفين ما زالوا في القطاع”. ومنذ ذلك الحين لم يُنفَّذ أي من بنوده، كذلك انتقدت الكثير من الدول حقيقة أن المجلس يطلب منه التصويت على مقترح لم توضَع تفاصيله، وكانت إسرائيل قد أعلنت في أكثر من مناسبة أنها غير ملتزمة به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى